×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

القرية قيثارة أمل ولحن إبداع!!


ليس بمقدور أحدنا أن يصنع السعادة بمفرده وليس باستطاعته أن يجعل لها طعماً في مكان يخلو من الناس , ولن يكون قادراً على جلب نسائم الهدوء وراحة البال وهو مقيد في مدارات الصمت, لأن الحياة نبض والأنفاس روحها والأهازيج لحن الأمل ومنبع السكينة , هم البشر في حضورهم الطاغي تتوارى كل صراعات النفس وتتفتح نوافذ الأسارير وتنبلج لحظات البشر والسرور على قسمات الوجوه, وفي غيابهم الكلي أو الجزئي تستوطن الكآبة والملل وتختفي ملامح الفرح .

حينما نتذكر القرية فإنما يتبادر إلى أذهاننا ذلك الركن القصي في ضواحي المدينة أو بعيداً عنها, تلك الأماكن التي توشحت ذات يوم ببياض القلوب ونقاء السريرة, وفيها بقايا شموخ إنسان ومراتع ذكرانا مع أقلامنا الخشبية ودفاترنا الصغيرة وممحاة أقلامنا التي رسمنا فيها بأناملنا أول خطوات الإنتقال من عالم الظلام إلى النور , صورتها الجميلة لا تزال حاضرة في وجدان البشر وعالقة في أذهانهم , فهي الريف الرؤوم والمتنفس البهيج وهي نبض القلب ودفئ المشاعر وحنين الأزمنة , حينما كانت تتناغم فيها مقومات الحياة مع عناصر الطبيعة فقد تشكلت في منظومتها الحيوية(سينمفونية) رائعة تعزف لحناً (بيتهوفينياً) جميلاً في صباحاتها ومساءاتها اليومية,وحينما تخلو القرية وتصبح أطلالاً فلا مجال للسكنى هناك , الحياة حينها ستفقد أهم مقوماتها فلا خطوات تدك معاقل الهدوء ولا أصوات تشق قلاع الصمت ولا سباق في مضمار الحياة , وحينها نتأكد أن قيثارتنا لا تعزف إلا لحن الوداع إيذاناً بهجر المكان.

نأتي إليها في لحظة وفاء عابرة في حلة من شوق تسوقنا نحوها خطوات العشق وفي مقلنا نحمل همها ونبحث في أجندتنا عما يعيد لها وهج الحياة , بيد أننا بعيدون عنها جغرافياً متعلقون بها تاريخياً لا نستطيع أن نقدم لها سوى الأماني المغلفة بأحرف الحب المدونة في جدران قلوبنا, ولكن لن تعود إليها عجلة الحياة ما لم تعد الطيور المهاجرة إلى التحليق في سمائها والتغريد في أرجائها لتعود المياه إلى جداولها الناشفة وهدير الحركة في طرقاتها الموحشة وتدب الحياة في أوصالها الهامدة من جديد.
 0  0  5441