×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رؤية فكرية حول واقع التعليم الجامعي!

ترسخ في الذهن منذ عقود لدى كثير من أبنائنا كما نحن بأن الفرص الوظيفية مقصورة على خريجي الجامعات دون غيرها، وأنه ما لم تنال الشهادة الجامعية فلن تحظى بالوظيفة، ما جعل عشرات الآلاف كل عام يصرون على الدخول والانتظام في الجامعات مهما كانت مستوياتهم الدراسية أو القدرات العقلية عدا أن يكون له مقعداً جامعياً – بل أن وزارة التعليم العالي سابقاً كانت تلمح أنه لا يزال لديها الكثير من المقاعد الشاغرة لطلابها.
لم تتغير الطريقة التي دأبت عليها مؤسساتنا التعليمية – الجامعات تحديداً- من خلال توسعها الأفقي بإنشاء كليات متعددة بها عدد من التخصصات المكررة في كافة الجامعات، ما أسهم في تخريج الآلاف سنوياً للدفع بهم إلى سوق العمل الذي لم يعد يحتمل المزيد من هؤلاء الخريجين.
أن تتحول جامعاتنا إلى نسخ مكررة في تخصصات ليس لها قبول في سوق العمل دون أن تعيد النظر في تلك السياسات التعليمية بين فينة وأخرى فهذا يعني أن لديها هدراً في النظام التعليمي، كما أن التوسع في عدد الجامعات وفتح المزيد من الكليات في ذات التخصصات وتخريج أعداداً هائلة من الطلاب من هذه الكليات سوف يكون إضافة لطابور العاطلين، والذين ينتظرون الفرصة للعمل الحكومي تحديدا لما يمتاز به من أمان وظيفي وفرص للترقي علاوةً على ضمان التقاعد نهاية الخدمة.
إن القصور في التخطيط المدروس بكل أنواعه سواءً في جانب التنسيق بين الجامعات ذاتها من جهة ، أو بين الجامعات وبين سوق العمل والوزارات المناط بها عملية التوظيف من جهة أخرى سوف يسهم بلا شك في الهدر الذي بات يشكل هاجساً كبيراً وضغطاً هائلاً على الموارد البشرية والمادية للدولة، أو حتى للأفراد – الطلاب الخريجين - الذين هم نتاج لهذا القصور.
لقد بات من الضروري وجود قاعدة بيانات عن الوظائف المتاحة التي يحتاجها سوق العمل لدى وزارة العمل والخدمة المدنية وهي الجهات المناط بها عملية التوظيف، وكذا الجامعات التي سوف يكون لديها قاعدة بيانات أخرى لعدد الخريجين من المرحلة الثانوية، والتنسيق بين تلك الأطراف لتتمكن الجامعات من إعادة هيكلة تخصصاتها وفق الحاجة لا غير بهدف توطين التوظيف وتغطية الاحتياج والتقليل من البطالة وسد الفجوة القائمة حاليا بين التعليم والتوظيف؛ وهذا سوف ينعكس إيجاباً على النهوض بالتنمية البشرية والاستفادة من العنصر البشري الذي أنفقت على تعليمه وتدريبه مؤسسات التعليم كثيراً من مواردها البشرية والمادية.
إن تهميش هذه الطاقات البشرية الهائلة التي يمكن أن تساهم في النهوض بالوطن من خلال الدفع بالخريج كل عام ليبحث عن وظيفته بنفسه إنما هو إجراء قاصر؛ كما أن الطريقة التي يتم من خلالها قبول الطالب في التخصص اعتماداً على معدله التراكمي دون النظر إلى القدرة والميول والفرص الوظيفية بعد التخرج سوف تجعل من هذا الطالب ضحيةً للمعتقد الذي يؤمن به عندما يختار التخصص الخطأ الذي يُبنى عليه مستقبله الوظيفي لاحقاً.
لقد ساهمت مؤسسات التعليم مع الأسف في ترك الحبل على غاربه للطالب دون أن يؤدي الارشاد الطلابي في مدارسنا دوره المأمول من خلال قياس مستوى الطالب وقدراته ومعرفة ميوله واهتماماته ليتسنى للجامعات الأخذ والاستئناس بما يتم إرفاقه من توصيات في الثانوية العامة ليكون مدخلاً لمساعدة عمادات القبول والتسجيل في عملية التخصيص للطالب.
المرجو والمأمول من وزارة التعليم أن تعيد النظر في سياساتها التعليمية سواءً فيما يتعلق بنوعية التخصصات القائمة وأن تتواءم مع ما يطلبه سوق العمل لا غير، كما عليها أن تحدد قبول الطلاب في الجامعات بناءً على توصيات مدرسته النابعة من قدرات الطالب وميوله واهتماماته دون قصر قبوله وتخصيصه بناءً على ما حققه من نسبة في الشهادة الثانوية او اختبارات القياس.
أما الجانب الآخر من القصور فهو ما يتعلق بالسنة التحضيرية التي كانت عبئاً إضافياً على الطالب باعتبار أن اجتيازها وحصول نسبة عالية في المعدل هو الضامن لاختيار التخصص، وهذا القصور سوف يؤدي حتماً إلى دخول الطالب لدراسة ما تطلبه الجامعة وفق المقاعد المتاحة لا ما يطلبه الطالب، ما يعني أن إلغاء السنة التحضيرية وقبول الطلاب في التخصص الدقيق فوراً هو الإجراء الصحيح لا غير..........والله الموفق.
 0  0  1384