×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رحم الله فقيد وزارة النقل والوطن

سعيد معيض
بواسطة : سعيد معيض
بينما كان الكثيرون منهمكون في بداية اسبوع عمل جديد ظهيرة يوم الاحد 6 محرم 1440هجرية , جاء الخبر – الفاجعة – بوفاة المهندس محمد بن عبدالله آل معيض الشهري - وكيل وزارة النقل للتشغيل والصيانة سابقا- اثر ازمة قلبية في منزلة بمدينة الرياض. كان الخبر محزنا واليما ومفاجئا على جميع أهله واقاربه واصدقائه وزملائه ومحبيه لا سيما أنه لم يكن يعاني ظاهريا من أي مرض, لكن ليس امامنا الا التسليم والرضى بقضاء الله وقدره , وبما كتبه الله تعالى على خلقه, ولا نقول الا ما يرضي ربنا , وإنا بفراقك يا محمد لمحزونون.
لموت فقيدنا , أخي وشقيقي المهندس محمد بن معيض , ذرفت العيون , وسالت الدموع على الوجنات , وخيم الحزن على قلوب ووجدان ذويه واصدقائه وزملائه في جميع أنحاء المملكة , لما تميز به الفقيد من تواضع جم مع الكبير والصغير , وما عرف عنه في عمله وفي حياته من اخلاص منقطع النظير , وكفائه عالية في عمله, وتفاني في أداء مسؤولياته.
"المهندس محمد الشهري" رحمه الله , وهو الاسم المشهور به بين زملائه في وزارة النقل , انسان عصامي شق طريقه في ميدان العلم والشرف وخدمة الوطن منذ صغره حتى وصل الى منصب رفيع في الدولة وهو منصب الوكيل المساعد للتشغيل والصيانة في وزارة النقل, فقد ولد الفقيد في محافظة تنومة عام 1378هجرية , وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدرسة سبت تنومة , واجتازها بتفوق رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية في ذلك الوقت حيث كان المجتمع في تنومة مجتمع قروي في الغالب يعتمد على الزراعة وتربية المواشي في توفير لقمة العيش , لكنه بتوفيق من الله نجح في المضي قدما بما وهبه الله من موهبة فذة , وهمة عالية , وتغلب على الصعاب وأهمها التوفيق بين دراسته ومساعدة أسرته في اعمالها , في حين كان كثير من الطلاب في تلك الفترة يتركون اكمال دراستهم نظرا لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية ويلتحقون بالوظائف الحكومية في القطاع العسكري والمدني لا سيما أن التوظيف متاح بسهولة في تلك الفترة.
بعد ذلك التحق بالمرحلة الثانوية في محافظة النماص وتخرج من القسم العلمي منها , ثم توجه بعد ذلك الى مدينة الرياض وسجل في قسم الهندسة بجامعة الملك سعود , ومنها تخرج كمهندس مدني ليلتحق بوزارة المواصلات التي عدل اسمها لاحقا الى وزارة النقل , وفي هذه الوزارة كان له قصة نجاح أخرى امتدت لأكثر من35 عاما في ردهات الوزارة عنوانها الاخلاص في العمل , وتسخير جهده وطاقته وعلمه وتفكيره لعمله في الوزارة , حيث تدرج المهندس محمد الشهري رحمه الله في الوزارة , ونال المناصب والترقيات حتى وصل الى منصب وكيل وزارة النقل المساعد لشؤون الصيانة والتشغيل قبل ان يتقاعد منتصف عام 1438هجرية بعد خدمة قاربت 35 عاما من البذل والعطاء , وخلال هذه المدة الطويلة في العمل فرض نفسه بين موظفي الوزارة , وكسب ثقة الوزراء وكبار المسؤولين والموظفين , كما احترمته وهابته شركات المقاولات لما تميز به من نزاهته وجديه ومتابعه لخدمة الوطن والمواطن .
المهندس محمد الشهري رحمه الله كان مثال للإخلاص والنزاهة بشهادة زملائه في وزارة النقل فقد كان يحب ان ينجز أعمال كل يوم بيومه حتى لو تأخر بعد انتهاء الدوام الرسمي لساعات في الوزارة وقد تمتد احيانا الى المساء من أجل إنجاز عمله , وفي وزارة النقل صاغ وشارك بوضع نماذج وإجراءات دقيقة في التعاقد والعمل والمتابعة لا زال منسوبي الوزارة ينتهجونها حتى الان , اما في مجال النزاهة فقد كان معروفا لكل شركات المقاولات مع الوزارة فلا مجال في قاموسه للرشوة أو الفساد أو تفضيل شركة على أخرى خارج النظام , ويكفي شهادة على نزاهته أنه توفي رحمه الله وهو لا يملك إلا منزلا واحدا له ولأسرته في حي المنصورة بالرياض.
في عزاء المهندس محمد بن معيض الشهري رحمه الله في منزله بالرياض قدم للعزاء وزراء ومسؤولين كبارا وموظفين ومواطنين ومقيمين من مختلف المستويات والطبقات الاجتماعية , وأجمع الحضور على أن الفقيد فقيدا للوطن بما قدمه من عطاء كبير خصوصا عبر وزارة النقل التي أمضى فيها أكثر من نصف عمره بكل تفان وإخلاص , ولهذا فهو فقيد لوزارة النقل على وجه الخصوص التي تعتبر من أهم الوزارات التي أنشئت لخدمة الوطن والمواطن.
وفي عزائه عبر الجميع عن حزنهم وتعازيهم في الفقيد , وقد كنا نظن أننا الأكثر حزنا وألما على فراق الفقيد بحكم القربى لكننا وجدنا من كان مثلنا وربما أكثر منا الما وحزنا على فراقه , فهناك من يبكي ومن يسترجع الذكريات , ومن هذه المشاهد أحد زملاء الفقيد من منطقة القصيم والذي اصيب بجلطة وأصر على الحضور شخصيا للعزاء من القصيم الى الرياض رغم ظروفه الصحية , لما للفقيد من مكانة لديه لا سيما أن الفقيد زاره قبل اسبوع على وفاته في منزله بمنطقة القصيم للسلام عليه , وامام المنزل قدم تعازيه , وعيناه تجهش بالبكاء فتأثر الجميع بهذا الموقف الذي تجلت فيه معالم الانسانية والوفاء.
في هذا الموقف المحزن والمصاب الجلل نسأل الله أن يربط على قلب والدته التي لازالت تسكب العبرات كلما تذكرته , وأن يلهمها ويلهم جميع ذويه وأقاربه ومحبيه الصبر والسلوان , وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته , إنه سميع مجيب
بواسطة : سعيد معيض
 0  0  4446