×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تنومة موطن الشنفرى

منذ القرن الخامس الميلادي والشنفرى شاغل الأمم العربية وغير العربية، ولاميته ترجمت إلى عدة لغات عالمية كأول قصيدة شعرية عرفها الأدب العربي والعالمي تهتم بعلم الحيوان Zoology ، وكأول شاعر يوظف الحيوانات الرامزة Bestiary الحقيقية والخيالية -كحورية البحر والغول والعنقاء- في أعمال أدبية تستخدم دلالات رمزية دينية وأخلاقية قبل ظهور الأعمال اليونانية القديمة مابين القرنين الثاني عشر والرابع عشر.

بلا أدنى شك أن الانسان عرف استخدام الحيوان في أدبه منذ وقت مبكر يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، لكن الأدب العربي -وتحديدًا الشعر الجاهلي- لم يعرفه إلا من خلال لامية العرب للأديب الشاعر والبليغ الساحر الشنفرى وكما يقول العرب : الشعر ديوان العرب.

الجدير بالذكر أن الكثير من المثقفين العرب يخطئون في نطق اسم الشنفرى بالشكل الصحيح، هناك من سمع الألف المقصورة هاء فكتبه الشنفرة، وهناك من قرأ الألف المقصورة ياء فقرأه الشنفري، بينما الأدب العالمي كتبه ( AlShanfara ) كما نقلها المستشرقون.

ليت المثقف العربي توقف عند هذا العبث بل وصل بالشنفرى إلى أبعد من ذلك.! فوصفه بالصعلكة لمجرد انه استخدم معايير اجتماعية وأوصاف مجازية لو طبقها على جميع أفراد المجتمعات العربية القديمة والحديثة لوجدنا أن ثلاثة أرباعنا صعاليك.!

والبعض الآخر من الأدباء والمثقفين لم يتوقف عند هذا العبث بل وصف عبلة بصعلوكة لأنها أحبت عنترة الصعلوك، وجعل شعراء الأدب الجاهلي يمسون شعراء وشاعرات ويصبحون صعاليك وصعلوكات بذات المعايير المجازية.

وبعيدًا عن أدب الصعاليك وصعاليك الأدب، وجدلية النطق والوصف الصحيحين، برزت إعلاميًا جدلية النسب الصحيح للشنفرى بين قائل يقول هو من الباحة وآخر يقول هو من اليمن وآخر يقول هو من بللسمر، وتسابق المتجادلون إلى مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية والقنوات الفضائية لفرض الرأي.

والصحيح أنه حجري شهري أثلي من تُنومة، ولم يستطع مؤرخ منهم الرد على المحقق والمؤرخ العمروي الذي أثبت أصل الشنفرى مستندًا على قول مؤرّج السدوسي المتوفى في القرن الثاني الهجري، المشهود له بالثقة والدراية في علوم العربية حتى لقى بها مكانة كبيرة عند الخليفة العباسي المأمون، وهو أقدم مصدر يعالج موضوع الشنفرى بعينه معالجة شاملة تستقصي جميع جوانبه في تعمق، ولا يستغني عنه باحث أو دارس، فكل مرجع قديم أو جديد أما أخذ أو يأخذ منه.

دفع المجادلون في الشنفرى والمتسابقون عليه مثقفي محافظة تُنومة والنماص والمجاردة من مؤرخين أجلاء وأدباء نجباء وشعراء بلغاء إلى القيام بأدوار ثقافية متنوعة بين إلقاء محاضرات وكتابة مؤلفات وتأسيس مظلة ثقافية للشنفرى تحمل اسمه كأول مثقف عرفه الأدب العربي.


بقلم: عبدالله بن معدي الخشرمي
 0  0  2344