" عميد شعراء العرضة الجنوبية "
رغم مرور سنوات عديدة على رحيل العديد من عمالقة شعراء العرضة في منطقة رجال الحجر, أمثال بن جاري البكري, محمد بن لعدل, مزهر الثرباني, سليمان بن مسعد, محمد بن سعيدة الخشرمي, محمد بن زاهر, علي بن نغاش وجميعهم من بني شهر, وكذلك طالع وسحيم وصالح بن مصلح من بني عمر, و بن مالح وبن سرحان من بللسمر, وبن حوان وبن رقوان من بللحمر وغيرهم كثير من العمالقة إلا أنه لا يزال لهم صيت ومكانة حتى الآن لجودة أشعارهم وقوتها, ورزانة وحنكة أولائك الشعراء, وفي نهاية القرن الرابع عشر رأينا بروز عدد من الشعراء الكبار يقف في مقدتهم الشاعر الكبير (محمد بن مصلح الزهراني) عميد شعراء العرضة الجنوبية دون منازع والذي غادرنا هذا الأسبوع بعد سنين مليئة بالإبداع فقد كان (أبو دخيل الله) وريث الكبار الخالدين في ديوان شعراء العرضة الجنوبية... لقد كان شاعرا يملك مميزات عديدة وكاريزما خاصة به لا يشاركه فيها شاعر آخر قامة وهامة, غزارة في الشعر كالبحر, صوت جهوري قوي حقق إنفرادا قويا في الفصاحة , جعل له حضورا شعبيا على مستوى المملكة والجنوب بشكل عام... ولد ابن مصلح في منطقة الباحة في عام 1352 هـ وبدأت علاقته مع الشعر في سن السابعة من عمره, وشارك في الحفلات في سن السادسة عشره, يمتد جينيا وتأثرا شعريا إلى خاله (إبن مسيفر) ولذا هو شاعر منطقة كونه حمل نسبي غامد وزهران, افتتن بالشعر, آمن بالوطن وبالشعر, وبالإنسان ولم يلتحق بن مصلح بأي وظيفة حكومية أو خاصة, ليقينه بأن الشعر جدير بأن لا يكون له شريك منافس, لكنه كان يتمتع بقدر عال من الثقافة بالرغم من عدم التحاقه بالتعليم النظامي حاله كحال الشعراء العظام الذين ذكرتهم في المقدمه, وكثيرا من الشعراء تربوا على منهجه وطريقته, وذائقته... لقد كان علما في رأسه نارا... كان فريدا في شكله وشعره, ونهجه, خبيرا بالقبائل وجغرافية المناطق لا يقبل الهزل, ويسير في طريق الجد المحبب, عاصر شعراء كبار كان لهم ندا قويا ومحاورا بارع لا يشق له غبار... نعم هكذا كان محمد بن مصلح, وبالأمس القريب شيع هذا الشاعر الكبير في اسمه ورسمه وشعره إلى مثواه الأخير في بني سار, الباحة, في مشهد مهيب وحضور حشد هائل من المواطنين ومن النخب التربوية والثقافية وعشاق شعر العرضة ومحبيه في كل مكان فله منا الدعاء بأن يتولاه الله برحمته وعنايته ويسكنه فسيح جناته.
alfrrajmf@hotmail.com