×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الرسالة التاسعة:الاقتصاد في شهر رمضان

أخي الصائم .. أختي الصائمة ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :

فيقول عز من قائل : } يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { (سورة الأعراف : 31 ) . ومن هنا فإن على المسلم أن يتجنب الإسراف والإفراط في تناول الطعام والشراب ، لأن شهر الصيام يُعد فرصةً للتربية الصحية والبدنية حيث قرّر الأطباء أن الصيام مُفيدٌ جداً للبدن فهو يُريح الجهاز الهضمي ، ويُتيح لأغشية الجسم وأنسجته وخلاياه فرصة التخلص مما قد يضُره كزيادة نسبة الدهون والسكر ، وفيه تنقيةٌ للبدن من رواسب الطعام المتراكمة في الجسم ، وهو إلى جانب ذلك شفاءٌ - بإذن الله تعالى - لكثيرٍ من الأمراض والعلل الجسدية والنفسية ؛ لما له من دورٍ كبيرٍ في تهدئة الميول وكبح جماح الشهوات ، إضافةً إلى أن في صيام رمضان طرداً للوساوس الشيطانية ، وإضعافاً للشهوات الحيوانية ، وتحكماً في الغرائز الفطرية.

وهذه كلها دروسٌ تربويةٌ تُعوِّد المسلم وتُربيِّه على تجنُب الإفراط في تناول الطعام ، وعدم الإكثار من أصنافه المختلفة ، كما أنها تدعوه إلى ترتيب مواعيد طعامه وشرابه ، وتمنعه من إدخال الطعام على الطعام لما في ذلك من مضارٍ صحيةٍ ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطن ، بحسب ابن آدم لُقيماتٍ يُقمن صُلبه ؛ فإن كان لا محالة فثُلُثٌ لطعامه ، وتُلُثٌ لشرابه ، وثُلُثٌ لنَفَسِه " ( رواه أحمد والترمذي والنسائي ) . وما أحسن قول القائل :
فإن الداء أكثرُ ما تراهُ=يكون من الطعام أو الشراب

من هنا كان علينا أن نربي أنفُسنا جميعاً على الاقتصاد والاعتدال في الطعام والشراب سواءً في شهر رمضان أو في غيره من الشهور ؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام يجوعون كثيراً ولا يشربون كثيراً ، ولذلك قال الشاعر في وصف الحياة الدنيا :
لقد جاع فيها الأنبياء كرامةً=وقد شبِعت فيها بطون البهائم

فيا أخي الصائم ، ويا أُختي الصائمة :

لا تتخذوا من شهر رمضان موسماً للإكثار من الطعام والشراب ، بل اجعلوه فرصةً لبناء صحة الأجسام ، وطرد سمومها ، وتنقيتها من الفضلات ، إلى جانب ما في رمضان من سموٍ للنفس ، وعلوٍ للهمة ، وامتثال ٍ لأوامر الله تعالى بالإكثار من الطاعات وزيادة الحسنات . ولكن هذا لا يعني التقشف أو البخل على الأهل والأبناء فذلك مُخالفٌ لتعاليم الإسلام وهدي النبوة الذي يحثنا على التوسط والاعتدال في كل شأنٍ من شؤون الحياة .

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وألهمنا جميعاً التوفيق والسدّاد ، وهدانا سبيل الرشاد ، والحمد لله رب العالمين .
 0  0  1632