مفهوم العمل التطوعي واهميته في المجتمع
ورد في لسان العرب قول ابن منظور: تطوَّع: تفعَّل، من الطَّاعة، وهو ما تبرَّع به الإنـسان مـن ذات نفسه ، مما لا يلزمه فرضه. وجاء في المعجم الوجيز:" تطوَّع للشيء: زاوله اختياراً " وفي مختـار الصحاح:" التَّطوُّعُ بالشيء: التَّبرُّعُ به". وفي معجم مقاييس اللغة:" والعرب تقول: تَطـوَّع: أي تكلَّـف استطاعته، وأما قولهم في التَّبرُّع بالشيء: قد تَطوَّع به، أي انقاد مع خير أحبَّ أن يفعله، ولا يقال هذا إلا في أبواب الخيْر، والمُطوَّعَة: الذين يتطوَّعون للجهاد".
يُطلق التطوُّع في المنظور الشرعي على الأعمال والعبادات التي يحبِّـذها الـشرع، مـن دون أن يعتبرها فرضاً واجباً على المكلف، وهي النوافل والمُستحبات، قال االله –تعالى-:" فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ" البقرة/184 : أي من زاد على المقدار الواجب. والتطوُّع يعني أيضاً: بذل الجهـد والمـال والوقت أو الممتلكات، بنية احتساب الثواب عند االله -عز وجل- مع توقع الأجر في الآخرة، والـشكر في الدنيا. أن التطوُّع يُسمَّى نفلاً، ونافلة، ويُجمع على نوافل، والنَّفْلُ الزيادة، وسُمِّيت النَّوافلُ في العبادات، لأنها زائدة على الفرائض، مصداقاً لقول رسـول الله -صلى االله عليه وسلم- في الحديث القدسي:" وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِـلِ حَتَّـى أُحِبَّـهُ" (البخاري، 1422هـ، 8/105) . وعلى ضوء ذلك يُعرَّف العمل التطوُّعي من المنظـور الإسـلامي بأنه:" المشاركة المباشرة والمعايشة والشعور العاطفي بما يقع على الآخرين من ضـرر والمـساهمة برفع حالة الوعي، ابتغاءً لمرضاة االله -عز وجل- وسعياً لإصلاح أمر الدنيا
وقد عرَّف برنامج الأمم المتحدة العمل التطوُّعيَّ بأنه:" عمل غير ربحِي لا يُقدَّم نظير أجر معلـوم وهو عمل غير وظيفي مهني يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخـرين مـن جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة عامة" وأما العمل التطوُّعي من وجهة نظر الباحثِين الاجتماعيين، بأنـه: " الجهد الذي يبذله الفرد من أجل مجتمعه، أو من أجل مؤسسة، أو من أجل جماعة معينة، دون توقع جزاء مادي مقابل جهده، سواء أكان هذا الجهد مبذولاً بالنفس أو المال عن طيب خاطر فـي سـبيل سعادة الآخرين". إلا أن البعض قد عرَّفه بأنـه:" الجهـد الـذي يبذلـه أيٌّ لمجتمعه بلا مقابل، بدافع منه للإسهام في تحمُّل مسؤوليات المؤسسة الاجتماعية، التي تعمل على تقدُّم الرفاهية الإنسانية، وعلى أساس الفرص التي تتهيأ لمشاركة المواطن في أعمـال هـذه المؤسـسات الديمقراطية، باعتبارها ميِّزةً يتمتع بها المجتمع، وأن المشاركة تعهُّدٌ يلتزمون به". وأنه:" التبرع بالجهد والوقت أو الاثنين معاً للقيام بعمـل أو أنشطة لخدمة المجتمع ليس مطالباً به الفرد أو مسؤولاً عنه ابتداءً بدافع غيـر مـادي، ولا يأمـل المتطوع الحصول على مردود مادي من جراء تطوِّعه، حتى وإن كان هناك بعض المزايا المادية، فهي لا تعادل الجهد والوقت المبذول في العمل التطوُّعيِّ، والمتطوِّع هو الفرد القائم بذلك التَّبـرع أي الفاعل للأنشطة". ويعرِّفه الباحثان بأنه:" كل جهد أو عمل أو مال أو علم، أو وقت، يقدمه الفرد بنية التقرب إلى الله – سبحانه وتعالى- دون أن يكون مفروضاً عليه، ودون انتظارِ أجر دنيوي".
