القناعات السلبية وآثارها المدمرة
سأبدأ هذا المقال بهذه القصة والتي تحمل الكثير من الدلالات حول هذا الموضوع
في إحدى الجامعات الكولومبية حضر أحد الطلاب محاضرة في مادة الرياضيات ولظروف لا نعلمها توجه إلى آخر القاعة ونام بهدوء، وفي نهاية المحاضرة استيقظ هذا الطالب على أصوات الطلبة وصخبهم بعد المحاضرة، نظر إلى السبورة فوجد الدكتور قد كتب عليها مسألتين، فنقلهما بسرعه وخرج من القاعة.
وعندما رجع إلى البيت بدأ يفكر في حل هاتين المسألتين وقد وجدهما في غاية الصعوبة فذهب إلى مكتبة الجامعة واستعار بعض المراجع التي رأى أنه يمكن أن تساعده في الحل، وكان له ما أراد، فقد استطاع بعد أربعة أيام من التفكير والبحث والمراجعة حل المسالة الأولى، وقد كان ناقماً على الدكتور الذي أعطاهم ذلك الواجب الصعب - في ظنه.
وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة لم يطلب الدكتور منهم الواجب فأثار ذلك استغرابه، فذهب إلى الدكتور وقال له: يا دكتور لقد أعطيتنا واجب بالغ الصعوبة وقد استغرقت في حل المسالة الأولى أربعة أيام وحللتها في ثمان صفحات.
تعجب الدكتور! وقال: لكنني لم أعطيكم أي واجب.
قال الطالب: والمسألتان اللتان كتبتهما على السبورة؟
قال الدكتور: لقد كانت أمثلة كتبتها للطلاب للمسائل التي عجز العلم عن حلها.
إن هذه القناعة لدى الدكتور والعلماء من قبله جعلتهم لا يفكرون أو حتى يحاولون في حل تلك المسائل لمجرد أن شخص ما قال أن هذه المسائل لا حل لها.
الطالب ومن حسن حظه لم تغزو هذه القناعة دماغه وكان من رحمة الله أنه كان نائماً عندما كان الدكتور يغرس هذه القناعة في عقول زملاؤه الطلاب، وهذا ما مكنه من حل إحدى المسائل.
إن القناعات السلبية التي تغرس في أدمغتنا صباح مساء تخلق مثل هذه القناعة مما يجعل من آثارها مدمرة على الأفراد والمجتمعات، وذلك من خلال خلق واقع لا يمت إلى الحقيقة بصلة عن طريق غرس مثل هذه القناعات السلبية.
إن غرس قناعات مثل أن مادة الرياضيات أوالعلوم أوالنحو، أو حتى عمل جسر أو حفر بئر أو تسلق جبل هو ما يجعل الأمر يبدو أكثر صعوبة ويشل من قدرة التفكير ويقتل عمليةالبحث.
لاشك أن هناك بعض الأمور تحتاج إلى مزيد من الجهد والبحث والتفكير تختلف عن البعض الآخر التي لا تحتاج إلا إلى حافظ ليحفظ السطور دون أن يعي ما بين السطور، والصعوبة ليس لها علاقة بالاستحالة، فما من صعب أمام القدرات التي خلقها الله في هذا الجسم البشري إذا ما تم استخدامها الاستخدام الصحيح.