هل عامة الشعب قلة في نظرك ياسعادة الدكتور؟
إن من ينكر وجود محاولات تغريب لبلدنا الذي يشع منه نور الإسلام فقد جانبه الصواب ومن يدعي أن طلائع التغريب لازالت بعيداً عنا فقد إعتسف الحقيقة وما كلام الدكتور محمد آل زلفه في قناة الحرة على ذمة صحيفة الوئام الإلكترونية في برنامج (حديث الخليج) إلا دليل على استعداد فئة من الناس المتأثرين بالعولمة والفكر الليبرالي المتحرر للانطلاق والتحليق بهذا المشروع على أكتاف فئة مغرر بها حقاً حتى وإن كان بعضهم لبعض ظهيراً وشن الهجمات المتتالية بقصد تهيئة المجتمع لتقبل فكرة تغريبه وترسيخ مفهوم الحياة العصرية في إطار التعاليم الإسلامية تلك النغمة التي يرددها حتى أكثر الناس بعداً عن الدين وتحميلها مالا تحتمل حتى أصبحت كليشة للفن والرياضة النسائية اللتي ينادى بها أيضاً ,والدكتور محمد آل زلفة أو غيره من الناس مع الأسف نصبوا أنفسهم للتحدث بإسم المجتمع ومناقشة أموره نيابة عنه والسعي لاتخاذ قرار يتنافى مع طبيعته رغماً عنه حتى لو كان بيمين غموس يحلفون من خلالها بأن المجتمع هو من فوضهم, ويعتقدون أن هؤلاء الناس بلا عقول وأنهم رعاع سذج إلى درجة توجب تجاهلهم وتهميشهم وعدم الاعتراف بنبض الشارع إلا في مايوافق التوجهات ويدعم الموقف بل يعتبرون من العباطة بمكان أن تعتمد على رأي المواطن وردة فعله في أمور مصيرية إن كان جس النبض قد جاء مخالفاً للتوقعات ولهذا أود أن أذكر سعادة الدكتور بحجم الآراء التي خالفت رأيه في صحيفة الوئام تعقيباً على خبر ظهوره في قناة الحرة الذي تحدث من خلاله عن أهمية قيادة المرأة للسيارة من وجهة نظر صرفة وتأكيده على أحقيتها في ذلك دون إكتراث برأي المجتمع إلا من وافقه منهم وهم القلة بالدليل القاطع ,ولا أعلم على أي أساس بنى سعادته هذه القناعة بأن القلة المغرر بهم هم من يعارض الفكرة وبالتالي لا يجب الاعتداد بآرائهم وأضفى على رؤيته تلك بأن هؤلاء القلة هم أصحاب توجهات نشأت تحت تأثير التوجه الداعي لخروج الشباب للجهاد على حد تعبيره . ولا أدري كيف توصل إلى أن هذه هي النسبة الضئيلة المعارضة للفكرة وعلى حد علمي لم يجرى حتى الآن أي استفتاء بهذا الخصوص ولا زالت المعلومات والمؤشرات محصورة في نبض الشارع فحسب مع كل خبر يطرح حول هذا الموضوع عبر وسائل الإعلام ولكن هذه الرؤية والاستنباط الغير منطقي نستطيع أن نثبت من خلال المؤشرات الحية أن الواقع يخالف ما ذهب إليه تماماً وما تلك الردود الهائلة والتي ترفض في مجملها الفكرة من الجنسين في المواقع الإلكترونية أوالتابعة للصحف اللتي تنشر مثل هذه الأخبار بين الحين والآخر إلا تأكيد على أن الناس متى ما وجدوا الوسيلة السهلة والسريعة للتعبير عن وجهات نظرهم لن يترددوا في طرح الرأي دون تردد لتؤكد بما لايدع للشك مجالاً أن الناس ترفض الفكرة النشاز بوجه عام شأنها شأن أي فكرة تمس الدين والعقيدة أو حتى الحالة الانفعالية التي يجسدها البعض للهجوم على جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو تلك الدعوات التي تدعو إلى تطبيق عملي لحالة من الحالات التي تتنافى مع الدين والقيم فإن المجتمع ولله الحمد لها بالمرصاد عدى قلة لازالت تضرب على هذا الوتر الحساس من باب أن كثرة الطرق تفتح الأبواب المغلقة ومما يؤكد على الإفلاس عند هؤلاء هو الإصرار على امتطاء صهوة المكابرة والتأكيد على أن أصحاب مثل هذه الأفكار والأطروحات هم قادة الفكر وحاملي مشعل التنوير في المجتمع وهي نوع