×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

اللعب الشهري واللعب الشعري


اللعب الشهري موروث قبائل رجال الحجر كافة "بني شهر وبني عمرو وبللحمر وبللسمر"، والموروث بشقيه المادي كاللعب الشهري أو المعنوي كالعادات والتقاليد، هو كل ما يرثه الانسان من سلسلة العادات والتقاليد المادية والمعنوية، وهو يشكل الجزء الأصلي والأساسي من الحاضر الذي يميز ثقافة مجتمع عن مجتمع آخر. لكنه اشتهر باسم الشهري لكبر قاعدته الجماهيرية في بني شهر كونها أكبر قبائل رجال الحجر من حيث العدد والمساحة، ولكون أفرادها الأكثر ممارسة له والأكثر انتشارًا أيضًا في مجتمعات فنية وتراثية مختلفة.

واللعب الشهري أحد الفنون الأدائية التي يجتمع فيها الشعر والموسيقى والحركة الجماعية المتناسقة، وهو فن ادائي مستقل بذاته عن الموسيقى والشعر، ويطرأ عليه تغير بسيط في الهكبة التي تعد الجزء الأبرز من حركاته الأدائية، وهي مرتكز جميع الحركات التي يقوم عليها هذا الفن بأكمله، وبها يتميز اسلوب عن أسلوب ادائي آخر، فقد اشتهرت هي الأخرى وأصبحت فن ادائي فرعي يتفرع من اللعب الشهري الأساسي تصنف هكبة تنومية نسبة إلى جنوب قبائل بني شهر أو هكبة شامية نسبة إلى شمال قبائل بني شهر، وفي أحيانٍ كثيرة يصنف عند رواده ومؤديه على انه فن أدائي مستقل بذاته فيسمى لعب شامي أو لعب تنومي كفن أدائي مستقل عن الآخر، وهذا دليل على أن استقلال ادائه الفرعي نتيجة استقلال أدائه الأساسي عن الشعر والموسيقى.

الفن الأدائي للعب الشهري وقع في فخ الشعر -أو بالأصح- في فخ الشقر أو ما يعرف في الأدب العربي بالجناس وهو تشابه لفظين مع اختلافهما في المعنى، وهو يعتبر من الحلي اللفظية التي يستهجن الإكثار منها في الشعر، لكنه برز في فن اللعب الشهري وطغى على الأداء واستحوذ على الشكل وفرغ المضمون وحوله من فن ادائي إلى فن شعري يعتمد على الشعر وعلى الشقر أكثر من اعتماده على الاداء والحركة. ولهذا نجد بأن الحاجة ماسة إلى تعديد الحلي الشعرية لهذا الفن الأدائي وتجديد أوزانه وألحانه وغاياته حتى يمتلئ مضمونه ومحتواه بالفن الحركي أكثر من امتلائه بالشقر، ليعود اللمعان والبريق إلى جوهره كفن أدائي تراثي له استقلالية تامة عن الشقر بصفة خاصة وعن الشعر بصفة عامة.

أما بخصوص فنان اللعب الشهري أو مؤديه، فهو فنان مبدع وقع هو الآخر في فخ المناسبة والغاية التي تستدعي وتستحضر هذا الفن، فيجد نفسه في مواجهة ادائية مع أربعة أنواع من المناسبات أو الغايات : الغاية التجارية والغاية التراثية والغاية الثقافية والغاية الفنية.وهذه الغايات تم تصنيفها حسب غاية المؤدي من تأدية هذا الفن الأدائي، فالغاية التجارية هي غاية جوهرها الرئيسي الربح بغض النظر عن القيمة الفنية والموسيقية والشعرية، أما الغاية التراثية هي غاية جوهرها الأداء الشعبي العام في الأفراح وليالي البهجة والأنس مع الأهل والأحبة والأصدقاء، أما الغاية الثقافية هي غاية جوهرها تمثيل الموروث في فرقة شعبية تعمل تحت مظلة حكومية رسمية لتمثيل ثقافة المجتمع داخليًا وخارجيًا وتمثيل الوطن محليًا وعالميًا، أما الغاية الفنية هي غاية جوهرها الفن بغض النظر عن الربح والتراث والمناسبات الثقافية، غاية فنية بحتة تتأمل الإبداع الفني وتتوق إلى الجمال والذوق.

والسؤال هنا .. متى يكون اللعب الشهري بغاياته الأربع -التجارية والتراثية والثقافية والفنية- أداء حركي تتفرع منه جمُل موسيقية متعددة المقامات والألحان، وبحور شعرية متعددة الحلي والأوزان، وأصوات طربية متعددة الطبقات واللكنات، متى يكون اللعب الشهري فن أدائي عصري يؤدى كلوحة فنية مكتملة الأركان ككل الفنون الأدائية العالمية، مكتمل العناصر شعرًا وموسيقى وأداء، لا يتوقف أثناء العرض ليتحول إلى منبر شعر وشقر وحلي لفظية تصاغ في البدع والرد، لا يتوقف أثناء العرض ليتحول إلى فوضى أصوات على مكبرات الصوت بين شاعر وضابط ايقاع وأفراد يلهلهون ويرددون ألحان وكلمات لا يفهمها المتلقي، متى يكون اللعب الشهري فن احترافي راقي له نص شعري وله مذهب (مقدمة) وسينيو (جملة ثابة يرددها الكورال) وفرقة أدائية (وسائط فنية) منضبطة الشكل والحركة، حتى يدرج في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو كتراث عالمي اسوة بفن القط العسيري.



بقلم / عبدالله بن معدي الخشرمي
 0  0  6840