مشاهدٌ سارة ... و لكن ؟
خرجتُ من منزلي لقضاء بعض إحتياجات الأُسرة ، و كعادة المتقاعدين على التجوال في المحلات التجارية حتى بدون هدف أو سبب و هو ما يحسدنا عليه الكثير من الموظفين و لله الحمد ، و عند مروري بمحطة الوقود القريبة من منزلي فإذا بي ألمح إبن جاري زيد و هو يقوم بملء خزان سيارة أحد الزبائن بالوقود ، فتوقفت فجأةً لأستطلع الأمر و التأكد منه ، فإذا هو إبن جاري بشحمه و لحمه ، فسألته ماذا تعمل يا زيدُ هُنا ؟ فقال : أشتغل هُنا يا عمي و الشغل هُنا مُمتع و الدخل جيد ، فشكرته و شجعته و أثنيت على هذه الخطوة المباركة ، ثُمَّ إنصرفت و أنا أقول في نفسي : زيد الذي يعجز و يستنكف من إخراج كيس النفايات من منزل أُسرته ، و الآن هو يعمل في محطة وقود ؟ و الذي كان يقول لوالده لن يعمل إلا في وظيفةٍ حكومية و إلاَّ ( بلاش ) ، يا لله العجب !
على أي حال ، إنطلقتُ إلى وجهتي و أنا أُفكر في عامل المحطة العصامي زيد ، و عند محلات أدوات البناء توقفت و دلفت إلى أحدها و إذا بشابان مواطنان يقفان بداخله فسألتهما عن البائع و أقصد البائع الآسيوي الذي إعتدنا عليه ، فقالا لي : آمر يا عم ، فقلت أنتما تعملان هُنا ؟ قالا نعم ، عندها بينتُ لهما حاجتي فقاما على الفور يتعاونان بتجهيز طلبي الذي طلبت و حمله إلى السيارة بكل أريحية ، ثُمَّ جُلّتُ بنظري على المحلات المجاورة فإذا كُلَّ البائعين من المواطنين الشّباب ، فكدت أطير من الفرح بتوطين هذا المجال المهم ...
بعد ذلك المشهد السار ، إنطلقت إلى أحد الشوارع التجارية المشهورة التي تحوي العديد من النشاطات التجارية ، و أخذت أتجول ما بين المحال ، المتاجر ، المكاتب ، مراكز التسوق ، المطاعم و الصيدليات .... الخ ، فوجدت أن مُعظم العاملون و البائعون فيها هُم من المواطنين الشّباب ، فالكل يعمل و يتحرك فهذا يُنظّم و يُرتب في المتجر و هذا يجول مع الزبائن و هذا يُحاسب و يقبض ، و ذلك يصرف الدواء من الصيدلية للزبائن ، و آخرون منهمكون في مركزٍ للصيانة ... نعم شاهدت مواطنين يعملون في مختلف الأنشطة كخلية النحل ، فسُررت كثيراً بما شاهدت و في نفس الوقت حزنت لأن إبني عمرو العاطل عن العمل منذُ سنوات لم يكن من ضمن هؤلاء ، و لكن قُلت في نفسي سيلتحق بهذا الركب المُبارك إن شاء الله ...
عدتُ بعد هذه الجولة المُبهجة المُفرحة إلى المنزل و في الطريق قررت أن أتوقف عند محطة مُهند للتزود بالوقود لِأُكحل عينَيّ بأولِ مواطنٍ يملأُ سيارتي بالوقود ، و بالفعل توقفت عند المحطة و هرع إليَّ زيد مبتساً مسروراً ، ثُمَّ بدأ بملء خزان السيارة و ذهبتُ أنا إلى بقالة المحطة لشراء بعض المستلزمات و سُررت بأن البائع الواقف خلف مكينة الحساب كان مواطناً ، و أثناء تجولي بين الرفوف الضيقة للبِضاعة إصطدمتُ دون وعي مني بأحد الإخوة الآسيويين ، ففزعت و فتحت عينَيَّ و إذا أنا في ظلامٍ دامس ، و علمت حينها أنني كُنّتُ في حلمٍ جميل و مُثير ففركت عينَيَّ و خرجت من غرفتي و إذا بإبني العاطل عن العمل يدخل المنزل مع طلائع الفجر الأولى و هو ما إعتاد عليه منذُ تخرجه من الجامعة قبل أربع سنوات ، و أيضاً ما إعتاد عليه صاحبنا زيد و عشرات الآلاف من أمثالهم ، فيا أسفاه على هذه الطاقات و الكوادر المُعطَّلة ، و يا أسفاه على فُرص العمل المُهدرة ، و يا أسفاه على المليارات التي أُنفقت من أجل تعليمهم ، و يا أسفاه على الجُهد الذي بذلته أُسرهم و المشقة التي عانوها من أجل تربيتهم و مُتابعة تعليمهم ، و لكن لعلَّ القادم أفضل إن شاء الله .
