×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الأسلحة العربية القديمة

ابو فراج
بواسطة : ابو فراج
كان العرب المسلمون يتحلون بمزية المرونة في النواحي العسكرية سواء في التسليح او التعبئة العسكرية او اساليب القتال ، وكان لاستعمال العرب المسلمين للأسلحة العربية الاسلامية القديمة ما جعل لهم اليد الطولى في معاركهم ضد قوى الشرك والبغي ، ومن المهم ونحن بصدد التعرض للأسلحة التي استعملها المسلمون في حروبهم ان نتعرض ايضا لأساليب القتال التي اتبعوها لتغليب كفتهم على كفة اعدائهم ويدخل ضمن اسلوب القتال تغيير الاسلحة واستخدام المناسب لها حسب وضع وظروف المعركة .
ولم يقف المسلمون مكتوفي الايدي ازاء الاساليب القديمة للقتال ، الكر والفر وأسلوب الصفوف ، بل طوروا هذا الاسلوب لمواجهة اعداء اشد قوة وأكثر عددا. وتحدثنا الروايات عن أن خالد بن الوليد رضي الله عنه اقتبس اسلوب الكراديس قبل معركة اليرموك ، ولم يكن استخدامه لهذا الاسلوب الا نتيجة اعماله للعقل . وهي الصفة التي اتصف بها سيف الله المسلول في حروبه كلها ، فقد قام بما يسمى اليوم بعملية استطلاع لقوات الروم وخرج في جيش كبير قوامه ستة وثلاثون كردوسا ، وكان ان هاجم الروم بهذا الاسلوب القتالي وكان النصر حليف المسلمين يومئذ ، وما كان للمسلمين ان ينتصروا على اعدائهم لو جمدوا على الاساليب القديمة في القتال.
ويكفى العرب فخرا انهم تغلبوا على اعدائهم بأسلحة بسيطة فلم يكن المهم نوع السلاح بل كان الاهم من السلاح اليد التي تحارب به .
وكان اقتباس المسلمين لأسلحة العدو نتيجة تلك المعارك الكثيرة التي خاضوها وكانت هجرة الاسلحة من الدروس بكفاية ليكون لها الاثر الفعال يحتاجا الى التدريب المستمر والشاق ، لأنه لا قيمة لأي سلاح من الاسلحة الا باستعماله ، من هنا كانت اهمية التدريب .
التدريب على الاسلحة
من الحقائق المعروفة عسكريا ثقة المقاتل بسلاحه ، هذه الثقة لا تتحقق الا بالتدريب على السلاح ، ولم يكن العرب قبل الاسلام يتدربون تدريبا الزاميا ، ثم تغير هذا الوضع بعد مجئ الاسلام الذي امر بالتدريب والحث عليه ، والدليل على ذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم مر على نفر من أسلم " احدى قبائل العرب" ينتضلون بالسوق ، فقال ارموا بني اسماعيل فان اباكم كان راميا ، ارموا وأنا مع بني فلان ، فامسك احد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما لكم لاترمون، فقالوا كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال : إرموا وأنا معكم كلكم .
هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا اهتمام الاسلام بالتدريب ، وقد كان كثير من الائمة وكبار العلماء يمارسون الرمي حتى بعد ان بلغوا سن الشيخوخة ، وكان جوابهم لمن يلمحوا الاستغراب في عينيه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من علم الرمي ثم تركه فليس منا " وقد وردت احاديث كثيرة في الحث على الرمي ، فعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " صانه الذي يحتسب صنعته الخير والذي يجهز به في سبيل الله والذي يرمي به في سبيل الله ، وقال"إرموا واركبوا وان ترموا خير لكم من أن تركبوا" ، وقال ايضا " كل شيء يلهو به ابن ادم فهو باطل الا ثلاثا ، رميه عن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته اهله" "رواه الخمسة : احمد والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة"
هذه الاحاديث الكثيرة التي تحث على الرمي انما لأهميته فهو الاختيار العلمي للتدريب على السلاح فان كان الرامي هدافا كان دليلا عل انه تدرب تدريبا متقنا راقيا ، وإذا كان تدريبه وسطا كان تدريبه كذلك وهكذا بالنسبة للضعيف .
والتدريب يحتاج الى مواد وأدوات ، من هنا كان اتخاذ الاهداف للتصويب عليها ، وكانت الاحجار والأخشاب تتخذ لهذه الغاية ، وقد منع الرسول الكريم اتخاذ شيء فيه روح غرضا ، وقال عليه الصلاة والسلام " لاتتخذوا شيئا فيه الروح غرضا" اي هدفا يرمي بالسهام .
