×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

هاجس قيادة المرأة للسيارة !

يناقش مجلس الشورى هذا الشهر قضية قيادة المرأة للسيارة، وهي القضية التي أشغلت الرأي العام عقوداً من الزمن، وكأن المرأة لدينا ليست من ذات الجنس البشري على كوكب الأرض، فلا أدري! ماهي هواجس هذه الشريحة من المجتمع التي تقف ضد قيادتها للسيارة ؟! ومما يتوجسون ؟!
لست هنا في هذا المقال بصدد الحديث عن الجوانب الشرعية في قضية قيادة المرأة للسيارة فقد تم اشباعها بحثاً، ولم يرد دليل منقول على منعها من هذا، ولكن الحديث منصباً على كون الموضوع قضية اجتماعية بحتة تحتاج إلى إعادة النظر بالدراسة والبحث المستفيض من جميع النواحي، فلن نخترع العجلة ولسنا وحدنا في هذا الكوكب، وما كان في طور المحظورات من وسائل التقنية الحديثة في عقود مضت بات في حكم الضروريات في الوقت الحاضر.
ولي أمر المرأة الذي يسمح لها بالعمل في مكان مختلط كالمستشفيات مثلاً، أو يسمح لها بالتسوق وركوب سيارة التاكسي أو سيارة العائلة مع السائق دون أن يكون مرافقاً لها، لن يتوجس خيفة أو يتردد من قيادتها لسيارتها لوحدها، فقد منحها ثقته باعتباره هو الوحيد وصياً عليها لا غيره!
الشريحة المجتمعية السابقة تمثل نسبة لا يستهان بها في مجتمعنا، وسوف يكون السماح لها بالقيادة خبراً ساراً لها، أما الشريحة التي ترفض قيادتها فسوف تسارع مختارة عن قناعة بالانضمام للأولى عندما ترى أن من يقود حافلة الطالبات للمدرسة من بنات جنسها!.
مؤسف أن ترى امرأةً على قارعة الطريق داخل المدن تشير إلى سيارة أجرة للتوقف.!
ومؤسف أكثر أن ترى امرأةً أخرى لا عائل لها تضطر اضطراراً للركوب مع سائق أجرة في خلوة محرًمة لعدم وجود مرافق معها!.
قيادة المرأة للسيارة في هذا العصر مطلب تقتضيه الضرورة، ولم تعد المرأة (أماً أو أختاً أو بنتاً) حبيسة الجدران الأربعة، فقد أضحت طالبة في المدرسة، أو الجامعة، أو موظفة في القطاع العام أو الخاص، أو لها مطلب في قضاء حاجتها من السوق؛ وفي جميع الحالات إما أن تقود أو تقاد.

الأصل هو قيام ولي المرأة بإيصالها لمقر دراستها أو عملها أو قضاء حاجاتها، إلا أن الخرق قد اتسع على الراقع في ظل انشغال ولي المرأة بعمله؛ وأضحت الحاجة تستدعي استقدام السائق أو الاستئجار لكل فتاة من العائلة لإيصالها لمقر دراستها أو عملها بدلاً من خدمتها من بنات جنسها، فكم يصرف من المال للتأجير ويضيع هدراً من ميزانية الأسرة ؟.

في كلا الحالتين تظل العائلة تتوجس من السائق الأجير أو المستأجر، فليس كل من امتهن قيادة السيارة للفتيات مأمون الجانب ويتصف بالنزاهة والأمانة، هذا عدا ما يختفي عن أعين الناس في الغرف المتحركة وأقصد بها الحافلات أو وسائل النقل الأخرى من خائنة الأعين من بعض السائقين، أو الحديث الذي يتخلله المزاح، ما يوحي بالشر المستطير الذي قد لا يعلمه الأهل، ويسهم في هذا بعد المسافات أحياناً وقضاء ساعات من السفر مع الغريب كل يوم.

أما من لا عائل لها ولا قريب! فلا مفر لها لكي تنتقل داخل المدينة من مكان لآخر من الخلوة المحظورة مع الأجنبي في السيارة؛ وبهذا نكون قد ساهمنا في استجلاب الشر الذي ندعي حمايتها منه؛ ما يعني أن قيادة المرأة للسيارة مطلب- فلماذا نحَرج واسعاً قد أباحه الشرع؟.

إن إقرار مجلس الشورى لهذه القضية وحسم موضوع قيادتها للسيارة يصب في مصلحة كثير من الأسر التي اصطلت بنار السائقين تارة والهدر المالي تارة أخرى، وعليه! فمناقشة مجلس الشورى لأبعاد هذه القضية اجتماعياً وأمنياً وإيجاد الحلول والخروج بالتوصيات المناسبة هو الطريق الأمثل في التيسير على الناس بتنويع الاختيارات والسماح لها بالقيادة أسوةً بغيرنا من دول الجوار مع وضع اللوائح والتنظيمات وسن القوانين التي تحمي المرأة ؛ على أن يصحب هذه القضية توعية إعلامية مسبقة، مع الرقابة الدائمة والمستمرة من الجهات الأمنية.
 0  0  678