وفقني الله و إياكم لما فيه الخير و السداد
مبروك المسفر
على أي حال ، إنطلقتُ إلى وجهتي و أنا أُفكر في عامل المحطة العصامي زيد ، و عند محلات أدوات البناء توقفت و دلفت إلى أحدها و إذا بشابان مواطنان يقفان بداخله فسألتهما عن البائع و أقصد البائع الآسيوي الذي إعتدنا عليه ، فقالا لي : آمر يا عم ، فقلت أنتما تعملان هُنا ؟ قالا نعم ، عندها بينتُ لهما حاجتي فقاما على الفور يتعاونان بتجهيز طلبي الذي طلبت و حمله إلى السيارة بكل أريحية ، ثُمَّ جُلّتُ بنظري على المحلات المجاورة فإذا كُلَّ البائعين من المواطنين الشّباب ، فكدت أطير من الفرح بتوطين هذا المجال المهم ...
بعد ذلك المشهد السار ، إنطلقت إلى أحد الشوارع التجارية المشهورة التي تحوي العديد من النشاطات التجارية ، و أخذت أتجول ما بين المحال ، المتاجر ، المكاتب ، مراكز التسوق ، المطاعم و الصيدليات .... الخ ، فوجدت أن مُعظم العاملون و البائعون فيها هُم من المواطنين الشّباب ، فالكل يعمل و يتحرك فهذا يُنظّم و يُرتب في المتجر و هذا يجول مع الزبائن و هذا يُحاسب و يقبض ، و ذلك يصرف الدواء من الصيدلية للزبائن ، و آخرون منهمكون في مركزٍ للصيانة ... نعم شاهدت مواطنين يعملون في مختلف الأنشطة كخلية النحل ، فسُررت كثيراً بما شاهدت و في نفس الوقت حزنت لأن إبني عمرو العاطل عن العمل منذُ سنوات لم يكن من ضمن هؤلاء ، و لكن قُلت في نفسي سيلتحق بهذا الركب المُبارك إن شاء الله ...
عدتُ بعد هذه الجولة المُبهجة المُفرحة إلى المنزل و في الطريق قررت أن أتوقف عند محطة مُهند للتزود بالوقود لِأُكحل عينَيّ بأولِ مواطنٍ يملأُ سيارتي بالوقود ، و بالفعل توقفت عند المحطة و هرع إليَّ زيد مبتساً مسروراً ، ثُمَّ بدأ بملء خزان السيارة و ذهبتُ أنا إلى بقالة المحطة لشراء بعض المستلزمات و سُررت بأن البائع الواقف خلف مكينة الحساب كان مواطناً ، و أثناء تجولي بين الرفوف الضيقة للبِضاعة إصطدمتُ دون وعي مني بأحد الإخوة الآسيويين ، ففزعت و فتحت عينَيَّ و إذا أنا في ظلامٍ دامس ، و علمت حينها أنني كُنّتُ في حلمٍ جميل و مُثير ففركت عينَيَّ و خرجت من غرفتي و إذا بإبني العاطل عن العمل يدخل المنزل مع طلائع الفجر الأولى و هو ما إعتاد عليه منذُ تخرجه من الجامعة قبل أربع سنوات ، و أيضاً ما إعتاد عليه صاحبنا زيد و عشرات الآلاف من أمثالهم ، فيا أسفاه على هذه الطاقات و الكوادر المُعطَّلة ، و يا أسفاه على فُرص العمل المُهدرة ، و يا أسفاه على المليارات التي أُنفقت من أجل تعليمهم ، و يا أسفاه على الجُهد الذي بذلته أُسرهم و المشقة التي عانوها من أجل تربيتهم و مُتابعة تعليمهم ، و لكن لعلَّ القادم أفضل إن شاء الله .
وفقني الله و إياكم لما فيه الخير و السداد
مبروك المسفر