وكان الرامي الماهر يشار اليه بالبنان ، و كان سعد بن وقاص من ارمى الناس ، وكان بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ابويه ، ويقول " ارم فداك ابي وأمي" . وكان سهل بن حنيف رضي الله عنه من مهرة الرماة يوم احد فقد بايع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على الموت وجعل ينضح عنه بالنبل حتى كشف الناس فكان الرسول يقول لأصحابه نبّلوا سهلا اي اعطوه نبلكم .
ولعلنا نسوق هذه الامثلة لكي نبين حرص المسلمين على التدريب وتفوقهم فيه والذي كان سبب انتصاراتهم ، ولننتقل الى الاشارة للأسلحة الفردية والجماعية التي استخدمها المسلمون ، لنرى كيف كان دور السلاح هاما في حسم المعارك.
الاسلحة الفردية
أولا : القوس والسهم :
تكوين القوس : هو في الاصل عود من شجر جبلي صلب يحنى طرفاه بقوة ويشد فيهما وتر من الجلد او العصب الذي يكون في عنق البعير ، وكان العرب يسمونها الذراع لأنه في طولها ، لذا كانوا يستخدمونها كوحدة للقياس .
وعلى الرامي ان يمسك وسط القوس باليسرى ثم يثبت السهم في وسط الوتر باليمنى، ثم يجذبه اليه مساويا مرفقة الايمن بكتفه مسددا بنظره الى الهدف ، فإذا بلغ الوتر نهايته تركه من اصابعه فاندفع الى وضعه الاول دافعا امامه السهم الى الهدف.
تكوين السهم : الاسهم كطاقات البندقية ولابد للرامي من ان يحتفظ في كنانته بعدد من الاسهم عند القتال ، والسهم عود رفيع من شجر صلب في طول الذراع تقريبا، يأخذه الرامي فينحته ويسويه ثم يفرض فيه فراغات دائرية ليركب فيها الريش ويشده عليها بالجلد المتين او يلصقه بالغراء ويربطه ثم يركب في قمته نصلا من حديد مدبب له سنتان في عكس اتجاهه يجعلانه صعب الاخراج اذا نشب في الجسم.
ومن اجود الخشب للقوس والسهم ما كان منه صلبا خفيفا ، وأجود الخشب بالمشرق عود الشوحط وفي بلاد الاندلس الصنوبر الاحمر الخفيف .
ويعتبر السهم سلاح قتال خاصة اذا سقى نصله بالسم والأصل فيه ان يرمي به عن بعد سواء اكان ذلك في ميدان مكشوف ام من وراء الاسوار ، وهناك استعمال اخر للسهام ، فقد كانت اداة للتخاطب يكتب عليها الرامي ما يشاء ثم يرميها لمن يشاء ، حفاظا على السرية .
ثانيا : الرمح :
يتخذ الرمح من فروع اشجار صلبة من اشهرها النبع والشوحط وكان يتخذ احيانا من القصب الهندي بعد تسوية عقده بالسكين وتركيب نصل من الحديد في مقدمته ، ويعتبر الرمح من الاسلحة القديمة التي استخدمتها الشعوب لاسيما التي ترتاد الصحراء ، وكانت الرماح الطوال خاصة براكبي الخيل حيث تساعدهم الخيل على حملها ، وكانت الاطوال بين الاربعة اذرع والخمسة والعشرة وما فوقها .
وهناك نوع اخر من الرماح يسمى بالنيازك او المطارد وهي رماح قصيرة يستخدمها الراجل والفارس .
وهناك طريقة لحمل الرمح تسمى بالاعتقال وهي جعل الرمح بين الركاب والسوق بحيث يكون النصل لأعلى والزج لأسفل ، غير ان بعض القبائل العربية كانت لها طرقها الخاصة في حمل الرمح ، فبنو سليم كانوا اذا ركبوا يضعون رماحهم بين اذان الخيل ، اما الاوس والخزرج فاشتهروا بحملها مستعرضة .
وكانت لقبيلة قريش طريقة خاصة وهي حمل الرماح على عواتقهم .
وكان المسلمون يستخدمون الرماح ، ولاجادة استخدامه كانوا يتدربون على مطاردة الوحوش وطعنها بها ، او يعدون حلقة من الحديد تسمى الوتر يتمرنون على الطعن بداخلها .
