تحالف السلآم الإسلآمي
قفزت الرياض العاصمة إلى قمة العواصم العالمية بتصدرها لأحداث ساخنة وهامة تهم المجتمع الدولي بكافة أشكاله وألوانه وإتجاهاته, وتهم بدرجة خاصة الدول العربية والإسلامية, وأتى الإعلان عن تحالف إسلامي ضد الإرهاب ينطلق من الرياض أتى متوجا لهذه الأحداث, وخطوة غير مسبوقة أتخذتها المملكة العربية السعودية وذلك لما تتمتع به من سمعة عالمية ومصداقية سياسية, وتعامل محسوب على كافة الأصعدة, إضافة إلى كونها قبلة العالم الإسلامي ومهبط الوحي, وأرض الحرمين الشريفين..ولا شك أن هذا التحالف الجديد سيعيد كثيرا من الأمور إلى نصابها, ويحد من هذا العبث الذي يرتكب بإسم الإسلام ويشوه صورة الإسلام النقية ويعود بنا إلى أزمنة الجهل والضلال, وهذا التحالف بلا شك خطوة في الإتجاه الصحيح, لأن الإسلام يحرم التخريب والفساد والتدمير والقتل في العالم أجمع, والإرهاب المبتكر الذي يشتمل على تجاوزات بشرية خطيرة لكرامة الإنسان وحقوقه, وخصوصا حق الحياة والأمن, ولأن الشريعة الإسلامية تحرم العنف والقتل والتدمير وهذا التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية جاء "إنطلاق من أحكام إتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب, بجميع أشكاله ومظاهره والقضاء على أهدافه ومسبباته وآداء لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة, أيا كان مذهبها وتسميتها" وعلينا أن لا ننظر لتعاريف الإرهاب المختلفة حتى لا نتوه في محاربته إذ أن الإرهاب لا دين له, بدأ مع بداية البشرية توارثوه جيلا بعد جيل, فمنذ الخليقة والإنسان يعيث في الأرض فسادا,وسفكا للدماء , ولعل ذلك مما دفع الملائكة إلى القول: " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)"- البقرة. ولو إستعرضنا تعريف الإرهاب لما كفانا صفحات وصفحات ولكن قبل أن نحارب الإرهاب ودواعيه وأساليبه, وأشكاله علينا أيضا محاربة مسبباته, ومواجهة الأبعاد المتعددة لهذه الظاهرة الشنيعة وفي مقدمتها السياقات السياسية, والإجتماعية, والإقتصادية التي توفر الظروف المواتية لتفشي الإرهاب والتطرف العنيف, مثل الحرمان الإقتصادي, والإستلاب, والتهميش, والتفكيك القصري للمؤسسات السياسية والقانونية, والأمنية, والثقافية, إضافة إلى بحث الأسباب الكامنة وراء العنف الطائفي ومحاولة تسييس الخلافات المذهبية, والتركيز على الإنتماء الطائفي, بإعتباره جوهر الهوية, واختراق جهات خارجيه للجماعات الإرهابية والمتطرفة, بهدف خدمة أجندتها السياسية الخاصة... ولقد كانت الساعات الأولى من رابع أيام ربيع الأول لعام 1337 هـ بشرى خير ومسرة لكل مسلم يخاف الله ويتقيه, وذلك باستقبال مولود جديد للعالم الإسلامي. ويعد هذا ثاني تحالف تعلنه العاصمة الرياض في غضون تسعة أشهر,بعد التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن "عاصفة الحزم" وهاهي تطلق تحالفا إسلاميا, لمحاربة الإرهاب, وهذا التحالف يعد الأضخم والأبرز ويعول عليه كثيرا في العالم الإسلامي, المتضرر بالدرجة الأولى من جرائم المنظمات الإرهابية المتعددة كما