شركة المحاصة في نظام الشركات السعودي الجديد ورؤية 2030
شركة المحاصة نظام الشركات السعودي
أبقى "المنظم" السعودي على شركة المحاصة في نظام الشركات الجديد، وعرفها" بأنها شركة تستتر عن الغير، ولا تتمتع بشخصية اعتبارية، ولا تخضع لإجراءات الشهر، ولا تقيد في السجل التجاري، ويجوز إثبات شركة المحاصَّة بجميع طرق الإثبات".
وتعد شركة المحاصة من شركات الأشخاص، فأساس تكوينها هو الثقة المتبادلة بين الشركاء، وتبدو ميزة الاعتبار الشخصي واضحة وملحوظة في هذه الشركة أكثر من غيرها من شركات الأشخاص، لأن الشركاء لا يظهرون في مواجهة الغير، بل يقدمون حصصهم غالباً على سبيل التملك للشريك المدير المحاصي، ويتعامل باسمه الخاص.
ومن أثر الاعتبار الشخصي لتكوين شركة المحاصة ما يلي:
1-تخضع شركة المحاصة لذات أحكام شركة التضامن.
2-يكتسب جميع الشركاء في شركة المحاصة صفة التاجر، وليس فقط الشريك المدير المحاصي رغم قيامه وحده بالأعمال التجارية؛ وذلك لأن المدير المحاصي يعمل لحساب جميع الشركاء رغم أنه يتعاقد باسمه الشخصي أمام الغير، ويتحمل جميع الشركاء نتائج المشروع من ربح أو خسارة.
3-ملكية الشريك للحصة التي يتعهد بتقديمها مالم يتفق الشركاء على غير ذلك.
وتتنوع الحصص التي يقدمها كل شريك في شركة المحاصة، فتشمل الحصة النقدية والعينية والحصة بالعمل، فإذا كانت الحصة معينة بذاتها، وشهر إفلاس الشريك الذي يحرزها، كان لمالك هذه الحصة أن يطلب استردادها من التفليسة بعد أداء نصيبه في خسائر الشركة.
أما في حالة كون الحصة نقدية أو مثليات غير مفرزة كالحبوب والسوائل مثلاً، فلا يكون لمالكها إلا الاشتراك في تفليسة من يحرزها، بوصفه دائناً بقيمة الحصة مخصوماً منها نصيبة في خسائر الشركة.
4-شركة المحاصة تتكون في الخفاء، فلا يعلم الغير عن تكوينها أو الشركاء فيها؛ ولذلك لا تخضع لركن الشكل الواجب توافره في عقد الشركة، كما لا تخضع لإجراءات العلانية التي يتطلبها "المنظم" في بقية الشركات.
ويترتب على ذلك أنه لا يشترط كتابة العقد التأسيسي للشركة، كما أنه لا يشهر هذا العقد، ولا يتخذ بشأنه إجراءات التصديق أو القيد بالسجل التجاري.
وبالتالي فإن أحكام عقد شركة المحاصة لا يعلم به إلا الشركاء فيها فقط، ولذلك يمكن إثبات هذا العقد فيما بين الشركاء بجميع طرق الإثبات.
وقد أكد "المنظم" على ذلك في المادة (44) من نظام الشركات ونصها: " يجوز إثبات شركة المحاصة بجميع طرق الإثبات".
وبالتالي فإذا ثار نزاع بين الشركاء فيما بينهم بشأن الأرباح والخسائر وتقسيمها وغير ذلك من المشاكل التي قد تنشأ عن هذه الشركة، وتمسك أحد الشركاء بوجود هذه الشركة، فيستطيع إثبات ذلك بشهادة الشهود، ولا يشترط أن يكون بيده دليل كتابي، كما يستطيع أن يثبت ذلك بشاهد ويمين.
