التربية بين جيلين: كيف كنا وكيف اصبحوا؟؟
بنظرة بسيطة ودون تكلف عندما نقارن ما نشأنا عليه بما نشأ عليه ابناؤنا نرى فروقات هائلة في الفعل وردود الفعل ، في الأساليب والطرق وفي النتائج المترتبة عليها .
نشأنا ومن واقع تجربة شخصية على يد رجال وسيدات اشداء شكلتهم الحياة تشكيلاً قاسياً نتيجة المجاهدة والركض في فلوات البحث عن الرزق والسعي وراء الفضائل والخوف والهرب من العيب .
لم ترحمهم ظروف العيش الصعب ولم يرحمهم اطار المجتمع المحيط الذي يؤاخذ على شبهة الزلة قبل ان تقع ، كانت سطوة المجتمع تطغى على حياة الأسر وتأخذ من دورها فالجميع ولي أمر والجميع يربي يأمر وينهى ويوبخ ويعاقب .
كان الجميع يتشارك في ممارسة القسوة والرقابة والجميع يقع تحت قسوتها او رحمتها سواء بسواء .
عندما اتحدث عن اسرتي فأنا اتحدث عن كل بيت لأن الحياة كانت متشابهة لا تختلف الا اختلافات بسيطةوثانوية لكن الخطوط العريضة واحده .
الأبناء والبنات كانوا يخرجون باكراً لواقع الحياة الصعب ويتركون الدلال والحنان من وقت مبكر فوظائف المنزل والاسرة وما يحيط بها موزعة وفق عرف غير مكتوب على الصغار والكبار سواء بسواء .
الأب يتولى الزراعة وحراثة الأرض وسقيها وشد الحمول على البهائم والأم تتولى الطبخ وسقيا الماء وجلب الحطب والعلف للدواب .
رعي الأغنام والأبقار عادة يتوزعه الأبناء والبنات وقد تتشارك الأسرة كاملة في بعض الاعمال الموسمية التي يجب إنجازها في وقت قياسي مثل موسم الحصاد ( الصرام والدويس وتخزين الحبوب والتبن ) .
الجري بلا توقف لملاحقة متطلبات لقمة العيش تجعل الترفية وابداء الليونة للأبناء وتدليلهم تذهب الى هامش صغير بعيد من هوامش الحياة .
هذه حياة سكان القرى يقابلها حياة سكان البوادي وحياة سكان قرى السواحل ومدنها من صيادي السمك والمترزقين على ما يخرجه البحر من خيرات ، قد لا تقل حياة هؤلاء او أولئك في قسوتها عما كان يعانيه اهل القرى .
بدأت هذه الصورة الداكنة نوعا ما تتغير مع مضي الزمن ، فمع المد الحضاري الطاغي تحولت حياة الناس من الحرف والمهن الى الوظائف العامة والخاصة ، وتغير حال الأطفال من السباق في اتقان مهارة حياتية او مهنة للأب او الأم وراثة عنهما الى السباق في التفوق والتحصيل الدراسي .
اخذت المدارس والمقار الحكومية تجتذب افراد المجتمع صغاراً وكبارا نحو أهدافها المرسومة لها ، بدأت مظاهر الحياة القديمة تنسحب في صمت واستحياء امام التقدم الحضاري وما واكبه من تغيرات اجتماعية وتربوية .
أشجار اثمرت لم تعد تجد من يقطفها وزروع اينعت لم يحصدها أصحابها وان فعلوا فربما لا يعاودون الكرة من العام القادم بالزراعة . الدواب باتت عبئا على ملاكها تم بيع ما امكن بيعه وربما سُرٍحت بعض المواشي واطلق لها العنان لتذهب حيث تشاء .
تغيرت التركيبة الاجتماعية وتغيرت حدية العيوب وحدة السيطرة الاجتماعية على افراد المجتمع ودخلت للمنازل وسائل ترفيه أحاطت الجيل الجديد بطبقة من الدلال والترف لم يحظ بها من سبقهم بل لم يحلموا بمثلها .
تغيرت المعادلة داخل المنازل فالأبناء والبنات تحولوا من رافد للمعيشة ومعين على بعض وظائف المنزل الى فئة مستهلكة متطلبة لكثير من الموارد لسنوات طويلة قد تنتهي بتوظيفهم واستغنائهم عن دعم الاسرة .
بات جيل الامس الذي رضع مشاق الحياة مع حليب امهاتهم مطالبين بالرضوخ لسيل جرار من نصائح المرشدين الاجتماعيين لتحديث طريقة تربيتهم للجيل القادم بعيداً عن ثقافة الامس التي تمجد الصلابة وتحميل الأطفال من الأعباء ما يقصم الظهر . بتنا بين صرامة جيل سابق نتحسر عليها مغفلين ظروف تلك القسوة وتداعياتها السلبية وبين تساهل تربية حديثة تدافع باستماتة عن التوازن النفسي للطفل واهمية الا يكسر له خاطر ولا يمس له جانب.
