×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

وتظلُ نقوش (جهوتنا) شواهد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا مـحمدٍ بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى الصحابة الطاهرين، والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين. أما بعد:
فكم هو جـميل جداً أن تستمر مسيرة البحث العلمي الجاد، وكم هو ماتعٌ ونافعٌ أن تتواصل حلقات تلك الدراسات العلمية التي لا تزال تُنقِبُ وتبحثُ وتستقصي الحقائق العلمية في مـختلف الـمجالات والـميادين، وبخاصةٍ تلك التي تهتم بكشف مـختلف القضايا التاريخية أو الثقافية أو الأدبية الـمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتاريخ منطقتنا الحبيبة التي نعلم جـميعاً أنها تزخر بالكثير من الآثار والنقوش التي تحكي عن تاريخٍ مـجيدٍ وحضارةٍ عريقة.
أقول هذا الكلام وقد أسعدني جداً تسلمي منذ أيامٍ قليلةٍ لنُسخةٍ من بحثٍ تاريخيٍ جادٍ ورصينٍ ومـختصر لأخي الباحث الواعد الأستاذ/ مـحمد بن عبد الرحمن بن علي آل غرمان الشهري، الـمعلم الـمهتم بالبحث في العلوم الشرعية، والشأن التاريخي للـمنطقة، والذي أعدّ بحثاً تاريخياً جـميلاً، ركّز موضوعه على نقشٍ صخريٍ تـم العثور عليه في بادية آل جـمعة / شرق مـحافظة النماص، وهي الـمنطقة التي تؤكد التواريخ والأبحاث والدراسات أنها جزءٌ من (ولاية الجهوة) التاريخية.
ورغم أن هذا البحث جاء قصيراً إلى حدٍ ما، فهو يقع في (13) صفحة؛ إلاّ أنه جـميلٌ جداً، ويُعد من الأبحاث الجديدة الـمهمة التي -لا شك – أنها كفيلةٌ بإذن الله تعالى بإثراء هذا الـمجال، والإضافة إليه بكل ما هو جديد ومفيد بإذن الله تعالى.
أما سبب سعادتي بهذا البحث فراجعٌ لأمورٍ يأتي من أبرزها:
= أن هذا البحث بمثابة الجهد العلمي الجـميل لشابٍ واعدٍ، وباحثٍ جادٍ، له علينا جـميعاً واجب التشجيع والتحفيز، والدعم الـمُستمر الذي يأخذ بيده، ويدفعه للاستمرار في هذا الـميدان بقناعةٍ تامةٍ وحيويةٍ مُستمرة تكفل لنا إثراء الساحة بكل جديدٍ ونافعٍ ومفيدٍ بإذن الله تعالى.
= أن هذا البحث دليلٌ قاطعٌ، وبرهانٌ حاسمٌ جازمٌ يؤكد أن منطقتنا -ولله الحمد - ولادةٌ على مر الزمن، وزاخرةٌ بالـمبدعين منذ زمنٍ قديم، فلا يكاد يـمر فترةً من الزمن؛ إلاّ ويلمعُ في سـمائها علمٌ من الأعلام الذين يـجتهدون ويـحرصون على خدمة تاريخها، والعناية بتُراثها، والكشف عن كنوز أرضها الطيبة الـمعطاءة.
= أنه بحثٌ يتحدث عن أحد معطيات البيئة الحجرية الـمحليّة التي يعود تاريخها إلى زمنٍ قديم، ويتمثل هذا الـمُعطى في (نقشٍ صخريٍ) للصحابـي الجليل/ سويد بن الحارث الأزدي (رضي الله عنه)، وهو وإن كان غير مؤرخٍ؛ إلاّ أن الباحث يُرجحُ أنه من خلال بعض السمات الـمُميزة له يعود إلى القرن الأول الهجري.
= أن هذا البحث دليلٌ على أن هناك من أبناء الـمنطقة النجباء من سخّره الله تعالى ليواصل الـمسيرة، وليستكمل الجهود العلمية الـمبذولة في هذا الـمجال العلمي والـمعرفي لعددٍ من الـمؤرخين، والباحثين، والـمعنيين بهذا الشأن، كعلامة بلاد رجال الحجر الـمؤرخ الشيخ الدكتور/ عمر بن غرامة العمروي، وعرّاب الجهوة الدكتور/ علي بن محمد عواجي، والأستاذ الدكتور/ عبد الله أبو داهش، ومؤرخ تهامة والسراة الأستاذ الدكتور/ غيثان بن علي بن جريس، ومن في حكمهم من الباحثين والـمؤرخين الكرام الذين لهم اسهاماتٍ جليلةٍ وجـميلةٍ في هذا الـمجال العلمي.
والجميل في الأمر أن هذا البحث قد نال إعجاب أستاذنا الكبير الـمؤرخ الشيخ الدكتور/ عمر بن غرامة العمروي، الذي علَّق عليه بتعليقٍ نفيسٍ، أبدى فيه ثراء هذا البحث، وصحة بياناته، ودقة مـحتوياته، وقد أرفقتُ ما كتبه شيخنا بهذا البحث ليكون شاهداً على روعته وجـماله، ودليلاً على تشجيع مؤرخنا الكبير للباحثين والدارسين والـمهتمين من جيل الشباب.
وختاماً/ أحمد الله تعالى أن أكرمنا جـميعاً بهذا البحث الجليل الجميل، وأشكر الأخ الباحث على ما قدّمه لنا، وما تفضل به من البحث العلمي الذي سيخدم الـمجال العلمي والـمعرفي للأجيال القادمة، وأشكر شيخنا الدكتور/ عمر بن غرامة العمروي على كريم تجاوبه وجـميل مشاركته وتشجيعه، وأشكر (صحيفة تُنومة الإلكترونية) على تبنيها نشر هذا الـموضوع، وخدمته إعلامياً، والله تعالى أسأل للجميع التوفيق والسدّاد، والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد.