ثالثا : السيف :
يكفي لبيان فضل السيف قول الرسول صلى الله عليه وسلم " الجنة تحت ظلال السيوف" فالسيف من اشرف الاسلحة ، وكان العربي يحافظ على سيفه ولايكاد يفارقه ، ونجد في ابيات الشعر العربي جانبا كبيرا في تمجيده .
ويعتبر السيف من الاسلحة الحاسمة في المعركة ، فالقتال عادة ما يبدأ بالسهام عن بعد ، ثم عند اقتراب الصفوف تستخدم الرماح ، ثم عند الاختلاط تستخدم السيوف وللسيف انواع كثيرة تختلف باختلاف صناعتها وأماكن الصناعة .
وكان اشهر السيوف السيف اليماني نسبة الى اليمن ، والهنداوي او الهندي نسبة الى صناعته في الهند ، والمشرفي وهو منسوب الى مشارف الشام والقلعي نسبة الى القلعة ، وهي حصن بالبادية ، ثم اخيرا البصراوي وهو المنسوب الى بصرى بالشام .
وعندما يقال تقلد سيفه اي جعله كالقلادة فان ذلك يعني طريقة حمله وتكون بحمله على الكتف الايمن وتركه متدليا في جنبه الايسر ، فإذا ما حمل الفارس سيفين فانه يتقلد بأحدهما ويجعل الاخر في وسطه مع تعليق كل واحد منهما في حمالته محفوظا في القراب الجلدي .
وهناك بعض الاسلحة الصغيرة والتي ان جاز وسميناها بالأسلحة الشخصية منها:
أـ الخنجر : ويحمله المقاتل في منطقته او تحت ثيابه وذلك للطعن عند الاختلاط ، وكانت نساء المسلمين يحملن الخناجر تحت ثيابهن للدفاع الشخصي اثناء الغزوات .
ب ـ الدبوس : يسمى احيانا الدبوس بالمطرقة وهي عصا قصيرة من الحديد لها راس حديد مربع او مستدير وكان استخدام الفرسان لها عند الاقتراب .
ج ـ البلطة او الفأس : هو سلاح له نصل من حديد ، مركب في قائم من الخشب بحيث يكون مدببا من ناحية رقيقا مشحوذا كالسكين من الناحية الاخرى.
هذه معظم الاسلحة الفردية القديمة ، وهناك نوع اخر من الاسلحة القديمة تسمى بالأسلحة الجماعية والتي لايقتصر استخدامها على فرد واحد وسنتعرف فيما يلي عليها .
الاسلحة الجماعية
أولا : المنجنيق والعرادة :
نبذة تاريخية عن المنجنيق ترينا كيف تطور استعمال هذا السلاح الشديد النكاية بالأعداء ، فالإنسان حارب بالحجر برميه بيده ، ثم اتخذ المقلاع لتكون رميته ابعد واقوى ثم كان التفكير في طريقة لرمي حجارة كبيرة ولمسافة اكبر ، من هنا جاءت فكرة المنجنيق .
وهو رافعة محور الارتكاز فيها في الوسط ، ثم القوة في جانب والمقاومة في جانب اخر ويكون ثقل الحجارة هو المحرك له فإذا ما هو الثقل ارتفع الشيء المرمي في كتفه ، وقد حدث تطور لهذا السلاح ، فقد صنع من قاعدة خشبية سميكة مربعة او مستطيلة وفوقها قاعدة خشبية سميكة مربعة او مستطيلة وفوقها قاعدة اخرى على شكل مربع ناقص ضلع من اسفل ثم ترتكب ذراع المنجنيق في وسط السطح العلوي لهذه القاعدة ، بحيث تكون قابلة للحركة ، ويكون ثقل الرصاص في الناحية القصيرة السفلى ويسحب الذراع بقوة الى الارض وتترك فجأة فيهوى الثقل بشدة وذلك لاصطدام الذراع بالحائط الخشبي ، وقد طرأ تحسين على هذا السلاح جعله اشد قوة وابعد مرمى فعرف نوع قوي يعمل بقوة الاوتار وهو عبارة عن قاعدة مصنوعة من كتل خشبية ضخمة وترتفع القاعدة من ناحية على شكل جدار خشبي ويثبت الذراع في اسفل القاعدة القابلة للحركة وخلفها وتر قوي مستعرض يمنع سحبها للخلف ، بينما تربط الذراع بحبال مثبتة الى مؤخرة القاعدة تجذبها الى الخلف وعند الرمي يلف المقاتلون العمود الخشبي المربوط به الذراع فتجذب الذراع الى الخلف فيمتد الوتر الذي خلفها الى نهايته ثم يوضع الجسم المراد قذفه في كفة الذراع ثم تفك الحبال الخلفية مرة واحدة فيجذبها التر بقوة عند الانكماش فتصدم الذراع بالحائط الخشبي المثبت امامها بقوة فتكون الرمية ، هذا ولم يستخدم العرب هذا السلاح في الجاهلية وقد استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم في حصار الطائف ، هذا ويعتبر المنجنيق من اقوى الاسلحة فستخدم في هدم الحصون والأبراج ، كما تحرف به الدور والمعسكرات اذا ما استخدمت القنابل محل الحجارة والأثقال الاخرى هي شديدة الشبه بالمدفعية الحديثة .
