×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

عندما يكون الوقوف في وجه الفساد والمفسدين من الصدقات الجارية ؟!

بقلم الدكتور / صالح بن علي أبو عرَّاد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد في أبها

=-=-=-=
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الأمن والإيمان ، والصلاة والسلام على من صحَّ عنه أنه قال : \" كل معروفٍ صدقة \" ، وعلى آله الأخيار وصحابته الأطهار ، أما بعد ؛
فقد استوقفني حديثٌ نبويٌ شريف جاء في الصحيحين عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
\" على كل مسلمٍ صدقة \" . فقالوا : يا نبي الله فمن لم يجد ؟ . قال : \" يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق \" . قالوا : فإن لم يجد ؟ . قال . \" يعين ذا الحاجة الملهوف \" . قالوا : فإن لم يجد ؟ . قال : \" فليعمل بالمعروف ، وليمسك عن الشر فإنها له صدقة \" .
ولعل ما استوقفني يتمثل في ما جاء في آخر هذا الحديث الشريف من بلاغةٍ في التوجيه النبوي التربوي المُتمثل في معنى ( العمل بالمعروف والإمساك عن الشر ) ؛ إذ إننا كثيرًا ما نقرأ في الكتب والمؤلفات أن مدار التقوى يعتمد على فعل الخير والمعروف ، واجتناب الشر والفساد .
ولذلك فقد تأملت ما تتعرض له بلادنا الغالية بين الحين والحين من محاولاتٍ يائسةٍ بائسة لزعزعة الأمن والاستقرار ، وإثارة الفتن والمُشكلات ، والإخلال بسير حياتنا وما نحن فيه من عيشٍ آمنٍ مطمئن ، ونعمٍ كثيرةِ لا يعدها ولا يُحصيها إلا الله تعالى ؛ ورأيت - كما يرى كل عاقلٍ رشيد - أن ذلك لا يخرج عن كونه نوعٌ وضربٌ من ضروب الإفساد في الأرض من قبل فئةٍ ضالةٍ جاهلةٍ ، وخارجةٍ عن منهج الدين الإسلامي الحنيف ومتمردةٍ على تربيته السامية ، ولاسيما أن الشيطان قد استحوذ عليهم فكانوا من حزب الشيطان الخاسرين كما وصفهم بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :
} اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ { ( سورة المجادلة : الآية رقم 19 ) .
وليس هذا فحسب ؛ فقد هيمن على فكرهم منهج أهل الزيغ والضلال والانحراف ، وصدهم عن طريق الله المستقيم حتى أصبحوا معتنقين للمبادئ الهدامة والمزاعم الباطلة ؛ فهم لذلك كله متشبعين بالأفكار السيئة والآراء الشاذة التي جعلتهم يتفننون - ولا حول ولا قوة إلا بالله - في صور الإفساد في الأرض ، ويُمارسونها بطرقٍ متنوعةٍ ووسائل مختلفة ، ولا يتورعون عن محاولة ترويع الآمنين ، وإلحاق الضرر بالمواطنين والمقيمين والمسؤولين ، والاعتداء على الحرمات ، وإزهاق الأرواح والأنفس ، وأهلاك الحرث والنسل غير مبالين بحرمة الزمان أو المكان ، ولا مراعين لحرمة النفوس المعصومة الموحِدة التي تشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم .وهنا أقول : إن ما نص عليه الحديث النبوي الشريف يؤكد أن ما يُبذل من جهودٍ - أيًا كان نوعها أو حجمها - في مقاومة هذا النوع من الفساد في الأرض ، إنما هي صدقاتٌ يُثيب الله تعالى عليها من يقوم بها إذا قُصد بها وجه الله تعالى لأنها تندرج تحت مظلة الأمر بالمعروف ، والإمساك عن الشر ، والحيلولة دون وقوعه وانتشاره .
فيا إخوة الإيمان : ليكن من ( صدقاتنا ) التي يجب أن نحرص عليها ، وأن نجتهد في العناية بها سرًا وعلنًا ، وقولاً وعملاً ، وظاهرًا وباطنًا ، العمل الدائم المستمر لنكون - بإذن الله تعالى - صفًا واحدًا وسدًا منيعًا في وجه الشر والفساد ، وفي وجه كل من كان منتميًا لهذه الفئة من الضالين والمُضلين ، والمفسدين والمُخربين ، وأن نتعاون جميعًا في القضاء عليهم ، وأن نحرص على استئصال جذورهم ، وما ذلك على الله بعزيز .
وعلينا جميعًا أن نبتهل إلى الله جل في عُلاه أن يحفظ علينا نعمة الأمن والإيمان ، وألا يُبدل أمننا خوفًا ورُعبًا ، وأن يُمتعنا بما نحن فيه من خيري الدنيا والدين ، وأن يصرف عنا بفضله ومنِّه وقدرته كيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وحقد الحاقدين ، وحسد الحاسدين ، وإفساد المفسدين ، وظلم الظالمين ، واعتداء المعتدين ، وشماتة الشامتين ، وأن يرد كيدهم في نحورهم ، وان يجعل تدبيرهم تدميرًا لهم . والحمد لله رب العالمين .
 0  0  3554