بقلم أ.د/ صالح بن علي أبو عرَّاد

image


-------------
نقش الصحابي: سويد بن الحارث الأزدي ( رضي الله عنه )
وأهميته التاريخية والجغرافية
( بادية آل جمعة - شرق محافظة النماص ) ولاية الجهوة
محمد بن عبد الرحمن بن علي الشهري
١٤٣٩هـ / ٢٠١٨ م
image


البحث ملف (بي دي أف)
http://bit.ly/2GiuhoB

-ملخص البحث
الهدف من هذا البحث هو دراسة نقش الصحابي الجليل سويد بن الحارث الأزدي - رضي ال عنه -, الذي ت العثور عليه ف بادية آل جمعة شرق محافظة النماص, والتعرّف على قيمته العلمية والتاريخية; حيث أن وجود هذا النقش يدل على أن تلك المنطقة كانت تتمتع بحركة علمية منذ بداية القرن الأول الهجري, ومحضن هام لشخصيات بارزة لها ثقلها ف تاريخنا الإسلامي, مع ما يدل على أن تلك المنطقة كانت عامرة بالازدهار, والتجمع السكاني, وأن أهميتها لم تكن محدودة ف نطاقها الجغراف البسيط, بل كان يخرج منها البعوث والوفود إلى المناطق البعيدة; لتمثيلها ف الأمور الهامة, فقد خرج منها وفد الأزد, الذين وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم, وكان على رأسهم صاحب النقش الصحابي سويد بن الحارث رضي الله عنه, كما أن موقعها الجغراف المميز جعل لها أهمية تستحق من أجله البحث والتنقيب, فهي جزء من ولاية الجهوة المشهورة التي تحدثت عنها كتب التاريخ والبلدان.


-تمهيد
تم العثور على هذا النقش في بادية آل جمعة شرق محافظة النماص, وغرب
وادي ترج العظيم, في منطقة تاريخية كان لها صدى واسع, فقد ذكرها لسان اليمن; الحسن بن أحمد الهمداني - رحمه ال - فقال: (ثم يتلو سراة عنز سراة ( الحجر بن الهنو بن الأزد, ومدنها الجهوة ومنها تنومة والشرع من باحان) وقال: ( وتنومة والأشجان ونحيان, ثم الجهوة قرى لبني ربيعة من أقصى الحجر أيضًا, وحلباء قرية لبني مالك بن شهر ) , وقال أيضًا: ( نحيان; واد مستقبل القبلة, فيه التفاح واللوز والثمار, وصاحبه علي بن الحصي العبْدي, من ( عبد بن عامر, وبن عمه الحصي بن دحيم; وهم الحكَّام على نحيان والأشجان والحرا, ووراء ذلك الجهوة مدينة السراة - أكبر من جرش - وصاحبها الجابر بن .( الضحاك الربعي من نصر بن ربيعة بن الحجر ) وذكر الهمداني قصيدة لأبي الحياش الحجري الشاعر الجاهلي, عندما طلبت منه قبائل الأزد أن يقولها, فذكر فيها بعض المواضع والأماكن ف جبال السروات, فقال:

ومن الطود فالزقامات..خضر رويت فالتّنومة الزّهّراء
فقرى الحجر جهوة الزّرع والضر.. ع فأشجانها الحنا فالجباء
فجبال السّراة فالفرع الوس.. طى حكي الجنان فالحيفاء
وتنومة - وهي من الجهوة - ورد ذكرها ف الشعر الجاهلي, فقال حاجز بن : عوف الأزدي
ونحن صبحنا الحيَّ يوم تنومةٍ ..بملمومة يهوي الشجاع وئيدها
وقد ورد اسم العَوْص وهي إحدى المواقع التي تتكون منها الجهوة, فقد قال: الشنفرى الأزدي
نَمُرّ بِرَهْوِ الماءِ صَفْحا وَقَدْ طَوَتْ..شَمَائِلُنَا والزَّادُ ظَنٌّ مُغَيَّبُ
ثلاثا على الأقْدامِ حتَّى سَمَا بِنَا.. على العَوْصِ شَعْشاعٌ مِنَ القَوْم مِحْرَبُ

ومما ساعد على نموها الاقتصادي والتجاري, أن طريق الحاج اليمني الذي ذكره الهمداني في رحلته, يمر مع تلك المنطقة, فكان لذلك عظيم الأثر, لذا عندما ترى كثرة النقوش والآثار في تلك المنطقة; تعلم يقينًا أنها كانت ملتقى ومركز حضاري استحقت أن يصفها الهمداني بمدينة السراة, وأنها أكبر من مدينةجرش.
ومما يميز مكان هذه البادية; أنها تقع غرب وادي ترج العظيم, الذي خلَّد التاريخ ذكره, فهو مأسدة اشتهر بكثرة الأسود.


ويوم ترج مشهور, كان من أيام العرب, أُسر فيه لقيط بن زُرارة, أسره : الكُميت بن حنظلة, فقال ( ١)
وأمكنني لساني من لقيطٍ ..فراحَ القومُ في حَلْق الحديد
: وقد ذكرته أخت الشاعر الجاهلي حاجر بن عوف الأزدي, فقالت( ٢)
أحيٌ حاجزٌ أم ليس حياً..فيسلك بي جندف والبهيم
ويشرب شربةً من ماء ترج.. فيصدر مشية السبع الكليم
وعلى هذا فإن المنطقة التي تمتد من شط عوْص والسرو والمهليي وذي العي والغلة والبوارة, كانت مسرحًا لعمليات حربية في العصر الجاهلي, ومنطقة استيطان لقبائل بني شهر وبني عمرو ... مع وجود مؤشرات لنمو حضاري في ذلك العصر, وذلك من خلال الرسوم وخطوط المسند العربي القدي, استمر ذلك شيئًا فشيئًا في عصر النبوة والخلافة الراشدة والدولة الأموية, ثم أصبحت ولاية اتسع نطاقها ولو على شكل محدود, لكن تأثيرها كان أبعد أثرًا وأعمق في العصر العباسي, لتكون أساسًا لولاية صغيرة اشتهرت في ذلك الوقت وغابت عنها


-دراسة النقش
وجدتُ هذا النقش في بادية آل جمعة, في شعب صغير يُقال له المَخْرِم, يقع جنوب رسوس طلاح, ورسوس طلاح تبعد عن مركز السرح قريبًا من ٢٥ كم,
والموقع الذي به النقش كان دربًا قديمًا, يُوصل إلى وادي بدْوة, وقد خرب الآن الدرب تمامًا, وأصبح طريقًا تمر معه السيارة إلا أنه صعب ووعر, وقد ذهب مع الطريق كثير من النقوش بسبب فتحهِ للسيارات, والنقش نُفّذ على صخرة كبيرة, فيها مجموعة من النقوش الإسلامية, ورسومات صخرية, ويوجد أسفل النقش وادٍ ضيق ممتد إلى وادي بدْوة جنوبًا, كان الماء - بحسب رواية أهل المنطقة - لاينقطع عنه طوال السنة, فلذا كان موقعه مهمًا, وهذا سر وجود النقوش حوله, ووجود درب قدي بالقرب منه.