من الحماقة والسباحة ضد التيار ودليل على محدودية الفكر ومصادمة المجتمع في أمور بديهية لا تحتاج إلى معجزة لفك طلاسمها إن كان يعتقد أن لها طلاسم حتى وإن حمل صاحبها أعلى الدرجات العلمية ولم يكن هناك دليل إيماني يقوده إلى قياس الأمور بمقياس شرع الله وتحكيم عقل المنطق وبما يتكئ عليه مجتمعنا من إرث إيماني تمتد جذوره في مجتمعنا المسلم مئات السنين فإن المؤهل وخبرات السنين حينئذ تذهب أدراج الرياح وتبقى نزعة الانفلات من ربقة الإيمان هي الهدف والغاية الذي يسير فكره ولا أعلم سبباً واحداً يبرر تكرار محاولات الدكتور المستميتة للتصادم مع غالبية الناس في موضوع يتكرر على لسانه بين الحين والآخر ويتردد على مسامع الناس حول فكرة قيادة المرأة للسيارة فإن كان يعتقد أن البطولات وتخليد الأسماء والذكرى بعد الممات تبدأ من تحرير المرأة من سجن العبودية إلى فضاء الحرية المزعومة مما يفهم من قوله حتى وإن كان ثمنها مخالفة شرع الله وسنة نبيه وكذلك تجاوزاً للمبادئ والقيم في سبيل الوصول إلى هذه الغاية فمع الأسف الفكرة سقيمة جداً وفيها بوادر شؤم على المجتمع وإنهيار للنواحي الأخلاقية والقيم النبيلة للمجتمع وظلم للمرأة نفسها وزيادة هائلة في خنق شوارعنا ومزيداً من إراقة الدماء التي لاتجف منها دوماً وأبداً وأنا لن أذكر الدكتور بسلبيات قيادة المرأة للسيارة وما قد يصاحبها من مفاسد بلاشك فهو يعرفها أكثر مني حق المعرفة لأنه من عامة الناس وليس بمعزل عنهم فهو يسير معهم في الطرقات ويشاهد بعينيه مايجري على أرض الواقع من تحرشات وجرائم مرتبطة بوجود عوامل تساعد على وقوعها من تبرج وسفور ومخالطة فيها من المخالفات مايسيئ للذوق العام فضلاً عن مخالفة أمر الله وسنة نبيه ولكنه على مايبدو يتجاهلها تماماً ويهون من آثارها ويستبدلها بما يرضي طموحه وطموح من راقت له الفكرة ولكن عليه أن يتذكر أن من سن سنة حسنة في الدنيا فله أجرها وأجر من عمل بها حتى قيام الساعة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها حتى تقوم الساعة ونحن هنا لسنا بمعزل عن العالم في شيئ ولكننا نتميز عن الآخرين بأن لنا ثوابت ورسالة نحمل همها لترفعنا بين الأمم وتجعلنا في دائرة قول الله تعالى (كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) ولكن مع الأسف بدلاً من أن تكون هذه الآية نبراساً نهتدي به فقد أصبحت محل تندر بعض الكتاب هداهم الله الذين يوردونها على سبيل الاستهزاء بمجتمعنا وكل ماتخلينا عن شيء من ثوابتنا وما إتفق عليه علماءنا الأفاضل مما إختلف فيه في الفروع كان مدعاة لأن يحط الله من مكانتنا بقدر ماتنازلنا عنه , قال الحق تبارك وتعالى ( هو اللذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما اللذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ومايذكر إلا اولوا الألباب)وهكذا حينما نتجاوز هذه الآية وأمثالها ونبني قناعاتنا على أمور وهمية فحتماً سنصبح في ذيل قائمة الأمم ولا شك أن مسؤولية نساء المسلمين تقع على عواتق الرجال بقول الحق تبارك وتعالى ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) كما أن أعراف المجتمع المثالي الذي يعرف ويعترف بحق المرأة المنطقيً فيه دليلاً دامغاً على ضرورة الحفاظ على المرأة حتى لاتقع فريسة سهلة لذئاب البشر اللتي لاتراعي أعراض الناس بغض النظر عن بعض الحالات التي تتعرض فيها المرأة للظلم الذي يفرضه البعض دون معرفة حقيقة بحقوق المرأة المشروعة, وحينما