×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

توحيد الخطبة يا وزارة الأوقاف !

يتفاوت اجتهاد الخطباء على المنابر في صلاة الجمعة، فمنهم المجتهد المصيب الذي يظل يبحث طوال الأسبوع عن الخطبة التي تلامس الواقع، وتفي بالغرض المقصود من صلاة الجمعة، هذا الصنف قليل نادر، يجمع بين الوضوح في العبارة، وقوة الحجة، ولديه الفصاحة والبيان، مع الفقه في الدين، وحسن المنطق.
وصنف آخر يبذل جهده، لكنه لا يوفق للمقصود، فالخطبة في واد، وحاجات المجتمع في وادٍ آخر، وقد تتناول الخطبة موضوعات ليس منها نفع لا من قريب ولا من بعيد، قد تطول الخطبة التطويل المُمِل، وقد تقصر الخطبة التقصير المُخِل، هذا عدا ركاكة العبارة، وقلة الوضوح، والاستشهاد بالدليل في غير موضعه.
أما الصنف الثالث، فهو الإمام غير المجتهد غير المصيب، كونه مشغول بوظيفته، أو بأعماله ومؤسساته، مثل هذا دليله في الخطبة محرك البحث "جوجل"، فهو يبحث عن موضوع خطبته صبيحة يوم الجمعة كيفما اتفق، ليؤدي ما عليه من التزام يتقاضى عليه مكافاة شهرية، دون أن يكلف نفسه عناء البحث والاستقصاء؛ وإلا فإنَّ فاقد الشيء لا يمكن له أن يعطيه.
فالاختلاف بين الخطباء أمر بدهي، على كافة المستويات "علمياً وثقافياً واجتماعياً"، يتولد عن هذا الاختلاف قناعات شخصية، وباعتبار كون الخطيب لديه صلاحيات إعداد الخطبة، فسيؤول به الأمر أن يتناول في خطبته ما تمليه عليه قناعاته، دون الالتفات لحاجات المجتمع، أو لما يؤدي إلى رص الصفوف، أو زيادة اللحمة الوطنية في بعض الأحيان، وعليه؛ فدور الخطيب لا يقل شأناً عن دور المعلم أو المفتي، وحديثه للعوام في الخطبة هو كلمة الفصل التي لا تقبل التغيير أو التبديل.
يرتاد المساجد لصلاة الجمعة، العلماء، وطلاب العلم، والأميين، والأعاجم، والجميع بمثابة طلبة العلم على مقاعد الدراسة يتلقون الوعظ والارشاد من هذه الخطبة، وهم في أشد الحاجة لسماع الخطبة التي تتطرق لحاجات المجتمع ومشكلاته وكيفية معالجتها، دون الدخول في القضايا السياسية، أو القضايا محل الخلاف، أو الموضوعات التي تدعو للنعرات الطائفية، أو تنادي بالانحياز للعادات والتقاليد العصبية والقبلية، أو التعريفات والمفاهيم التي مكانها حلقات العلم والدراسة.
ما يستدعي من وزارة الأوقاف "توحيد الخطبة" من خلال تصميم (حقيبة الخطيب) بها مجموعة من الخطب في كافة المجالات في "العقيدة والأخلاق والعبادات والمعاملات" يشرف على صياغتها نخبة من ذوي الاختصاص، وتزويد كافة الخطباء في عموم جوامع المملكة بهذه الحقيبة، على أن يلتزم الخطيب بما جاء فيها نصاً وروحاً، تفادياً للاجتهادات غير الموفقة من بعض الأئمة، والتي قد تنبعث تلقائياً من منطلقات شخصية لا تأخذ في الحسبان أمن الوطن ومكتسباته بعين الاعتبار.
 0  0  899