×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الناموس عند قبائل رجال الحجر

الناموس عند قبائل رجال الحجر :
ويقصد به العمل الذي يقبله الجميع ويفخرون ويعتزون ويعترفون به بغض النظر عن من يكون الفاعل أو يقصد به المُثل العليا في المذاهب أو الأعراف أو العادات أو التقاليد التي تحظى بالقبول والتقدير من كافة أبناء المجتمع القبلي في البدود والقرى والبادية والحاضرة حيث أن قمة الأعمال والأفعال الطيبة تعتبر ناموساً ومصدر فخر واعتزاز . لكونها تعبر عن مصلحة الناس كافة و تحفظ الكرامة للبشر ذكوراً وإناثاً وفقاً للمنهج والمبادئ الإسلامية والعربية التي تدعو إلى الفضيلة وتُطبق في المجتمع الواحد من خلال الأعراف والعادات والتقاليد وتكون محل احترام وتقدير من الجميع وتدخل ضمن النواميس المجتمعية وترمز إلى ناموس الفخر والاعتزاز والعرفان ، ويعاقب من يخرج عنها . فإذا جاء فلان من الجماعة في القرية أو البد أو القبيلة بعلم طيب قالوا الناس : هذا فلان جاء لنا بناموس يرفع الرأس . وتظهر هذه المُثل عندما يتفاعل أبناء المجتمع مع ما يحيط به من أحداث تُبنى عليها التصرفات التي تعالج كل ما يطرأ وفقاً لمصلحة المجتمع فتصبح ناموساً يفخرون به أبناء المجتمع خاصة إذا كان مبني على المبادئ والأخلاق الإسلامية باعتبار أنها المقياس الفعال في تقبل المجتمع للسلوك الخلقي للأفراد . خاصة عندما تتعزز وتكون مبنية على العدالة والمساواة وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية وحفظ الكرامة والتواضع والتسامح والصبر وتفضي إلى التضامن والوحدة والتنمية الشاملة للمجتمع على قدم المساواة . وتعمل على تجديد راية النواميس في مختلف مجالات الحياة وتصبح ثمرة يحرص كل فرد على جنيها ويأخذ مسارها الصبغة الرسمية والقانونية والعرفية في تنظيم شؤون المجتمع بحيث تتجدد مع كل جيل وتتعزز على أنها صالحة لكل زمان ومكان باعتبار أنها خاضعة للأعمال التي ترضي الله وتتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية . ومما تجدر الإشارة إليه أن الناموس عند عموم قبائل رجال الحجر ليس وليد اليوم وإنما ورثوه من أجدادهم في قبيلة الأزد فأعمالهم وآدابهم وآثارهم الفكرية والعمرانية التي توارثوها كابر عن كابر وروتها الكثير من الكتب والمصادر التاريخية حفزتهتم على البحث عنها جيل بعد جيل والتمسك بها والسير عليها والاعتزاز بها قولاً وعملاً واعتقاداً فالسير على خطاهم ناموساً يسعون إليه ويأملون أن يدوم بدوام الليل والنهار لكونه يقوم على الاعتزاز بالإسلام الذي يربطهم بروح الأخوة الإسلامية الصادقة التي تعتبر ناموساً يرفع الرأس فقد جعلوا من لامية العرب للشنفرى ناموساً لاحتوائها على قواعد أخلاقية سليمة منها مكارم الأخلاق والصبر على نكد الحياة وعلى الجوع ولما احتوته من حث للنساء على العفاف والحجاب والعفة والشرف لدرجة أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : { علموا أولادكم لامية العرب فإنها تعلمهم مكارم الأخلاق } وهذا ما جعلهم يعتبرونها مدعاة للفخر والاعتزاز لكونها خطفت أضواء الباحثين عن المجد والعزة والفخر والناموس . فهم يعتقدون أن المحافظة على الدين الإسلامي والمقدسات الإسلامية