-وصف النقش

image


• الموقع: المخْرِم, ببادية آل جمعة.
• نوع الخط: كوف بسيط.
• عدد الأسطر: ٢
• طريقة التنفيذ: الحز الغائر.
• نوع الصخر: جرانيت.
• موضوع النقش: دعاء بالرحمة.
• صاحب النقش: سويد بن الحارث
• تاريخ النقش: غير مؤرخ.
• قراءة النص: (اللوحة مع تفريغ كتابي للنقش)
١- ترحم ال على
٢- سويد بن الحرث

- التحليل العام للنقش:
نُفذ هذا النقش الحجري غير المؤرخ, والمكون من سطرين, بالخط الكوفي البسيط, على صخر من الجرانيت, وقد استخدم الكاتب طريقة الحز الغائر في نقشه للكلمات, وجعلها خالية من الشكل والإعجام (التنقيط), والنص مقروء
بالكامل.

- السمات الخطية للنقش:
استقامة أجسام حروف الألفات واللامات ( ال: ١ , الحرث: ٢)
وانزلاق حرف النون النهائية تحت مستوى سطر الكتابة ( بن: ٢ ), كما يبدو النص متوازنًا من حيث أحجام الحروف والأسطر, فطول السطر الأول متساويًا مع السطر الثاني, وكذلك التشابه البسيط بي رسم حرف الدال ف كلمة ( سويد: ٢) وحرف الراء ف كلمة ( الحرث: ٢ ), لكن حجمهما يختلف تمامًا, ولا يؤثر رسمه للراء بهذا الشكل; لأنه لن يكون لها معنى إذا كانت بغيره, مع أن الرسم القديم كان فيه تشابه بين الراء والدال, وأيضًا حجمهما يختلف, كذلك فقد كتب كلمة الحارث ( الحرث: ٢ ) بدون ألف بعد الحاء, وهي بسبب طريقة الرسم القديمة, . وكذلك لم يُثبت همزة الوصل ف كلمة ( بن: ٢)

- موضوع النقش:
في هذا النقش طلب للرحمة من الله تعالى, وهذا هدي الأنبياء والصالحين من قبل, قال تعالى على لسان موسى عليه السلام{ قَالَ رَبّ اغْفِرْ لِي وَلأَِخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيَن } وقوله تعالى: { وَالمُْؤْمِنُون وَالمُْؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَْعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُْنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَة , وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الََّله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الَُّله إِنَّ الََّله عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.

وهذا النوع من طلب الرحمة يكثر جدًا ف نقوش الجهوة, وغيرها من النقوش التي تم العثور عليها لأهل القرون الثلاثة الأولى.


-صاحب النقش:
صاحب النقش هو الصحابي الجليل سويد بن الحارث الأزدي رضي الله عنه, الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم, هو وقومه من الأزد.
فقد أخرج أبو نعيم في حلية الأولياء حديثه, فقال: حدثنا الحسي بن عبدالله بن سعيد , ثنا القاضي حمزة بن الحسن, ثنا الأشناني, ثنا أحمد بن علي الخراز , قال: سمعت أحمد بن أبي الحواري, يقول: سمعت أبا سليمان الداراني, يقول: حدثني شيخ بساحل دمشق يقال له : علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي , حدثني أبي , عن جدي سويد بن الحارث , قال : وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة من قومي, فلما دخلنا عليه وكلمناه فأعجبه ما رأى من سمتنا وزينا , فقال : " ما أنتم ؟ " قلنا : مؤمنين , فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :
" إن لكل قول حقيقة , فما حقيقة قولكم وإيمانكم ؟ " قال سويد : فقلنا : خمس عشرة خصلة : خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها , وخمس منها أمرتنا رسلك أن نعمل بها , وخمس منها تخلقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما الخمس التي أمرتكم رسلي أن تؤمنوا بها ؟ " قلنا : أمرتنا رسلك أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت , قال : " وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها ؟ " قلنا : أمرتنا رسلك أن نقول : لا إله إلا الله , ونقيم الصلاة , ونؤتي الزكاة , ونصوم رمضان ,ونحج البيت من استطاع إليه سبيلا , قال : " وما الخمس التي تخلقتم بها أنتم في الجاهلية ؟ " قلنا : الشكر عند الرخاء , والصبر عند البلاء , والصدق في مواطن اللقاء , والرضى بمر القضاء , والصبر عند شماتة الأعداء , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " علماء حكماء كادوا من صدقهم أن يكونوا أنبياء ".

