لولا الناس ماكان شي باس !!
مقولة تتردد كثيراً على ألسنة العامة... ويقصد بها أن أس وأساس الأذى من الناس، فلولاهم لما حدثت كثير من الموبقات " القتل – السحر - الغيبة – شهادة الزور – الظلم – البغي – السرقة – وإن شئت فقل- كافة أنواع الاعتداء البدني واللفظي- فمبدأه من الناس ومنتهاه إليهم.
لا عجب إذاً عندما نزلت آخر سورة في القرآن وسميت بسورة الناس- فيها الأمر بـ"الإستعاذة" من بداية السورة حتى نهايتها من شرور الناس.
كنا جلوساً ذات مرة بحضور شيخ كبير قارب الثمانين من العمر وقد منحه الله علماً جماً، فقال أحد الجالسين لا نرى لك جليساً يا شيخ - وكأنهم يرغبون في مجالسته على الدوام للإفادة من علمه وسمته، فقال أجالس الأخيار في بطون الكتب- قاصداً السلف الصالح من خلال قراءة سيرتهم والاقتداء بنهجهم، وقال آخر نراك قد آثرت العزلة على الخلطة... فقال الشيخ " تفقه ثم اعتزل" ولعل الشيخ قد آثر العزلة طمعاً في السلامة.
ربما تعتقد أن العزلة عن الناس هي المخرج لتحيا حياةً هانئة بعيدة عن الشرور، إلا أن الواقع يدحض هذه الفكرة، ولو كنت في شعف الجبال مشغولاً برعي الغنم ترغب الفرار بدينك من الفتن لم تسلم من الأذى، وقد وصف هذا المشهد ابن الوردي في اللامية بقوله :
ليس يخلو المرءُ من ضِدٍ ولو....................حاول العزلةَ في رأس الجبل.
صنفٌ من الناس لا يحبون الأذى لغيرهم ولا يسرهم ذلك، لأنهم يودون لأنفسهم حياة هانئة مطمئنة بعيدة عن المنغصات.
وفريقٌ آخر لا يستطيع الحياة دون الأذى؛ ومثلهم كمثل الذباب الذي لا يستطيب الوقوع أكثر أوقاته إلا على القاذورات والعفن، وما أكثر ما تجد هذا الفريق عند جار السوء في دار المقامة!.
مؤلم أن تبتلى بجار السوء في دار المقامة ! يتابع خطواتك، إن كنت في نعمة حسدك، وإن كنت في حاجة ليس لك مال ولا ولد احتقرك، وإن نزلت بك نازلة فرح، وربما لا يهدأ له بال حتى يغتابك، أو يسعى بالنميمة بينك وبين الناس، أو يطلع من فوق منزله على محارمك، أو يقذف أبناءه منزلك بالحجارة، أو يرمي عند بيتك القاذورات، وقد يعطل سيارتك في غفلة منك.
هذا الجار ومن على شاكلته لا أكثر الله من أمثاله- وقد استعاذ منه نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بقوله ( اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة). فكيف تهنأ بعيشك عندما تجاور من كان هذا طبعه وخلقه؟.
مثل هذا تبسط في وجهه وأظهر له الود اكتفاء شره لا محبة فيه، ولا تطلعه على أسرارك، وتذكر أن من علامات الساعة إكرام المرء مخافة شره، وما أجمل ما قاله الشافعي بقوله :
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ............ أرحتُ نفسيَ من همَّ العداواتِ.
إنِّي أُحَيي عَدُوِّي عنْدَ رُؤْيَتِهِ.................. لأدفعَ الشَّرَّ عني بالتحياتِ
. وأُظْهِرُ الْبِشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضهُ............... كأنماْ قدْ حَشا قَلْبي مَحَبَّاتِ.
ولا تعامله بالمثل واصبر على أذاه - لعل وعسى أن يكف شره عنك - أو يغيب عن ناظرك فترة من الزمن تلتقط فيها أنفاسك، فإن عجزت عن الصبر فارحل ؟.
دارِ جـــارَ الـسُّــوءِ بالـصَّـبـرِ…….. وإنْ لـمْ تجـدْ صبـراً فمـا أحـلـى النُّـقَـلْ
ليست القضية عند الناس في جانب العبادات؛ فالكثير يرتاد المساجد، إنما القضية في باب المعاملات، وكما ورد في الأثر بأن "الدين المعاملة" حث عليها ورغب فيها فـ ( الاحسان – الصدقة – البر – حسن الخلق – التلطف- السعي في حاجة الناس – الصلة – الزيارة – السلام – الهدية ) أمور كلها من المعاملات، فإن لم تفعل فما عليك سوى أن تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ..... والله من وراء القصد.