ناموساً يُرخصون دمائهم وأموالهم وكل ما يملكون من أجل أن تظل راية الدين خفاقة فقد كانت وفود الأزد التي وفدت على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة مصدر إلهام وناموساً يفخرون به ويسيرون على خطاه فكان لهم مع التاريخ وقفة ومع الأيام بطولات عظيمة وملاحم أسطورية سطرت بماء الذهب ودونت عبر صفحات التاريخ ، وعندما سمعوا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سارعت قبائل رجال الحجر إلى تأييدها ومبايعة الإمام محمد بن سعود على السمع والطاعة وهم يدركون أن الناموس العملي لا يمكن أن يستمر إلا بالحفاظ على القيم الخالدة القائمة على مبادئ الشرف والأمانة والكرامة والعزة والوفاء والإخلاص فهم يعتبرون الأصالة والأنفة والاعتزاز بالنفس وصون الكرامة وكراهية الذل ناموساً يرفع من قدر أبنائهم فالذين يُسْدُون الرأي أو النصيحة أو المشورة أو الجاه أو السلطان بإيجابية تجعل المجتمع لحمة واحدة وكيان واحد يؤدي إلى التعاضد والتكامل ناموساً يفخر به الجميع على مستوى المدينة أو القبيلة أو البد أو القرية حيث أن لله في خلقه شأن كما قال تعالى : { كُلُّ شَيٍْ هَالِك إِلاَّ وَجْهُ ) فمهما علا شأن المرء وارتفع قدره وسما علمه فلن يخرج عن هذا الناموس الإلهي والحكم الرباني الذي تمثله الأبيات التالية للإمام الشافعي :
نموت كما مات آبـاؤنـا **** ويبقى الزمان على ما ترى
نـهار يمـر ولــيل يكر **** ونجم يــغور ونجــم يرى

فقد حملتهم الفرحة والعزة عندما تيقنوا أن إعلان الوحدة التي قادها الملك عبد العزيز كان قائماً على التوحيد وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فأيدوه وجعلوه ناموساً يفتخرون به لكونهم يرون أنه الرابط المهم بين الحاكم والمحكوم مما جعل عموم أبناء قبائل رجال الحجر يعملون في جوٍ ملئ بالإيجابية التي تحفزهم على التفكير والإبداع وتقديم الأفضل لأنفسهم ومجتمعهم وهذا يعكس حبهم وانتماءهم لوطنهم وولاة الأمر ومجتمعهم . وأخذت جهودهم تتتالى وآثروا الجهاد على الحياة والتعب والمشقة والتضحية على الراحة فتوسعت جهودهم في اتجاه رأسي وأفقي وأخذوا يتسابقون على البذل والعطاء والتضحية للنهوض بالمجتمع دون أن ينتظرون عوضاً من الناس أو ثناء . يأتون أرفع درجات الناموس يسارعون في إغاثة الملهوف وإعانة صاحب الحاجة ويكرمون الضيف دون أن يكون لهم مصالح خاصة أو جاه أو شهرة ودون أن يمنون على أحد فصبروا على تعامل الناس معهم واعتبروا أن خدمتهم شرف لهم وقاموا بتخفيف كربة المكروب وضمدوا جراح المنكوب وسدوا رمق المحروم وشدوا من أزر المظلوم وأقالوا عثرة المغلوب على أمره وقضوا دين الغارمين وهدؤا من روعة الحائر وعلموا الجاهل ووجهوه وآثروا رضا الله على رضا غيره من الناس وعملوا على تحفيز الناس على العمل والعطاء الدائم الذي يحفظ المجتمع ويقيه من الوهن والضعف وتعاملوا مع قضايا المجتمع بإيجابية وفعالية ورصدوا احتياجاته ووضعوها ضمن اهتمامات ولاة الأمر والمسؤولين . ففاضت النعم وعمت مجتمعاتنا في القرى والبدود والقبائل والبادية والمدن بل تعدتها لتشمل مجتمعات وحكومات الدول المجاورة وتوسعت في جميع أنحاء العالم دون مَنًّ ولا أذى ، فكل التقدير والاحترام