على مائدة الإفطار
من منا يقرأ هذا العنوان ولا تعود به الذاكرة إلى أجمل الأيام والذكريات ..
من منا يقرأ هذا العنوان ولا يتذكر طفولته حينما كان يصوم يوماً ويفطر الآخر ..
من منا يقرأ هذا العنوان ولا يتذكر الفقيه الأديب والشيخ الجليل ( علي الطنطاوي رحمه الله ) حينما كان يطل علينا بعد صلاة المغرب في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك في برنامجه اليومي الجميل ( على مائدة الإفطار )
من منا لا يتذكر وجهه الباسم وصوته العذب الذي افتقدنا عفويته وبساطته ..
افتقدنا نظارته وسلة فواكهه ..
افتقدنا كل شي حوله حينما كان يطل علينا على الشاشة وقد تألمنا لفقده ..
ومن لا يتألم لرحيل من مضى على وداعه سبعة عشر عاماً ولا زالت أيامه وذكرياته الجميلة أجزاء تتعدد وأوراق تطبع .. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الجنة
من منا لا يتوجع ويتأوه على فراق أحبة رحلوا وتركوا أماكناً خالية على مائدة الإفطار ..
رحل علي الطنطاوي وأنا على يقين أن هناك الكثييييير ممن رحل ..
لربما أن هدوء الليل وسكونه هو من جعلني أحمل القلم لأنثر هذه الأحرف التي هي من روائح رمضان .
ومن رحيق عبق الماضي الجميل . فقد بدأت في سرد هذه الكلمات في ساعة متأخرة منه في يوم الخميس الموافق ١٩ / ٨ / ١٤٣٧ هـ حينما تذكرت تفاصيل وجهه على الشاشة وأنا أقرأ شيئاً من ذكرياته في أحد الأجزاء..
تذكرته وكأني لم أذكر في مقالي السابق أن الحديث حينما يكون عن الذكريات فحتماً سيكون مؤلماً ..
عدت إلى الألم والحزن باختياري وبقلمي ومشاعري
عدت إليكم بهذا الإحساس والشعور لأن الحديث في هذا المقال سيكون عن سيرة الشيخ علي الطنطاوي وفصولاً من حياته التي قضاها في المملكة العربية السعودية .. رحمه الله واسكنه الجنه
ولد الشيخ علي الطنطاوي في دمشق في ٢٣ /جماى الأولى من عام ١٣٢٧ هـ وكان من أسرة عرف أبناؤها بالعلم فكان ابوه الشيخ مصطفى الطنطاوي من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه امانه الفتوى في دمشق ..
قدم إلى المملكة العربية السعودية عام ١٩٦٣م مدرساً في الكليات والمعاهد وكان هذا هو الاسم الذي يطلق على كليتي الشريعة واللغة العربية وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ..
وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازماً على عدم العودة الإ ان عرضاً بالإنتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار
وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها وفي جدة خمسا وثلاثين سنة فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنه من عام ١٩٦٤ م إلى ١٩٨٥م ثم انتقل إلى العزيزية في طرف مكة من جهة منى فسكنها سبع سنوات . ثم إلى جدة فأقام فيها حتى وفاته ..
بدأ علي الطنطاوي في هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة ثم كلّف بتنفيذ برامج للتوعية الاسلامية فترك الكلية وبدأ يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدورس ..
كما أنه تفرغ للفتوى يجيب عن أسألة وفتاوى للناس في الحرم في مجلس له هناك او في بيته ساعات كل يوم ..
وقدم في تلك الفترة الكثير من البرامج في الإذاعة والتلفزيون ..ففي الإذاعة قدم نور وهداية وفي التلفاز قدم برنامجه الأشهر ذلك الوقت :
( على مائدة الإفطار )
آثر علي الطنطاوي ترك الإذاعة والتلفزيون حينما بلغ الثمانين من عمره ..وكان قبل ذلك قد لبث نحو خمس سنين ينشر ذكرياته في الصحف حلقة كل يوم خميس فلما صار كذلك وقف نشرها وكانت قد قاربت مئتين وخمسين حلقة ..
وودع القرّاء فقال :
( لقد عزمت على أن أطوي أوراقي . وأمسح قلمي وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين . فلا أكاد أخرج من بيتي ولا أكاد ألقى أحدا من رفاقي وصحبي ..
ثم ضعف قلبه في آخر عمره فأدخل المستشفى مرات وكانت الأزمات متباعدة في أول الأمر ثم تقاربت حتى إذا جاءت السنة الأخيرة تكاثرت حتى أنه صار كثير التنقل بين البيت والمستشفى ..
توفي رحمه بعد عشاء يوم الجمعة ١٨ حزيران عام ١٩٩٩م الموافق ٤ ربيع الأول ١٤٢٠هـ
في قسم العناية المركزة في مستشفى الملك فهد بجدة ودفن في مكة المكرمة في اليوم الثاني بعدما صلي عليه في الحرم المكي الشريف ..
انتهت حياته ومواقفه وذكرياته وبقي له منا الدعاء رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته
أتوقف الان ..