فمما يُرجح كونه الصحابي, أنه وفد من اليمن مع قومه من الأزد, والنقش وُجد في بلاد الأزد, وكذلك السمات الخطية للنقش تدل على أن النقش كُتب في القرن الأول الهجري, واسمه ليس من الأسماء المنتشرة والمتكررة, فتركيبة اسمه الثنائية من النادر وقوعها, ولم أجد في الكتب - على كثرتها - اسم مطابق لاسمه إلا هو, وكذلك كثرة النقوش المبكرة الموجودة على تلك الصخرة حول ذلك النقش, وكأنهم يريدون أن يكون لهم أثرا وذِكْرا بجوار نقش هذا الصحابي الجليل, والله أعلم.


- تاريخ النقش:
النقش غير مؤرخ, ولكن من خلال السمات المميزة للنقش يمكننا ترجيح تأريخه بالقرن الأول الهجري.

- قيمة النقش وأهميته:
هذا النقش يُعد تحفة مهمة, عاصر قرونًا مديدة, وهو صامد لم تلحقه يد الغدر, ولم تغيره أحداث السني, كان مخفيًا عن الأنظار, ثم كتب الله له الظهور, ليحكي لنا أن هذه الكتابة على ذلك الصخر, قد كُتبت بيدٍ قد مسَّت وبايعت يد خير الخلق صلى الله عليه وسلم, وكفى بذلك شرفًا, فلذا تكمن أهميته فيما يلي:
١ - تبي لنا من هذا النقش أن ولاية الجهوة كانت محط أنظار, فعندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وبَعثت العرب وفودها, كان لهذه الولاية نصيبًا من ذلك, يخرج منها الوفود, وتستنير من هدي خير المرسلين صلى الله عليه وسلم, ثم تعود إلى منطقتها بأجمل رسالة وبأعظم بيعة, فتصبح بعد ذلك مركزًا للعلم والتعليم يأتي إليها الرواة والعلماء من جميع الأنحاء.
٢ - يتضح من هذا النقش أن القراءة والكتابة في تلك المنطقة كانت شائعة, وثقافة التدوين وكتابة الأثر قبل الرحيل تجري في عروقهم, فكثرة النقوش في تلك المنطقة تدل على إيمان عظيم خالط تلك القلوب, فمن دعاء بالرحمة, وطلب للتوبة, وصلاةٍ على النبي صلى الله عليه وسلم, وغيرها, فيها أعظم دلالة على ما كان يتمتع به هؤلاء من إيمان راسخ, وحب لله ورسوله والدار الآخرة.
٣ - إن دراسة هذا النقش, وما يحتويه من خصائص من ناحية رسمه وطريقة كتابته, قد تفيد الباحثي والمتخصصي في الخط العربي القديم, وتطوره على مدار العصور.
٤ - قد يستفيد من يبحث في الأنساب - وخاصة أنساب الصحابة من الأزد - من هذا النقش معرفة إلى أي القبائل الأزدية ينتسب هذا الصحابي الجليل, وأين كان موطنه, ولعل الأيام القادمة قد تكشف لنا معلومات جديدة, وعن شخصيات أخرى لها وزن ومكانة, وتحدثُ فتحًا علميا وتاريخيا.

وفي الختام:
أسأل ال الكري أن يجعل في هذه الدراسة فائدة للباحثي, وأن تكون معينة لأهل المنطقة في أن يحرصوا على استكشاف ما لم يُكتشف بعد, فالمنطقة غنية وغزيرة بالآثار والنقوش, ولكن تحتاج إلى الهمة والدعم لإظهارها, وإخراج كنوزها, كما أرجو أن تُقدم هذه الدراسة لوحة جميلة ومشرقة عن تاريخ المنطقة وقبائلها وسكانها, وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمي.