يعتبر العمل التطوُّعي في الإسلام أحدَ الركائز الأساسية في توطيد علاقة الفرد المسلم بأخيـه المسلم، أو علاقة المسلم ببيئته، وقد حرص الإسلام حرصاً شديداً على تشجيع العمـل التطـوُّعي والدعوة له في كافة المحافل والمجالات، بحيث يتحقق مفهوم التكافل، والتعاون، والمحبة، وتكـون جميع القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية ومتحدة في تنمية المجتمع، والحفاظ على مصالح النـاس ... وتظهر مكانة العمل التطوُّعي جليةً واضحة من خلال دعوة الإسلام إلى التطـوُّع ومـساعدة الآخرين، والتعاون وبذل المال، ووعد فاعل ذلك بالأجر العظيم مصداقاً لقول الله –تعالى-:" فَمَـنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ" البقرة/184 ،وحثِّّه أيضاً على فعـل الخيـرات، مـصداقاً لقـول الله –تعالى-:" وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [الحج/77) ألحقَ التطوَّع بالفريضة، باعتبار أن التطوَّع زيادة على الفريضة، وهذا مـا يُعطـي العمـل التطوُّعي أهمية خاصة، لقول الله -تعالى-:" فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ" البقرة/184ـ جعلَ العمل التطوُّعي مناخاً لتحقيق الوحدة والتعاون، مصداقاً لقول االله –تعالى-:" وَتَعَـاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة/2ـ وعدَ المتطوِّعين بالأجر العظيم والتمكين والأمن، مصداقاً لقوله –تعالى-:" وَعَدَ اللَّـهُ الَّـذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّـنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا" النور/55 ـ التأكيدُ على أن العمل التطوُّعي فيه منفعة للذات، وأن على الفرد المسلم تقديم العون للآخرين، تحصيلاً لرضا االله -عز وجل- ونيل الأجر والثواب، قال االله –تعالى- في وصـف المُتقـين: " وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" [الذاريات/19 ،وقال-تعالى- متحدثاً عن البِّـرِّ الـذي ينبغي أن يكون عليه المرء:" وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَـامَى وَالْمَـسَاكِينَ وَابْـنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ" [البقرة/177.
مكانةُ العملِ التطوُّعيِّ في السُّنةِ النبوية. : التأكيد على الاهتمام بشؤون المسلمين أينما كانوا أو حلُّوا، فقد قال رسول االله -صلى االله عليه وسلم-:" مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ" .. بيان موقع المبادرين والمتطوِّعين مع الآخرين، بأنهم يتقدمون على من سواهم بفضل أعمالهم، مصداقاً لقول رسول االله -صلى االله عليه وسلم-:" خَيْـرُ النَّـاسِ أَنْفَعُهُـمْ لِلنَّـاسِ" وقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا اخْتَصَّهُمْ لِقَـضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ بِالنَّارِ، فَإِذَا كَـانَ يَـوْمُ الْقِيَامَـةِ خَلَـوْا مَـعَ اللَّـهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، وَالنَّاسُ فِي الْحِسَابِ" ـ بيَّنَ الرسول -صلى االله عليه وسلم- فضل العمل التطوُّعي الإنساني مهما كان حجمه، حتـى وإن قلَّ، فإن لصاحبه أجراً عظيماً في الآخرة، لقوله -صلى االله عليه وسلم-:" الْإِيمَانُ بِـضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْعَظْمِ عَنِ الطَّرِيـقِ وَالْحَيَـاءُ شُـعْبَةٌ مِـنَ الْإِيمَانِ" ـ أكَّدَ الرسول -صلى االله عليه وسلم- على ضرورة السعي في مجالات الخير والتطوُّع، وتقديم العون للمحتاجين، فقد قال -عليه السلام-:" السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِـدِ فِـي سَبِيلِ اللَّهِ، أَو قَالَ: كَالقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ" ـ اعتبرَ الرسول -صلى االله عليه وسلم- التطوُّع مبادرة ذاتية، يستجيب من خلالها الفرد المسلم لطاعة االله ورسوله، عندما يرى أنه عملَ ما يُقدِّم خدمةً للمسلمين، انسجاماً مـع قـول النبـي -صلى الله عليه وسلم-:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" وقال أيضاً:" إِنَّ لِلَّهِ عِبَـادًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجَهُمْ، أُولَئِكَ الْآمِنُونَ يَـوْمَ الْقِيَامَـةِ" وعلى ضوء ما تقدم، وانطلاقاً مما ورد في الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الـشريفة، فإن العمل التطوُّعي يعدُّ من القضايا المُهمَّة في الفكر الإسلامي، بل إنه قد يصبح واجبـاً فـي بعض المواقف ، وعندما يستدعي الأمر التدخلَ السريعَ ودون تردد، ومنهـا حـالات الإنقـاذ، والحالات التي يتعذر فيها وصول الخدمة إلى الفرد بشكل سريع، ولذلك يجب أن تكون رغبـة الإنسان المسلم في التطوُّع قائمة على حبِّ الازدياد من عمل الخير والحرص عليه أكثر ممـا هو مطلوب منه أو واجب عليه -أحياناً- لإرضاء االله -سبحانه وتعالى-.