لا عجب إذاً عندما نزلت آخر سورة في القرآن وسميت بسورة الناس- فيها الأمر بـ"الإستعاذة" من بداية السورة حتى نهايتها من شرور الناس.
كنا جلوساً ذات مرة بحضور شيخ كبير قارب الثمانين من العمر وقد منحه الله علماً جماً، فقال أحد الجالسين لا نرى لك جليساً يا شيخ - وكأنهم يرغبون في مجالسته على الدوام للإفادة من علمه وسمته، فقال أجالس الأخيار في بطون الكتب- قاصداً السلف الصالح من خلال قراءة سيرتهم والاقتداء بنهجهم، وقال آخر نراك قد آثرت العزلة على الخلطة... فقال الشيخ " تفقه ثم اعتزل" ولعل الشيخ قد آثر العزلة طمعاً في السلامة.
ربما تعتقد أن العزلة عن الناس هي المخرج لتحيا حياةً هانئة بعيدة عن الشرور، إلا أن الواقع يدحض هذه الفكرة، ولو كنت في شعف الجبال مشغولاً برعي الغنم ترغب الفرار بدينك من الفتن لم تسلم من الأذى، وقد وصف هذا المشهد ابن الوردي في اللامية بقوله :
ليس يخلو المرءُ من ضِدٍ ولو....................حاول العزلةَ في رأس الجبل.
صنفٌ من الناس لا يحبون الأذى لغيرهم ولا يسرهم ذلك، لأنهم يودون لأنفسهم حياة هانئة مطمئنة بعيدة عن المنغصات.
وفريقٌ آخر لا يستطيع الحياة دون الأذى؛ ومثلهم كمثل الذباب الذي لا يستطيب الوقوع أكثر أوقاته إلا على القاذورات والعفن، وما أكثر ما تجد هذا الفريق عند جار السوء في دار المقامة!.
مؤلم أن تبتلى بجار السوء في دار المقامة ! يتابع خطواتك، إن كنت في نعمة حسدك، وإن كنت في حاجة ليس لك مال ولا ولد احتقرك، وإن نزلت بك نازلة فرح، وربما لا يهدأ له بال حتى يغتابك، أو يسعى بالنميمة بينك وبين الناس، أو يطلع من فوق منزله على محارمك، أو يقذف أبناءه منزلك بالحجارة، أو يرمي عند بيتك القاذورات، وقد يعطل سيارتك في غفلة منك.
هذا الجار ومن على شاكلته لا أكثر الله من أمثاله- وقد استعاذ منه نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بقوله ( اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة). فكيف تهنأ بعيشك عندما تجاور من كان هذا طبعه وخلقه؟.
مثل هذا تبسط في وجهه وأظهر له الود اكتفاء شره لا محبة فيه، ولا تطلعه على أسرارك، وتذكر أن من علامات الساعة إكرام المرء مخافة شره، وما أجمل ما قاله الشافعي بقوله :
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ............ أرحتُ نفسيَ من همَّ العداواتِ.
إنِّي أُحَيي عَدُوِّي عنْدَ رُؤْيَتِهِ.................. لأدفعَ الشَّرَّ عني بالتحياتِ
. وأُظْهِرُ الْبِشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضهُ............... كأنماْ قدْ حَشا قَلْبي مَحَبَّاتِ.
ولا تعامله بالمثل واصبر على أذاه - لعل وعسى أن يكف شره عنك - أو يغيب عن ناظرك فترة من الزمن تلتقط فيها أنفاسك، فإن عجزت عن الصبر فارحل ؟.
دارِ جـــارَ الـسُّــوءِ بالـصَّـبـرِ…….. وإنْ لـمْ تجـدْ صبـراً فمـا أحـلـى النُّـقَـلْ
ليست القضية عند الناس في جانب العبادات؛ فالكثير يرتاد المساجد، إنما القضية في باب المعاملات، وكما ورد في الأثر بأن "الدين المعاملة" حث عليها ورغب فيها فـ ( الاحسان – الصدقة – البر – حسن الخلق – التلطف- السعي في حاجة الناس – الصلة – الزيارة – السلام – الهدية ) أمور كلها من المعاملات، فإن لم تفعل فما عليك سوى أن تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ..... والله من وراء القصد.