تحميل ملف البحث الأصل:
http://bit.ly/2GiuhoB



------------

تعليق الـمؤرخ الشيخ الدكتور/ عمر بن غرامة العمروي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
اشكر الله ثم أشكرك يا ابا علي والشكر موصول الى الباحث الذي كتب هذا البحث الجميل .
قرات البحث جيدا وفرحت به كثيرا والذي اريد قوله هو :
١- الصحابي الجليل معروف وهو امير وفد الازد الثاني الى النبي صلى الله عليه وسلم .
٢- قرية الصحابي وسلالته موجودة عندنا وأصبحت القرية عدد قرى ويعرف السكان باسم ال سودان .
٣- الحديث اخرجه ابو نعيم في الحلية ، وأخرجه في جامع المسانيد ، وأخرجه ابن عساكر بأربع روايات وأربعة أسانيد ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ، وذكره ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ، وذكره ابن سعد في طبقاته وكلهم بهذا اللفظ :
(( وفدتُ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سابعَ سبعةٍ من قومي فلمَّا دخلنا عليهِ وَكلَّمناهُ فأعجبَه ما رأى من سمتِنا وزيِّنا فقال ما أنتُم قلنا مؤمنين فتبسَّمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالَ إنَّ لكلِّ قولٍ حقيقةً فما حقيقةُ قولِكم وإيمانِكم قال سويدٌ فقلنا خمسَ عشرةَ خصلةً منها ما أمرَتْنا رسلُك أن نؤمِنَ بِها وخمسٌ منها أمرتْنا رسلُك أن نعملَ بِها وخمسٌ منها تخلَّقنا بِها في الجاهليَّةِ فنحنُ عليها إلَّا أن تَكرَه منها شيئًا فقال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وما الخمسُ الَّتي أمرَتْكم رسلي أن تؤمنوا بِها قلنا أمرتنا رسلُك أن نؤمنَ باللَّهِ وملائِكتِه وَكتبِه ورسلِه والبعثِ بعدَ الموت قال وما الخمسُ الَّتي أمرتكم أن تعملوا بِها قلنا أمرتنا رسلُك أن نقولَ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ونقيمَ الصَّلاةَ ونؤتيَ الزَّكاةَ ونصومَ رمضانَ ونحجَّ البيتَ منِ استطاعَ إليهِ سبيلًا قال وما الخمسُ الَّتي تخلَّقتُم بِها أنتُم في الجاهليَّةِ قلنا الشُّكرُ عندَ الرَّخاءِ والصَّبرُ عندَ البلاءِ والصِّدقُ في مواطنِ اللِّقاءِ والرِّضى بمرِّ القضاءِ والصَّبرُ عندَ شماتةِ الأعداءِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علماءُ حُكماءُ كادوا من صدقِهم أن يَكونوا أنبياء ثمَّ قال صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا أزيدُكم خمسًا فتتِّمُ لكم عشرونَ خصلةً إن كنتُم كما تقولونَ فلا تجمعوا ما لا تأكلونَ ولا تبنوا ما لا تسكنونَ ولا تَنافسوا في شيءٍ أنتُم عنهُ غدًا زائلونَ واتَّقوا اللَّهَ الَّذي إليهِ ترجعونَ وعليهِ تعرضونَ وارغبوا فيما عليهِ تقدمونَ وفيهِ تخلدونَ .
الراوي: سويد بن الحارث الأزدي المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - الصفحة أو الرقم: 9/291
خلاصة حكم المحدث: تفرد به أبو سليمان الداراني وعنه أحمد بن أبي الحواري

3 - وفَدتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سابعَ سبعةٍ من قومنا، فأعجبه ما رأى من سمْتِنا، وزيِّنا، فقال: ما أنتم؟ فقلنا: مؤمنون، فتبسم، وقال: إن لكلِّ قولٍ حقيقةً، فما حقيقةُ إيمانِكم؟ قال سويدٌ: فلنا خمسَ عشرةَ خَصلةً: خمسٌ منها أمرَتنا رسلُك أن نؤمنَ بها، وخمسٌ أمرَتنا أنْ نعملَ بها، وخمسٌ تخلَّقْنا بها في الجاهليةِ، ونحن عليها إلا أن تكرَه منها شيئًا. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: وَمَا الخمسُ التي أمرتْكم رسلي أن تؤمنوا بها؟ قلنا: أن نؤمنَ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، والبعثِ بعد الموتِ، قال: وما الخمسُ التي أمرْتُكُم أنْ تعملوا بها؟ قلتُ: نقولُ: لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ، ونقيمُ الصَّلاةَ، ونؤتي الزَّكاةَ، ونحجُّ البيتَ، ونصومُ رمضانَ، قال: ومَا الخَمْسُ التي تخلَّقتم بها في الجاهليةِ؟ قلنا: الشكرُ عند الرجاءِ، والصَّبرُ عند البلاءِ، والصَّفُّ في مواطنِ اللِّقاءِ، والرضاءُ بمرِّ القضاءِ، والصَّبرُ عند شماتةِ الأعداءِ. فقال: حُكَماءُ وعلماءُ كادوا من صِدقِهم أن يكونوا أنبياءَ )) .
ابن كثير - المصدر: جامع المسانيد والسنن - الصفحة أو الرقم: 4887

هذا ما احببت ان أرد به على فضيلتك واخبرك به .
والسلام عليكم .

image




تحميل ملف البحث الأصل:
http://bit.ly/2GiuhoB
 0  0  2790