أن هذا الحلف قد إنطلق في بداية تكوينه بـ35 دولة إسلامية وعشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف, وكذلك ترحيب دولي وإسلامي وعربي بهذا الحلف, وتبين لنا من خلال إعلان هذا التحالف تقديم الدليل القوي للعالم بأن الدول الإسلامية وفي مقدمتها السعودية, سباقة في محاربة آفة الإرهاب, ولديها العزم والقوة والقدرة والإمكانات لاستئصال جذور هذا الداء الخبيث, محليا, وإقليميا, والمساهمة في ذلك دوليا, كما يتضح من خلال هذا الإعلان قوة ونفوذ الدبلوماسية السعودية وريادتها وأفضليتها, لقيادة الدول العربية والإسلامية لما تملكه من هيبة على كافة المستويات, كما أن هذا الحلف ليس محصورا على محاربة داعش وأخواتها بل مواجهة كل المنظمات الإرهابية المتطرفة وتفكيكها وذلك بفضح داعميها ومنظريها وتعريتها بالفكر المتخصص, والإعلام الرصين, وبالمتابعة الدقيقة للمسارات المالية المشبوهة وتجفيف منابعها. كما يهدف هذا الحلف إلى توديع الإسترخاء, والنهوض بالأمة الإسلامية إلى مواقع الصدارة, وكذلك إحياء التعاون الإسلامي بالعمل الإحترافي التكاملي. وهو بذلك يوجه صفعة قوية للدول التي ترعى "الإرهاب" بطرق شيطانية وتضييق الخناق عليها ومعاقبتها سياسيا واقتصاديا وعسكريا - إذا لزم الأمر- ثم أن هذا الحلف يأتي لرفع الروح المعنوية للأمتين العربية والإسلامية, والسير بقطار الوحدة الإسلامية المشتركة إلى مختلف الإتجاهات التي تحصن الوحدة وتجعلها صامدة في وجه مختلف التحديات, وقد حضي هذا التحالف الغير مسبوق بتأييد العلماء في المملكة العربية السعودية وكذلك في الأزهر, وكافة الداعين للسلم والسلام العالمي في شتى أصقاع المعمورة, وسيكون 4.03 مليون جندي نظامي جاهزين لقهر التطرف وضرب صانعيه , ومروجيه, وشراذمته, بكل حزم وقوة, وهذا التحالف يمكن أن يكون نواة لعمل كبير ومتعدد القنوات خاصة أن سقف هذا التحالف مفتوح إلى حد العمليات العسكرية المشتركة, إذا اقتضت الضرورة والعمل جاري على تأسيس " مركز عمليات مشتركة" في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب وفلوله مزوّد بخبراء في هذا المجال يعملون على رسم خطط هذا التحالف وتوجهاته حسب ما يرد لهم من توجيهات, وبهذا تكون الدول الإسلامية قد قطعت شوطا مهما للغاية في التقارب والتوحد للوصول إلى أعمال مثمرة تعود بالخير على الأمتين العربية والإسلامية وعلى السلم والأمن العالمي, وتعطي دلالات واضحة بأن لا مجال للعبث بمقدرات الشعوب وإنهاكها بالأعمال الإرهابية والإجرامية التي زاد خطرها وتفشى حتى أصبح من الضروري إيقاف هذا المد ودحره, ونسأل الله أن يكتب لهذا التحالف النجاح والتوفيق وأن يجمع الأمة الإسلامية على الخير والسؤدد ودفع الشر والأشرار, وخدمة الدين ونصرته ونصرة كل مظلوم, والأمل في الله ثم فيما ستقدمه هذه الدول من جهود لمحاربة هذا الداء الخطير وهدم أوكاره في كافة المعمورة... وعلى الخير والسؤدد نلتقي دائما بإذن الله.
العقيد "م"/ محمد بن فراج الشهري
alfrrajmf@hotmail.com
العقيد "م"/ محمد بن فراج الشهري
alfrrajmf@hotmail.com