الواقع المرير لمستشفى النماص
الواقع المرير لمستشفى النماص
بقلم /د . علي بن محمد الزيداني
في الأسبوع الأول من رمضان اضطرتني الظروف أن أدخل مستشفى النماص وذلك بهدف إجراء فحوصات لخادمة جديدة , وعندما دخلت لمستشفى النماص وما أدراك ما مستشفى النماص علمًا أنه كان لدي صورة ذهنية سيئة عن هذا المستشفى من كثرة شكاوى المواطنين المتعلقة بسوء الخدمات , وتدني مستويات الأطباء , وكثير ما يردد المراجعون بأنه كل ما جاء طبيب جيد فإنه لا يمكث طويلاً ويستبدل بالأسوأ الذي يبقى طويلاً فضلاً عن رائحة كريهة بالمستشفى ناتجة عن أسباب كثيرة , ومنها تواجد المطبخ في الدور الأول ، ولكنه لفت انتباهي لوحة معلقة على جدار المستشفى من الداخل على الجهة اليمنى مكتوب عليها رؤية مستشفى النماص ( يسعى مستشفى النماص ليكون أفضل مستشفيات الوزارة بتقديم الخدمات للمراجعين بتقنية وجودة فائقة) وقيم المستشفى ( التميز في الأداء ، الاحترام ، الانضباط و الأمانة) فاستبشرت خيرًا وقلت هذه فرصة لتغيير الصورة الذهنية السيئة القديمة عن المستشفى بصورة ذهنية جديدة مشرقة ، وبدأت بأول إجراء , وهو التحاليل المخبرية فوجدت الطابور الطويل الممل الذي يرهق المرضى وخاصة كبار السن وبقيت أكثر من ساعتين فقط لكي تؤخذ العينة من الخادمة و فؤجئت بفني المختبر يقول لي أن النتيجة بعد أسبوع فقلت له: لماذا؟! فرد : جهاز التحليل بالمستشفى عطلان , وله أكثر من شهر, والعينة سترسل إلى أبها فتساءلت لماذا لا يوجد جهاز بديل؟ فقال لي :المثل المعروف ( مد رجليك على قد لحافك ) فبادرته وقلت له: اللحاف ولله الحمد كبير ولكننا لم نمد رجلينا ولم نطالب بتوفير مثل هذه الأجهزة الحساسة والضرورية وخاصة أن المستشفى يخدم شريحة كبيرة تمتد من سبت العلاية إلى آخر تنومة . تخيل أخي مريض يحتاج الطبيب يشخص مرضه ولا يستطيع ذلك إلا بالتحليل المخبري هل يسترجي المرض ويطلب منه أن ينتظر ويأخذ مواثيق عليه لكي لا يفتك بهذا المسكين حتى تأتي النتيجة من أبها أم ماذا ؟ انتقلت إلى قسم المواعيد لأخذ موعد مع طبيب العيون فبقيت في الطابور أكثر من ساعة وذلك لأنه لم يكن بهذا القسم سوى موظفة واحدة وكذلك ثقافة المراجعين بعدم احترام الطابور واحترام الواقفين المنتظرين ، وعندما وصلت إلى الموظفة قالت لي لا يوجد الآن بالمستشفى طبيب عيون لأنه في إجازة تساءلت وقلت: طبيب واحد فقط في مستشفى النماص العام هل إلى هذا الحد المستشفى مستهتر بالعيون أغلى هدية من رب العالمين لبني البشر ؟ التفت مباشرة إلى اللوحة المعلقة والمدون بها الرؤية والقيم وقرأتها مره أخرى وبدأت الصورة الذهنية تزداد قتامة ، لم ينتهِ المسلسل بل عدت بعد أسبوع ووجدت نتيجة التحليل , ومن ثم بدأت إجراءات الفحص الإكلينيكي أي الفحص على الخادمة من قبل الأطباء المختصين من نفسية إلى عيون إلى جراحة وباطنية وكنت مهتم من طول الوقت الذي سأقضيه لإنهاء هذه الإجراءات ولكن سرعان ما انقشعت عني تلك الوساوس ودلني موظف في المستشفى بعد سؤاله إلى أن الأمر لا يحتاج إلى حضور الخادمة وأن الموضوع روتيني فقط مر على العيادات وسيكتبون عبارة (سليم ) ويختمون على ذلك هالني الموقف وصدمت ولكني اتبعت نصيحته بالمرور على العيادات وكان يحدوني الأمل بأن أجد كلامه غير صحيح ولكن للأسف الشديد كل يكتب العبارة (سليم ) ويوقع .
يا لها من كارثة طبية لعمالة أجنبية يعملون في هذا البلد المعطاء وأوراقهم الصحية سليمة ومختومة بالختم الرسمي ووضعهم سليم وأنا متأكد مع هذه الإجراءات الشكلية التي لا تكشف السقيم من الصحيح أن وضعنا خطير للغاية ، وبعد هذا السرد لقصة واقعية في مستشفى النماص أنا شاهدها أطلب من وزير الصحة النظر بعين الفاحص المسؤول عن حياة البشر من الناحية الطبية أن يلتفت لهذا المستشفى ويغير صورته الذهنية لدى جميع المواطنين والأخذ على أيدي الإدارة الحالية لهذا المستشفى الذي يخدم شريحة كبيرة غير مستهان بها ، والله من وراء القصد .