لذلك تعد شركة المحاصة نموذجاً فريداً لشركات الأشخاص، وتتضح من خلال النتائج التالية:
1-إن شركة المحاصة شركة كغيرها من الشركات تجمع شخصين أو أكثر للقيام بأعمال بهدف جني الأرباح على أن يتعاطى فيها كل من الشركاء مع الغير باسمه الشخصي، إلا أن شركة المحاصة تختلف من غيرها من الشركات بعدم تشكيلها شخصاً معنوياً، فهي لا تعد كياناً قائماً بذاته، وليس هناك شخصية مستقلة عن شخصية الشركاء.
2-وتؤسس شركة المحاصة عادة للقيام بمشروع معين وقصير المدى على أن تحل بعد إتمام المهمة، ولا يحق للشركاء أن يكشفوا للغير عن وجود الشركة أو عن هوية الشركاء، فالعقد الذي يحكم الشركاء هو عقد خاص بهم، لا يجوز للغير أن يطلع عليه.
3-ويتم تسيير هذه الشركة من خلال تنظيم الشركاء لكيفية إدارتها في عقد التأسيس، فقد يتفق الشركاء على أن يتولى إدارة الشركة أحدهم، ويطلق عليه مدير المحاصة، يتولى هذا الأخير أعمال الشركة كما لو كان يدير أعماله الخاصة، فيتعامل مع الغير باسمه الشخصي، فيصبح وحده المدين أو الدائن قبله، ولا تنشأ أية علاقة مباشرة بين الغير وباقي الشركاء إلا أن المدير يلتزم بأن يقدم حساباً إلى الشركاء عن الأعمال وفقاً للشروط المتفق بين الشركاء، فالمدير يعين من قبل الشركاء في عقد التأسيس أو في اتفاق لاحق، كما تحدد اختصاصاته من قبل الشركاء و يسأل أمامهم عن جميع الأعمال التي يقوم بها لحساب الشركة .
4-كذلك تنقضي بالأسباب الخاصة لانقضاء شركات الأشخاص، ويترتب على انقضاء شركة المحاصة تصفيتها وقسمة أموالها على الشركاء، غير أن تصفية شركة المحاصة تختلف عن تصفية الشركات الأخرى بسبب طبيعتها المستترة.
ومن خلال دراستنا لهذه الشركة نجد أنها شركة تتميز من غيرها من الشركات التجارية، ففضلاً عن عدم اكتسابها الشخصية المعنوية، فهي تتميز بنظام قانوني يتصف بالبساطة والمرونة التي يمنحها مبدأ سلطان الإدارة، وهذا كله بعيدًا عن الشكليات التي تقيد باقي الشركات التجارية من إجراءات تسجيل وشهر، فشركة المحاصة تعد استثناء في ميدان الشركات التجارية التي تحيا من تاريخ تسجيلها وشهرها.
5-كما أن الشركات التجارية ينظمها نظام خاص بها، وهو النظام الأساسي الذي يضعه الشركاء وتصادق عليه الجمعية العامة. أما شركة المحاصة، فلا تملك جمعية عامة؛ لتصادق على النظام، وإنما يتم تحديد طريقة عمل هذه الشركة في العقد التأسيسي لها من طرف الشركاء. فالشركاء أحرار في طريقة تسيير هذه الشركة، وعليه فإن النظام القانوني لشركة المحاصة متمثل في العقد الذي أبرمه الشركاء فيما بينهم. كما أن شركة المحاصة حظيت بالاهتمام بالتعريف إلى جانب التعديلات البسيطة من قبل "المنظم" السعودي في نظام الشركات الجديد بقدر ما تحظى به الشركات التجارية الأخرى.
6-نظام شركة المحاصة الجديد مشجع وجاذب للاستثمار الأجنبي بما يتوافق مع الرؤية الوطنية للمملكة العربية السعودية لعام 2030م.
بقلم
المستشار التدريبي والمحكم التجاري
رباب أحمد المعبي (ماجستير قانون تجاري)
للتواصل
rababmobi22@hotmail.com
@rabab_almobi