للإبداعات والإنجازات التي ستظل ناموساً يفخر بها الشعب السعودي على مر التاريخ ويشار إليها بالبنان في كل زمان ومكان . وكانوا وما زالوا قبائل رجال الحجر يعتبرون كل الذين يعملون على بناء الوطن وحماية أمنه ومكانته وسمعته ناموساً يضع الشعب السعودي في مضمار الرفعة والرقى والتقدم . وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أن دار الخشرمي تنوي إصدار موسوعة تضم رموز من قبائل رجال الحجر ممن لهم جهود مميزة في خدمة وطنهم ومجتمعاتهم ومن خلال تبوئهم لمراكز وظيفية وعلمية مرموقة شرفوا بها قبائلهم وبدودهم ومجتمعاتهم وخدموا بها وطنهم ، وذلك بمشاركة وإشراف ثلة من أبناء قبائل رجال الحجر في توثيق أسماء وسيرة الرموز التي يتم اختيارها وفق معياريراعي دورهم واسهاماتهم العملية أو التشريفية في النهوض بالمجتمع في القرى والبدود والقبائل والمدن والاشادة بارتباطهم بمجتمعاتهم لكونهم شرفوا و شاركوا وجاهدوا في مضامير مختلفة ورصدوا الاحتياجات ثم تقدموابالطلبات التي تُأمن البنى التحتية في كافة الخدمات وتكاملوا مع جهود ولاة الأمر والحكومة والمجتمع السعودي بشكل عام ، وهذا يؤصل معدنهم ويجعل أعمالهم مصدر فخر واعتزاز ونموذجاً للاقتداء به في محيط القبيلة والمجتمع والوطن عبر الجيل الحالي والأجيال القادمة وناموساً ينطبق عليها قول الإمام الشافعي في الأبيات التالية :
مَعَـالِمُ يَفْنَى الـدَّهْرُ وَهِي خَوَالِدٌ *** وَتَنْخَفِضُ الأَعْـلاَمُ وَهِي فَوَارِعُ
مَنَاهِجُ فِيهَا للهُدَى مُتَصرَّفٌ *** مَوَارِدُ فِيهَا للرَشَادِ شَرَائعُ
ظَوَاهِـرُهَا حُكْمٌ و َمُسْتَبْطَنَاتُهَا *** لما حَكـَم التَّفْرِيقُ فِيه جَـوَامِعُ

إن تخليد ذكرى إسهامات الذين شرحوا لولاة الأمر ما تحتاجه مجتمعاتهم وطالبوا المسؤولين بتأمين حاجة الناس في البنى التحتية وغيرها من أرفع درجات البر والتقوى . فأعمالهم جعلت لهم قيمة ومكانة تاريخية . فقد أعطوا لمجتمعهم وجيلهم ما يجعل الأجيال القادمة تتفاخر وتتنومس بعملهم الذي يوضح أصالة ارتباطهم ويدفع جيل المستقبل على التمسك بالسير على خطاهم واستلهام ما تنطوي عليه من قيم سامية وغايات نبيلة لإذكاء التعبئة العامة والشاملة وزرع روح المواطنة وربط الماضي التليد بالحاضر المتطلع إلى آفاق أرحب ومستقبل أرغد خدمة لقضايا الأمة والوطن وإعلاء صروحه وصيانة وحدته والحفاظ على هويته ومقومات الدفاع عن مقدساته وتعزيز نهضته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز رغم أنف الحاقدين والمتربصين والمتاجرين بالشعارات الكاذبة الذين يصطادون في الماء العكر واشعال نار الفتن هنا وهناك ... وفي الختام نؤكد أننا لا زلنا بحاجة إلى تسليط الأضواء على قيمنا ومحتواها ومضمونها في ظل نهضتنا الشاملة التي يرعاها خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن نائف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، ونسأل الله أن يوفق جهودهم وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن تكون مصلحة بلادنا فوق كل اعتبار وفوق كل الحسابات الضيقة . والله مولى من لا مولى له وبالله التوفيق .

بقلم الاستاذ
عوض بن سعد بن عبد الرحمن الأسمري
 0  0  2906