ثانيا : الدبابة :
هي آلة الاقتحام للحصون وسميت الدبابة لأنها تدب حتى تصل الى الحصون ويعمل الرجال بداخلها على ثقب الاسوار بالات الحفر التي يحملونها ، كانت اول الامر عبارة عن هودج مصنوع من كتل الخشب صلبة على هيئة برج مربع له سقف من الخشب ولا ارض له ويثبت الهودج على قاعدة خشبية ، ولها عجلات ، وتتخذ الدبابة كدرع للوقاية من السهام وعند وصول المقاتلين الى سور الحصن يعملون آلات الحفر في المواضيع التي اوهنتها حجارة المنجنيق ، فالمنجنيق هنا بمثابة التمهيد ، كلما نقض الرجال من السور قدرا علقوه بدعائم خشبية ، حتى لاينهار السور عليهم فإذا ما فرغوا من عمل فجوة متسعة فيه ، دهنوا الاخشاب بالنفط ثم تشعل النيران وتنسحب الدبابات وعند احتراق الاخشاب ينهار السور مرة واحدة وعند ذلك يحدث الاقتحام ، وقد استعمل المسلون هذا السلاح وادخلوا على هذه الدبابات التحسينات بجعلها اكبر حجما ومرتفعة بارتفاع الاسوار وبداخلها سلالم تقابل شرفات الحصن فيصعد الرجال في اعلاها و يستعلون على السور وينتقلون من شرفاتها اليه ويقومون بطرد رماة الاعداء .
ثالثا : رأس الكبش وسلم الحصار :
راس الكبش هو عبارة عن كتلة خشبية ضخمة مستديرة يركب في نهايتها راس من الحديد او الفولاذ يشبه راس الكبش بقرونه وجبته وتتدلى هذه الكتلة من سطح البرج او الدبابة محمولة بسلاسل او حبال قوية تربطها من موضعين فإذا اراد الجند هدم السور او بابه قربوا البرج منه ثم وقفوا داخله على العوارض الخشبية ، ويأخذون في ارجحة راس الكبش للخلف والأمام وهو معلق بالسلاسل و يصدمون به السور عدة مرات حتى تنهار الحجارة ويعملون بعد ذلك على نقبه وهدمه .
اما السلم فهو من آلات الحصار التي تساعد على اعتلاء الاسوار ، وصنعت السلالم من الاخشاب والحديد وترتفع بارتفاع السور تقريبا ، وأصبح السلم يصنع من قاعدة خشبية كبيرة تساعد على تثبيته ، وفي بعض الاحيان كان يقام على هذه القاعدة الخشبية سلمان يلتقيان في النهاية العلوية ليدعم كل منهما الاخر ، وجعلت لهذه القاعدة بكرات من الخشب او العجلات لسهولة التنقل من مكان لآخر وكان المسلمون اصحاب الفضل في ادخال هذه التحسينات .
وبعد فان الاسلحة القديمة ستبقى دائما محل فخر وإعزاز فيها كان النصر ، وحسنا فعلت كثير من الدول العربية حين أنشأت متاحف للأسلحة القديمة لنتذكر الماضي ، فالماضي والحاضر والمستقبل وحدة واحدة ، والماضي هو اساس الحاضر وبه نهتدي لمعرفة المستقبل .
ولكم ان تقارنوا بين تلك الاسلحة وبما استحدث في هذا المجال في القرن الواحد والعشرين .. الله يلطف بعباده ويكفينا وبلادنا شر كل ذي شر.


عقيد (م )/ محمد بن فراج الشهري
alfrrajmf@hotmail.com
بواسطة : ابو فراج
 0  0  2614