مرغم أخاك..والمضطر يركب الصعب
لم تكن هذه التحولات التي يمر بها الوطن مفاجئة بل كانت متوقعة للخبراء الاقتصاديين وكان هناك العديد من المؤشرات التي تنذر بهذه التحولات الاقتصادية والتأثيرات السوقية وهي الأكثر تماسا مع كل مؤسسات الدولة إلا أن المواطن والمقيم هم الأكثر تأثرا لأنها ترتبط مباشرة بمصادر الدخل وكان لابد من حلول جذرية لتلافي بعض المخاطر التي قد تهز الاقتصاد الوطني وتلحق ضررا كبيرا بدخل الفرد والاسرة ، وكان لانخفاض سعر البترول الأثر الأكبر في هذه التحولات التي عصفت باقتصاديات العالم وخصوصا دول النفط التي تعتبره مصدر دخلها الرئيسي ، وكان لابد من اتخاذ بعض الاجراءات الضرورية لتخفيف آثار هذه الازمة على اقتصاد الوطن ومستوى معيشة الفرد وكان لابد ايضا أن يتحمل المواطن والمقيم جزءا من المسؤولية لتخطي هذا الوضع الراهن وهو بإذن الله سحابة صيف لابد وأن تنقشع وتعود الأمور الى وضعها الطبيعي.
إن ضريبة القيمة المضافة هي مصدر دخل رئيسي لأغلب الدول التي ليس لها مصادر دخل كالبترول والمعادن وهي ضريبة معمول بها في كل دول العالم وهي في المملكة الأقل عالميا وكان لحديث وزير المالية ردود فعل ايجابية على مستوى الوطن وهو حديث المكاشفة والمصارحة حتى يستطيع المواطن أن يشارك في المسؤولية ويعيش هم الوطن ، ولكي تتضح الصورة بشكل أوضح نستعرض جزء من حديث معالي وزر المالية وبيان الحقيقة المجردة للحالة الاقتصادية للخمس السنوات القادمة بكل وضوح ومصداقية مستشهدا بالأرقام التي لا لبس فيها ولا غموض , يقول وزير المالية :
إن دخل البترول في حدود 329 مليار ريال.
رواتب موظفي الدولة 480 مليار ريال.
الايرادات الاخرى200 مليار ريال مع عائدات البترول يساوي 529 مليار ريال، وبالتالي فالدخل بالكاد يغطي رواتب موظفي الدولة وهناك التزامات تتعلق بالمشاريع والتصنيع والصناعة والتعليم الخ، فكان لزاما على الدولة توفير هذه المبالغ للضرورة الملحة وكمال يقال: المضطر يركب الصعب.
إنني كمواطن أتفهم حجم المعاناة من رفع قيمة فواتير الكهرباء والماء والوقود وخصوصا أصحاب الدخول المتواضعة وكم أتمنى إعادة النظر بالنسبة لمن رواتبهم تقل عن (6) الاف ريال وكم أتمنى أيضا ضبط الأسعار من الارتفاع حتى لا يتضرر دخل رب الاسرة وتنعكس هذه المعاناة على الحياة الأسرية والاجتماعية وينزل الى منزلة الفقر المدقع وهو يعني الفقر المطلق وقد عرّف من قبل الأمم المتحدة بأنه (حالة تتسم بالحرمان الشديد من الاحتياجات الإنسانية الأساسية بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب والصحة والمأوى...).
والدولة تبلي بلاء حسنا وتحرص أشد الحرص على المحافظة على مستوى المعيشة المريح لكل فئات الشعب لكن لابد من التماس العذر للدولة في هذه المرحلة التي يعيشها الوطن بكل أطيافه وعلينا أن نعيش هم الوطن.
اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وقيادتنا ونعوذ بك يا الله من الغلاء والوباء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين.
صالح حمدان