هنالك مقولة يقال انها لأفلاطون مفادها " لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم ، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"
نشأنا ومن واقع تجربة شخصية على يد رجال وسيدات اشداء شكلتهم الحياة تشكيلاً قاسياً نتيجة المجاهدة والركض في فلوات البحث عن الرزق والسعي وراء الفضائل والخوف والهرب من العيب .
لم ترحمهم ظروف العيش الصعب ولم يرحمهم اطار المجتمع المحيط الذي يؤاخذ على شبهة الزلة قبل ان تقع ، كانت سطوة المجتمع تطغى على حياة الأسر وتأخذ من دورها فالجميع ولي أمر والجميع يربي يأمر وينهى ويوبخ ويعاقب .
كان الجميع يتشارك في ممارسة القسوة والرقابة والجميع يقع تحت قسوتها او رحمتها سواء بسواء .
عندما اتحدث عن اسرتي فأنا اتحدث عن كل بيت لأن الحياة كانت متشابهة لا تختلف الا اختلافات بسيطةوثانوية لكن الخطوط العريضة واحده .
الأبناء والبنات كانوا يخرجون باكراً لواقع الحياة الصعب ويتركون الدلال والحنان من وقت مبكر فوظائف المنزل والاسرة وما يحيط بها موزعة وفق عرف غير مكتوب على الصغار والكبار سواء بسواء .
الأب يتولى الزراعة وحراثة الأرض وسقيها وشد الحمول على البهائم والأم تتولى الطبخ وسقيا الماء وجلب الحطب والعلف للدواب .
رعي الأغنام والأبقار عادة يتوزعه الأبناء والبنات وقد تتشارك الأسرة كاملة في بعض الاعمال الموسمية التي يجب إنجازها في وقت قياسي مثل موسم الحصاد ( الصرام والدويس وتخزين الحبوب والتبن ) .
الجري بلا توقف لملاحقة متطلبات لقمة العيش تجعل الترفية وابداء الليونة للأبناء وتدليلهم تذهب الى هامش صغير بعيد من هوامش الحياة .
هذه حياة سكان القرى يقابلها حياة سكان البوادي وحياة سكان قرى السواحل ومدنها من صيادي السمك والمترزقين على ما يخرجه البحر من خيرات ، قد لا تقل حياة هؤلاء او أولئك في قسوتها عما كان يعانيه اهل القرى .
بدأت هذه الصورة الداكنة نوعا ما تتغير مع مضي الزمن ، فمع المد الحضاري الطاغي تحولت حياة الناس من الحرف والمهن الى الوظائف العامة والخاصة ، وتغير حال الأطفال من السباق في اتقان مهارة حياتية او مهنة للأب او الأم وراثة عنهما الى السباق في التفوق والتحصيل الدراسي .
اخذت المدارس والمقار الحكومية تجتذب افراد المجتمع صغاراً وكبارا نحو أهدافها المرسومة لها ، بدأت مظاهر الحياة القديمة تنسحب في صمت واستحياء امام التقدم الحضاري وما واكبه من تغيرات اجتماعية وتربوية .
أشجار اثمرت لم تعد تجد من يقطفها وزروع اينعت لم يحصدها أصحابها وان فعلوا فربما لا يعاودون الكرة من العام القادم بالزراعة . الدواب باتت عبئا على ملاكها تم بيع ما امكن بيعه وربما سُرٍحت بعض المواشي واطلق لها العنان لتذهب حيث تشاء .
تغيرت التركيبة الاجتماعية وتغيرت حدية العيوب وحدة السيطرة الاجتماعية على افراد المجتمع ودخلت للمنازل وسائل ترفيه أحاطت الجيل الجديد بطبقة من الدلال والترف لم يحظ بها من سبقهم بل لم يحلموا بمثلها .
تغيرت المعادلة داخل المنازل فالأبناء والبنات تحولوا من رافد للمعيشة ومعين على بعض وظائف المنزل الى فئة مستهلكة متطلبة لكثير من الموارد لسنوات طويلة قد تنتهي بتوظيفهم واستغنائهم عن دعم الاسرة .
بات جيل الامس الذي رضع مشاق الحياة مع حليب امهاتهم مطالبين بالرضوخ لسيل جرار من نصائح المرشدين الاجتماعيين لتحديث طريقة تربيتهم للجيل القادم بعيداً عن ثقافة الامس التي تمجد الصلابة وتحميل الأطفال من الأعباء ما يقصم الظهر . بتنا بين صرامة جيل سابق نتحسر عليها مغفلين ظروف تلك القسوة وتداعياتها السلبية وبين تساهل تربية حديثة تدافع باستماتة عن التوازن النفسي للطفل واهمية الا يكسر له خاطر ولا يمس له جانب.
هنالك مقولة يقال انها لأفلاطون مفادها " لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم ، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"