×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أعداء النجاح

أعداء النجاح
ذكر الله تعالى في كتابه العظيم آية عظيمة قوله تعالى : (وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً) فمهما بلغت من العلم والنجاح والذكاء فما زال علمك قليلاً ضئيلاً ، ومهما بلغت من النجاح أعلى مراتبه فلن تبلغ قمته ، ومع ذلك لن تنثني عزيمتك لأن النجاح عادة يجدها الإنسان في نفسه وتزداد كلما طوّر الإنسان نفسه ، لأنك لم تستجيب للملل ولن تعرف الكسل ، وتحاول الصعود للقمة مهما تعثر بك الزمن ، ولو غلبكَ على نفسك أعداؤك وحسادك مهما بلغوا ، فلن تسقط بإذن الله لأن لك همة تنطح بها الثريا وعزم كعزم الأسود .
ومن يتهيّب صعود الجبال * * * يعش أبد الدهر بين الحفر
أيها الناجح :
اعلم أن هؤلاء الأعداء سوف تجدهم في طريقك أينما اتجهت ، إن سرت يميناً وضعوا الشوك في طريقك ، وإن اتجهت يساراً وضعوا العقبات أمامك ، وهم حسّادك الذين لا يريدون لك نجاحاً لأنك فقْتهم قدراً ، فتجد قلوبهم تحمل الحسد والحقد الأسود وتحمل البغض لنيلك مرتبة أعلى منهم ، فلو تصفحت التاريخ وجدتهم على مرّ العصور والدهور ، ولم يخلو منهم زمان ولا مكان ، لأنهم سلالة لن تنتهي ولن تنقطع ، لأنهم تلامذة إبليس الذي علمهم الحسد وتخرجوا من مدرسة الحسد الابتدائية والحقد والضغينة المتوسطة فعندما حُسِدَ آدم عليه السلام كان سبباً في خروجه من الجنة .
حـسدوا الفتى إذ لم ينـالوا سعيه * * * فالناس أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسـنـاء قلن لوجهها * * * حـسـداً ومقـتـاً إنه لذمـيــم
يقول المثل : (إذا ركلك شخص من الخلف فاعلم أنك في المقدمة) فإذا تكلم عنك حسادك من خلفك فاعلم أنك فقتهم منزلة وأنك تجاوزتهم بعقلك وجهدك وتعبك ، فلن يجتمع الفشل والنجاح أبداً .
وإذا أدار الله نشر فضيلةٍ * * * طويت أتاح لها لسان حسود
فلا تضق ذرعاً إذا واجهت صعوبة ولا تيأس فإن هذه المواقف تصقل الرجال وتقدح العقول وتشعل الهمم ، واسلك طريقاً منتظماً لا اعوجاج فيه فهو طريق النجاح المستمر ، فالعود لا يفوح عطره حتى يحرق ، ومن ثبت نبت ، ومن جدّ وجد ، ومن صبر ظفر ، ومن لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة .
فلا تنشغل بالرد على حسادك لأن ذلك يفرحهم ؛ بل تجاهلهم ، فلو أعطيتهم شيئاً من وقتك لأعلنوا انتصارهم عليك ، ولا تنظر للخلف واذهب في طريقك ، فقد ثبت أن الغزال عندما يطارده الأسد بمجرد التفاتة واحدة للخلف أعلن انهزامه فأصبح فريسة لذيذة للأسد ، ولو استمر في طريقه دون التفات لنجى ونجح ، فلا تلتف لحسادك بالخلف ، بل تجاهلهم ولا تكن مثلهم تحمل الحقد عليهم ؛ لأنه :
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب *** ولا ينال العلا من طبعه الغضب
إن الأفــاعي وإن لانت ملابسـهـا *** عند التقلب في أنيـابـها العـطــب
فالكريم الشهم الذي لا يهمه شأن حساده تجده كالنخلة الطويلة الباسقة تؤتي ثمارها ورطبها وخيراتها ، وإذا رميت بالحجارة ردت عليك بالرطب والتمر ، واعمل بصمت ودع إنجازاتك تتحدث عنك .
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً * * * بالصخر يرمى فيلقي أطيب الثمر
فاعلم أن طريق النجاح محفوف بالمخاطر والأشواك والنكبات والحساد وهو صعود دائماً وثبات ، أما طريق الفشل والانحراف فهو منحدر ، ولا يهمك من دنت نفسه ولم يفكر فيها لينتشلها من قاع الفشل ويزيل عنها غبار الكسل وهوى النفس الأمارة بالسوء .
حسادك وأعداء النجاح والناجحون يسعون لتشويه سمعتك في المجتمع ، فربما كانوا من أقرب المقربين لك وأنت لا تعلم ، ربما كان زميلك في العمل ربما كان قريبك في العائلة ربما وربما . . وأنت لا تعلم عن ذلك شيئاً فتفاجئ بنفسك وقد أصبحت في أفواه الناس يتحدثون بك .
فتوكل على الله واعلم أنهم لن يضروك شيئاً مهما فعلوا ، واجعل في ذلك قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف حسده أقرباؤه وصاروا أشد أعدائه ، وصبر وثبت على طريقه ولم يهتم بهم ، ولم يضره منهم شيء أبداً ، وانظر إلى الناجحين في هذه الحياة الدنيا من المسلمين وغير المسلمين كيف جالدوا من أجل الثبات للوصول إلى أعلى القمم ، وبعد التعب راحة ، وبعد العسر يسرين بإذن الله .



بقلم
الأستاذ :
عيسى بن سليمان الفيفي
19 / 5 / 1438هـ
الخميس
 0  0  1079