بقلم / عبدالعزيز بن ظافر آل عبدالله
الرياض
من منا يقرأ هذا العنوان ولا يتذكر طفولته حينما كان يصوم يوماً ويفطر الآخر ..
من منا يقرأ هذا العنوان ولا يتذكر الفقيه الأديب والشيخ الجليل ( علي الطنطاوي رحمه الله ) حينما كان يطل علينا بعد صلاة المغرب في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك في برنامجه اليومي الجميل ( على مائدة الإفطار )
من منا لا يتذكر وجهه الباسم وصوته العذب الذي افتقدنا عفويته وبساطته ..
افتقدنا نظارته وسلة فواكهه ..
افتقدنا كل شي حوله حينما كان يطل علينا على الشاشة وقد تألمنا لفقده ..
ومن لا يتألم لرحيل من مضى على وداعه سبعة عشر عاماً ولا زالت أيامه وذكرياته الجميلة أجزاء تتعدد وأوراق تطبع .. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الجنة
من منا لا يتوجع ويتأوه على فراق أحبة رحلوا وتركوا أماكناً خالية على مائدة الإفطار ..
رحل علي الطنطاوي وأنا على يقين أن هناك الكثييييير ممن رحل ..
لربما أن هدوء الليل وسكونه هو من جعلني أحمل القلم لأنثر هذه الأحرف التي هي من روائح رمضان .
ومن رحيق عبق الماضي الجميل . فقد بدأت في سرد هذه الكلمات في ساعة متأخرة منه في يوم الخميس الموافق ١٩ / ٨ / ١٤٣٧ هـ حينما تذكرت تفاصيل وجهه على الشاشة وأنا أقرأ شيئاً من ذكرياته في أحد الأجزاء..
تذكرته وكأني لم أذكر في مقالي السابق أن الحديث حينما يكون عن الذكريات فحتماً سيكون مؤلماً ..
عدت إلى الألم والحزن باختياري وبقلمي ومشاعري
عدت إليكم بهذا الإحساس والشعور لأن الحديث في هذا المقال سيكون عن سيرة الشيخ علي الطنطاوي وفصولاً من حياته التي قضاها في المملكة العربية السعودية .. رحمه الله واسكنه الجنه
ولد الشيخ علي الطنطاوي في دمشق في ٢٣ /جماى الأولى من عام ١٣٢٧ هـ وكان من أسرة عرف أبناؤها بالعلم فكان ابوه الشيخ مصطفى الطنطاوي من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه امانه الفتوى في دمشق ..
قدم إلى المملكة العربية السعودية عام ١٩٦٣م مدرساً في الكليات والمعاهد وكان هذا هو الاسم الذي يطلق على كليتي الشريعة واللغة العربية وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ..
وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازماً على عدم العودة الإ ان عرضاً بالإنتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار
وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها وفي جدة خمسا وثلاثين سنة فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنه من عام ١٩٦٤ م إلى ١٩٨٥م ثم انتقل إلى العزيزية في طرف مكة من جهة منى فسكنها سبع سنوات . ثم إلى جدة فأقام فيها حتى وفاته ..
بدأ علي الطنطاوي في هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة ثم كلّف بتنفيذ برامج للتوعية الاسلامية فترك الكلية وبدأ يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدورس ..
كما أنه تفرغ للفتوى يجيب عن أسألة وفتاوى للناس في الحرم في مجلس له هناك او في بيته ساعات كل يوم ..
وقدم في تلك الفترة الكثير من البرامج في الإذاعة والتلفزيون ..ففي الإذاعة قدم نور وهداية وفي التلفاز قدم برنامجه الأشهر ذلك الوقت :
( على مائدة الإفطار )
آثر علي الطنطاوي ترك الإذاعة والتلفزيون حينما بلغ الثمانين من عمره ..وكان قبل ذلك قد لبث نحو خمس سنين ينشر ذكرياته في الصحف حلقة كل يوم خميس فلما صار كذلك وقف نشرها وكانت قد قاربت مئتين وخمسين حلقة ..
وودع القرّاء فقال :
( لقد عزمت على أن أطوي أوراقي . وأمسح قلمي وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين . فلا أكاد أخرج من بيتي ولا أكاد ألقى أحدا من رفاقي وصحبي ..
ثم ضعف قلبه في آخر عمره فأدخل المستشفى مرات وكانت الأزمات متباعدة في أول الأمر ثم تقاربت حتى إذا جاءت السنة الأخيرة تكاثرت حتى أنه صار كثير التنقل بين البيت والمستشفى ..
توفي رحمه بعد عشاء يوم الجمعة ١٨ حزيران عام ١٩٩٩م الموافق ٤ ربيع الأول ١٤٢٠هـ
في قسم العناية المركزة في مستشفى الملك فهد بجدة ودفن في مكة المكرمة في اليوم الثاني بعدما صلي عليه في الحرم المكي الشريف ..
انتهت حياته ومواقفه وذكرياته وبقي له منا الدعاء رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته
أتوقف الان ..
بقلم / عبدالعزيز بن ظافر آل عبدالله
الرياض