أهميةُ العملِ التطوُّعيِّ في الإسْلام : يشكل العمل التطوُّعي في الفكر الإنساني أحد الروافد الأساسية للنهوض بـالمجتمع، وتحقيـق التنمية الشاملة، من خلال مشاركة الأفراد في الجهود المبذولة للتخفيف من معاناة الناس، ومدِّ جسور التواصل مع المجتمعات الخارجية، ضمن الدوائر الأوسع، بغية تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، كمـا أنه يشكل أحدَ مقومات مساندة الجهد الحكومي في مختلف المجالات، ويعطي مؤشرات صادقة عـن مستوى شعور الأفراد في المجتمع بالمواطنة، وقدرتهم علـى التعـاون، والإحـساس بالمـسؤولية، والولاء، للدين والجماعة وكلما تقدم المجتمع وتعقدت علاقاته الاجتماعية والإنسانية، فإن الحاجة للعمل التطوُّعي سـواء كان فردياً أو مؤسسياً تزداد، لكي يشكل أبرز سمات الترابط، والتآلف الاجتماعي، لتحقيق التماسـك، والتعاون ، والمحبة ، خصوصاً وأن المشاركة في العمل التطوُّعي تؤدي إلى شـعور الفـرد بقيمتـه وبدوره، مما يولد لديه شعوراً قوياً بالرضا الذاتي والكفاءة ويمكن إبراز أهمية العمل التطوُّعي في الإسلام من خلال النقاط الأساسية التالية:
ـ تحقيق مبادئ الترابط والتعاون والتآلف بين المسلمين، مصداقاً لقول االله –تعالى-:" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات/10 ،وقوله:" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَـى الْـإِثْمِ وَالْعُـدْوَانِ "المائدة/2 "ـ يُعطي صورة مشرقة عن رسالة الإسلام وطبائع المسلمين وممارساتهم، مما يجعل الآخرين من غير المسلمين يشعرون بعظمة الإسلام وإنسانيته وعدالته، وهذا تأكيد لرسالة الإسلام الخالـدة، التي جاءت للناس جميعاً قال االله -تعالى-:" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" [الأنبياء/107ـ تحقيق مبدأ التكافل والإيثار، انطلاقاً من قول االله –تعالى-:" وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" الذاريات/19 وقوله –تعالى-أيضاً:" وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر/9 .ـ تحسين مستوى الأمن الاقتصادي والاجتماعي للأفراد، لأن العمل التطوُّعي يُسهم في سد حاجات الناس، وفتح آفاق للاستثمار الاقتصادي، وإنشاء المشاريع الخيرية، التي تشكل رافداً اقتـصادياً للفئات المحرومة والمُهمَّشة، كما يشعرها بالأمان، قال االله -تعالى-:" مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْـوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" البقرة/261 . وقال –تعالى-:" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لايَحْتَسِبُ "لطلاق/2 ،3 ، وقد أكَّدَ رسول االله -صلى االله عليه وسلم- على ذلك بقوله:" فِي كُـلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" وقال:" لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَـا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (البخاري، 1422هـ، 1/12 )ـ تزكية النفس البشرية وتطهيرها، وتحقيق الشعور بالرضا والطمأنينة، وذلك انسجاماً مع قول االله -سبحانه وتعالى-:" وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّـهِ هُـوَ خَيْـرًا وَأَعْظَـمَ أَجْـرًا "المزمل/20 ،وقوله –تعالى-:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّـهُ حَيَـاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "النحل/97 " وقوله –تعالى-:" الَّـذِينَ يُنْفِقُـونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِراً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَـا هُـمْ يَحْزَنُـونَ " البقرة/274 ،وقوله أيضاً:" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الـصَّالِحَاتِ لَيَـسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِـي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَـدِّلَنَّهُمْ مِـنْ بَعْـدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا" النور/55.ـ استثمار أوقات الفراغ في الأعمال النافعة، فالعمل التطوُّعي يُسهم في اسـتثمار أوقـات فـراغ الأفراد في أعمال تعود عليهم بالمنفعة والخير في الدنيا والآخرة، وتفتح أمامهم آفاقاً رحبة لتحمُّل المسؤولية والتعاون، وعلى كل فرد أن يسعى إلى استثمار وقت فراغه في أعمال تعـود علـى أسرته ومجتمعه وأمته بالخير والفائدة، قال الله –تعالى-:" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات/24،ـ مشاركة الآخرين في المسؤولية والمساهمة في اتخاذ القرارات التي تهمُّ المجتمع والأمة، وقد أكَّدَ على هذا رب العزة في محكم التنزيل حيث قال –جل شأنه-:" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَـا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة/2
يظهر مما تقدم أهمية العمل التطوُّعي في الإسلام، باعتباره أحد الصور الرائعة للمجتمع الإسلامي، والتي تنمُّ عن عقيدة إنسانية سمحاء في نظرتها للبشر أياً كانوا، كما تتأكد ضرورة تميُّز المجتمع الإسلامي بهذه الأعمال، لأنها تؤلِّف بين قلوب الناس، وتحقق مبـادئ رائعـة، كانت ولا تزال وستبقى نبعاً لحضارة متميزة وقيم سامية.
عقيد (م )/ محمد بن فراج الشهري
alfrrajmf@hotmail.com