×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

محمد بن سلمان. قوة عسكرية.. وسياسية

لو أن احسان عبدالقدوس الأديب العربي الكبير بقي على قيد الحياة ويعيش مشهد التاريخ وتحولاته.. فإنه بالتأكيد سيعمل على تغيير الكثير من الذي أورده في كتابه الذي أصدره قبل أكثر من 35 عاماً تحت عنوان “الروس قادمون” وذلك لأسباب من أبرزها انهيار القوة الثانية في العالم. وتباين حجم المنافسة وتهديداتها في مناطق النفوذ. إضافة إلى انحسار الخارطة السياسية. وما حصل بعد “بيرسترويكا ميخائيل جورباتشوف” التي اسدلت الستار على هواجس القوة الثانية والعالم في مشهدها الأخير الذي سقطت فيه ملامح الدب الروسي بعد زمن “برجنيف.. وجروميكو” وتلك أهم مرحلتين كانتا تهتز لهما اطلالة الزعيمين في الساحة الحمراء. والكرملين في العاصمة موسكو. ومن هناك تصل الأصداء كرسائل مخيفة ومؤثرة في الحرب الباردة.
غير أن الوضع القائم اليوم قد أخذ في الاعتبار حالتين: الأولى: هي الايمان بتغيير المعادلة وتراجع ميزان القوة أمام أمريكا. لكنه في الجانب الآخر. يتمسك بما تبقى من قوة محورية متمثلة في الاتحاد الروسي بصرف النظر عن بقية المنظومة السوفيتية السابقة. ومن منطلقات الإرث التاريخي.. ومواجهات تحديات البقاء بسلاح الانتاج الحربي.. والصناعة النووية. والتأثير في المشهد السياسي سواء داخل مجلس الأمن بحق التصويت. أو الحضور في مناطق التوتر بمواقف لا تقل أهمية عن بقية الأعضاء في المجلس والأمم المتحدة بشكل عام.
ولأن المملكة العربية السعودية تمتلك قدرة عالية في التعامل مع المنظومة الدولية برؤية ثاقبة..وفي اطار من التقييم و العلاقات والمصالح التي تنطلق أيضاً من السيادة الوطنية..فإنها تؤمن بالحوار الذي يحدد ويصحح مسار أي خلافات طارئة.
وقد جاءت زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو. وما تحقق خلالها من انجاز تاريخي كبير تضمنته 6 اتفاقيات مهمة في مجال الطاقة السلمية. لتؤكد أهمية السياسة السعودية الحريصة على تكريس استراتيجياتها الدولية بحكم قوتها السياسية والاقتصادية. وأهميتها في قلب العالم العربي والإسلامي.. اضافة إلى انها تعمل على تعدد مصادر شراء سلاحها العسكري. وصناعاتها النووية للأغراض السلمية.
ومن ثم فأن زيارة الأمير الشاب قد جسدت مكانته وقدرته من موقعه كولي لولاية العهد في الإدارة السياسية. ووزير دفاع في محور الجانب العسكري.
كما كان لزيارة سموه تأثيراً في تحول السياسة الروسية تجاه قضايا المنطقة. وانطلاق علاقات ثقة ومصالح مشتركة بين البلدين.
إنها السياسة السعودية التي تعودت ان ترضع أبناءها قدرات “الحنكة” والاعتدال في وقت مبكر.. ومن إرثها.. ومن رحمها يولدون كباراً.
 0  0  855