تسعى بعض النساء لإستغلال هذه الحالة الفردية وجعلها ظاهرة متجذرة في مجتمعنا لتكون ذريعة لها للخروج عن قيم المجتمع وعدم الإعتراف بالقرآن مهذباً لسلوكها فهذا شيئاً متوقعاً لأن الأمر لايعدو كونه نزعة خالية من روح الإيمان وبعض النساء كما نعلم مفتونة ببهارج الحياة ووهجها المحرق للعفاف دون وعي منها وهو مخالف لما يجب أن تكون عليه حالة المرء المسلم من ضرورة كبح جماح النفس وتهدئة عنفوانها الطاغي ولكن الطامة الكبرى أن تجد من بعض المحسوبين على مجتمعنا المحافظ من يسعى بكل ما أوتي من قوة لهدم الأسرة وتشتيتها وجعل كل فرد منها يسلك فجاً مستقلاً من فجاج الانفلات والضياع حتى يجد لنفسه مدخلاً ومبرراً للانغماس في مجتمع لا يحمل هم أمة موحدة ولا يستظل تحت راية الإيمان الخفاقة وهذه كارثة ومن يسعى لهذا فلاشك انه يريد للمراة أن تكون على إحدى هذه الحالات( راقصة أومغنية أوممثلة أونادلة مطعم أو سكرتيرة في مكتب أو سائقة سيارة أجرة إلى آخره من الأمور الشاذة التي لاتتناسب مع طبيعة مجتمعنا المسلم المحافظ ولكن بالمقابل لو سألت أحدهم هل تريد أن تكون المرأة حافظة لكتاب الله مؤمنة برسالتها السامية الأساسية في الحياة قائمة على تربية جيل صالح حافظة لنفسها من التبرج والسفور فلن تجد عنده من جواب سوى ان هذا من التخلف الممقوت وتعطيلاً لنصف المجتمع وعدم الإستفادة منها في التنمية ولا يتناسب مع عصر العولمة والإنفتاح الذي يعيشه العالم اليوم مع ان الواقع يؤكد ان المرأة مع إحترامي الشديد لها في أي مكان من العالم لم تقدم للبشرية خدمة مباشرة في مجال الإبتكار مع أن الفرص متساوية ولايوجد حواجز بين الجنسين بطبيعة تلك البلدان ومجالات الإبداع متاحة للجميع ومع هذا بقيت الإختراعات والصناعات والتشييد وبناء الحضارة الإنسانية حصراً على عقول وسواعد الرجال أما المراة فقد جاء دورها هامشي لايتعدى الوظيفة العامة التقليدية أو ما إكتسبته من خبرة في اعمال الطب والتعليم والسكرتارية وما شابهها من الأعمال التي إنعكست عليها سلباً وجعلتها تعاني انواع التحرش الجنسي والمضايقات المستمرة في بيئة عملها مع تقصيرها في شؤون أسرتها وفي إعتقادي أن للمرأة لمسات جمالية يمكن أن تضيف للحياة متعة حقيقية يشع منها نور السعادة على كافة الأسرة ويمكن أن تؤديها داخل منزلها جنباً إلى جنب مع مهمتها الأساسية في محيط أسرتها, وإن كنا بالفعل كما ندعي أن العالم أصبح كقرية كونية فلا شك أننا نسمع مايصدر من بعض الأصوات المتعقلة وبخاصة في الدول الغربية التي تنادي بضرورة عودة المرأة إلى منزلها حتى تستقيم أمور الأسرة كما نسمع أصواتاً في أكثر الدول انفتاحا وهي الولايات المتحدة الأمريكية تدعو إلى الفصل بين الجنسين حفاظاً على العفاف والحد من التناسل الغير مشروع المنتهي إلى الشوارع والمؤدي إلى تزايد نسبة الجريمة كردة فعل طبيعية لنبذ المجتمع لهم وللمقاومة من اجل البقاء ولعدم إمكانية دمجهم في المجتمع ليكونوا أعضاء نافعين فهل بعد كل هذه الإفرازات السلبية مسوغ لنا للبحث في إمكانية الوصول إلى تلك المرحلة تحت أي ذريعة وعلينا أن نعي أهمية المنهج الإسلامي في حياتنا بوجه عام والذي أكد للغرب من الناحية الاقتصادية أن تعاملاتنا المصرفية الإسلامية هي الحل الأمثل لتصحيح مسار النظام المصرفي العالمي وهذه المؤشرات تؤكد لنا أن واجبنا يحتم علينا التشبث بقيمنا ومبادئنا النابعة من ديننا الحنيف .
عبد الله محمد فايز الشهري ـــ الرياض