×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

وقفات في ثنايا الأربعين ( الجزء الأول )

من يتأمل في هذه الحياة يدرك أنها أدوار يأخذ فيها الإنسان دور البطل في كل مرحلة من مراحل حياته ..
فمنذ ولادتك وخروجك على هذه البسيطة تبدأ الرحلة لِتعيش محطتك الأولى في هذه الحياة ( الطفولة ) تحت مظلّة ذلك الأب الذي يرسم في عينيك كل أحلامه . ويرى في قدومك كل آماله وماعجز أن يراه في نفسه قبل كل شيء ..

ليست مبالغة بقدر ماهي الحقيقة فكل أبِ يريد من ابنه أن يكون ذلك الحلم البعيد الذي في كل يوم يقترب . إنه قلب الأب يا أحبتي

بقدومك استبشر من حولك وأضاء أهل بيتك قناديل الفرح ولربما ذاع صيتك وخبر قدومك في أرجاء المدينة أو القرية فكنت ( البطل ) لتلك اللحظات بلا منازع ..

هذه المقدّمة لا تبتعد كثيراً عن تلك الطريقة التي أنتهجها في كل مرة أظهر وأُطِل عليكم بها من خلال هذه الصحيفة الرائعة ..
ولربما هي طريقة أنتهجها دائماً . مبتعداً كل البعد عما تكتظ به مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات المسموعة والمرئية من قضايا الرأي العام بمختلف اتجاهاتها. وكل مافي الأمر أنها لا تجذبني ولا أميل إليها فأنا كاتب احساس ولا أجد في نفسي غير ذلك ..
كاتب يُؤْمِن بأن الإنسان يعيش بشخصيات متعددة وأحاسيس متأرجحة ومشاعر تأخذ صبغة البياض تارة والسواد تارة أخرى ..

ما أودّ أن أصِل إليه الآن أنني عدت إليكم عندما وقفت أمام المرآة فوجدت شيئاً من البياض قد انتشر في فروة الرأس من دون أن أشعر ..
ولربما شعرت في الوهلة الأولى أنه في غير وقته وغير حِلِّه ..
بدأ شعري يأخذ صبغة البياض ومن هنا بدأت الحكاية لهذه الحروف . وبدأت في نسج كل حرف بصاحبه ..

بدأت حينها في رحلة أخرى للتفكُّر والتأمل في زهرة الشباب وفي ذلك العمر الذي مرّ وانقضى ..

تأملات كثيرة عشتها في تلك اللحظة ولربما كان أبرزها أن الشيب قد جاء في وقته وأن هذه الحروف لكاتب يطرق أبواب عقده الرابع ..
يا الله انقضت الأيام من دون أن أشعر بل والله إنها مرّت كلمح البصر ..

ومن هنا أردت أن أتوقف عند بعض المحطات التي مررت بها . والتي يشاركني فيها الكثير من البشر . ومن منا ينكر أن الحزن والفرح والطفولة والشباب والوهن والكبر والصحة والمرض ليست محطاتنا . وفترات نعيشها من أعمارنا ...

لتكن البداية مع المحطة الأولى الطفولة ..
والله لا أتذكر منها إلا براءتها وبساطتها فهي أيام جميلة لا تتلوّن ولا تعرف إلا البياض ..
محطة الصفاء والنقاء . الكل يحبك فيها بلا استثناء ..
عشت فيها مساحات من الحب يطير فيها الطير حتى يتعب ولا يصل إلى نهاياتها وآخر حدودها تحت ظل أب عطوف وأم حنون ..

أتذكر حينما كان يأخذني والدي بيده لذلك المسجد القديم الذي كان يجمع القريب والبعيد في كل صلاة . ووالله إني لا زلت أحتفظ ببعض أحاديث حرمه ..
يالها من أيام وذكريات ..
ما أجمل الطفولة . بل والله إنها المحطة الأجمل في حياتنا فقد عشنا فيها جمال اللحظة بكل تفاصيلها ...

أتوقف الان .................

وفي الجزء الثاني التقيكم بإذن الله

عبدالعزيز بن ظافر آل عبدالله
( الرياض )
 0  0  999