×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تنومة بين الهوية والمستقبل!!

سعد بن مغرم
بواسطة :
لم أجد اتفاقاً يفوق اتفاق أهالي تنومة ومن رآها ومرّ عليها كإتفاقهم على جمالها الاستثنائي وامتلاكها مقومات لم تحظ به غيرها من المدن , لكن هذا الاتفاق يقابله اختلاف كبير في رؤية زوايا هذا الجمال وكيفية ادارته كي تكون تنومة مرضية لأهلها وزوارها .

تنومة من حيث الهوية القديمة هي المدينة الهادئة الجميلة المكونة من قرى متناثرة بين جنباتها التي تحفها الجبال من جهات عديدة وتخترقها الاودية والشعاب من عدة اتجاهات وبين هذا وذاك توجد سهول ممتدة كفيلة بقيام بيئة حضرية حديثة .

هنالك (تنومة التاريخ) (وتنومة الجغرافيا) (وتنومة التنظيم الاداري) (وتنومة الثقافة) وتنومة التي نود أن نراها في المستقبل , عندما نخطط أو نطلق رؤيتنا لتنومة المستقبل فماذا نأخذ من هذه التنومات المتعددة والى أين نصل يا ترى ؟
هل نريدها مدينة عصرية كالرياض وجده والخبر ذات شوارع مستقيمة ممتدة وواجهات مباني مميزة ؟ إذا كان ذلك فماذا سيبقى من تنومة الماضي العريق ؟
أم نريدها مدينة متوسطة ذات تخطيط حضري وريفي متوازن ؟ فيها الأحياء المنظمة ولكن ربما غير متراصة أو مترابطة ! لكن سيبقى لنا من تنومة الحاضر جبالها ووديانها .

أم هل نريدها ريفية قروية عفوية يتحكم بشكلها النهائي إرادة أهلها فهم سكانها وهم أصحاب الأملاك وأصحاب المزارع التي عجزوا بإمكاناتهم الذاتية وسياسة الزراعة عن مواصلة زراعاتها وأعجزتهم المحاكم عن تحويلها إلى قطع سكنية عقارية و استثمارية ؟!!

من يحكم شكل تنومة المستقبل هل هي البلدية المخططة والتي ينظر من يعتمد خطتها كما ينظر ربما لحي اشبيلية في الرياض أو الحرمين في جده باشتراطاتها الصارمة التي تنطبق هناك ولا تنطبق هنا ؟
أم هم سكانها الذين لا يهتمون كثيراً باستقامة الشارع أو أمتار الارتداد أو التصريف الصحي ومجاري السيول فهم أبناء مدينتهم بقراها المختلفة ويعرفون ممتلكاتهم ويعرفون مجاري الأودية ومكامن الخطر كما يعرفون عيالهم ؟
أم التنظيمات الضاغطة لفرض أساسيات التخطيط كالمجلس البلدي ( التنظيم الرسمي ) أو مجموعات النخب والمؤثرين من المستثمرين في تنومة أو أصحاب الفكر والرؤى والمنظرين في المجالس والملتقيات .

ألف سؤال وسؤال عمن سيأخذ المدينة الجميلة إلى أين ؟ وكيف ؟ وهل سيكون ذلك في الطريق الصحيح ؟ وقبل ذلك أين نقف الآن ؟
حقيقة لست متخصصاً في مجال تخطيط المدن ولا الخدمات الاجتماعية ولكنني انظر بعين الراصد إلى المدينة التي تربيت ونشأت على جنباتها وأحببتها فأردت أن أشارك بهذا المقال الوجيز في طرح أكثره تساؤلات , والإجابات توجد في جعبة المخططين والمنفذين وأبناء المدينة المخلصين الذين يريدون أن يروا أنفسهم في تنومة بعد عشرين سنة وليس في مدينة أخرى تجهلهم ويجهلونها .

عن نفسي سأدلي بدلوي وهي نظرة شخصية قد تستند لخبرات أكاديمية ومشاهدات من واقع الحياة ولكل وجهة نظره والاعتماد أولاً وأخيراً على الجهات المعنية برسم سياسة تخطيط المدينة وتنفيذ تلك الخطط .

ولتكوين رؤية مستقبلية لا بد من العودة للماضي واستعادة صورة لما كان عليه الوضع العمراني والثقافي في العقود القريبة ولنعود سوياً لثلاثين أو أربعين سنة للخلف عندها سنحدد معالم تنومة القديمة المركزية منها بالذات مثل سوق سبت تنومة والرقاعة والتي أصبحت من الذكريات للأسف حيث لم تعد على وجه الأرض , ومن المتعذر إحياء شيء لم يمت فحسب , وإنما نسف من جذوره كأنه لم يكن .

إذاً فقلب المدينة لم يحتفظ به كما تحتفظ البلدات الأوروبية لمئات السنين فتجد الكاتدرائيات والبيوت القديمة والأسواق والمقاهي والشرف لم تمس أبداً ولم يطلها التطوير ولا التغيير في شخصيتها وهويتها , وإنما أضيف لها ما تحتاج من تمديدات الخدمات الضرورية وبقيت مراكز جذب لإستقطاب السياح من كل مكان .

تجاوزنا هذه النقطة الجوهرية فماذا بقي ؟؟
يوجد على امتداد تنومة الكثير من القرى القديمة والحصون التاريخية التي هجرها أهلها ونزحوا عنها وستؤول إلى الخراب ما لم تمتد لها أيادي أبنائها لاعمارها وإبقائها متماسكة لعشرات السنين إلى الأمام , يوجد كذلك رصيد هائل من التاريخ والشعر المرتبط بالأمكنة وبالإمكان إعادة إحيائها في ثنائية تبقى للأجيال القادمة .
ما سوى ذلك من الأمور فهي تنحو لتكون ضمن صناعة حاضر ومستقبل تنومة , ومن المهم جداً المحافظة على هوية الأماكن وحفظ مسمياتها فليست بالأسماء المعيبة ولا المشينة ونحن نرى في أحياء المدن الكبرى وشوارعها كثير من المسميات التاريخية والتي لا يعرف امتدادها الزمني سوى ابناء تلك المدن أنفسهم .

أيضا المعالم الرئيسة كالجبال والوديان والشعاب من المؤلم أن يجتاحها العمران يوما فيلغي ظهورها وإطلالتها الجميلة على تنومة من عدة جهات .

أخيرا فمن الممكن تركيز التخطيط الحضري لتنومة في سهولها الواسعة وفق ضوابط تجعل المدينة كباقي المدن بحيث تحقق الوظيفة الرئيسية لكيان مدينة عصرية مع الاحتفاظ بهوية خاصة تميزها عن غيرها .
بواسطة :
 0  0  5705