×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

معركة المفاهيم ( 1 )

الحمدالله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد أسأل الله أن يسدد أقوالنا وأقوالكم وأن يجعل ما نكتبه ونشارك به حجة لنا يوم لقاءه .

العنوان كما تقرأونه متشعب وواسع لكني سأحاول تلخيصه بطرح أهم عناصره التي تحمي أفكارنا وأفكار الشباب من الإنحراف عبر سلسلة بإذن الله تعالى .
ولا أدعي بأني سأتي بجديد في هذا الموضوع فقد أوسع بحثا وتحريرا خصوصا في السنوات الأخيره ، لكن أسعى بحول الله وتوفيقه بتلخيص أهم ماينبغي علينا جميعا أن ندركه في هذا الزمن العصيب والمعقد ونحن نواجه عصفا فكريا وزخما إعلاميا ربما لم يسبق أن واجهت الأمة له مثيل في تاريخها، لاسيما والآلة الإعلامية والتقنية في استباق وتنافس سريع ولا يخفى أن الإعلام اليوم والتقنية هي الوسيلة الأقوى للدعاية وللأفكار والقيم والأخلاق والتوجهات والمفاهيم ، ولم يعد من السهل أن تحجب الأمة عن الواقع في ظل وجود هذه التقنية .

قبل الدخول إلى موضوعي لعلي أفرق بين المصطلح والمفهوم بإختصار شديد ؟
المفاهيم هي المعاني، والمصطلحات هي العبارات أو الألفاظ التي تضبط تلك المعاني ، فمفاهيم المصطلحات أي معانيها .نقول مفهوم المصطلح ولا نقول مصطلح المفهوم .
الدخول في الموضوع : هناك عبارات ينطوي تحتها مفاهيم كبرى ومعانٍ مجملة ليست هي مصطلحات مفصلة دقيقة واضحة والواجب علينا تجاهها أن نبين معناها والسياق الذي جاءت فيه والظرف الذي نشأت فيه.

والمفاهيم ثلاثة أقسام كما قسمها الباحثون :
القسم الأول: مفاهيم شرعية والإسلام جاء بشريعة كاملة ومنظومة متكاملة ، جاءت ألفاظ الشريعة يكمل بعضها بعضاً ويفسر بعضها بعضاً فمفهوم الإيمان والكفر والوسط والعدل والفسق وغيرها جاءت مفصلة في الشريعة ولم تُتْرك للمسلمين ولا للعلماء بل تولى العليم الحكيم ضبطها ، إذ لو تركت للبشر لحصل التباين بينهم في تحديدها وضبطها وأنى للإنسان الضعيف أن يحدد ذلك مهما كان علمه ومعرفته وواجبنا أمام ألفاظ الشرع الأخذ بها وعدم العدول عنها أبدا .
القسم الثاني: وهي مفاهيم صدرت من ثقافات معادية لشريعة الإسلام
والمرد فيها إلى تلك الثقافة التي قامت فيها تلك المفاهيم فنسأل ماذا تقصدون بهذه المفاهيم ؟ فإن كان المعنى يمكن أن يقبل عندنا قبلناه أو أوجدنا لنا مفهوما خاصا بنا إذا كنا بحاجة إليه ..
وسأضرب على ذلك أمثلة بحول الله تعالى .

القسم الثالث : مفاهيم محايدة ومشتركة ، والتعاطي معها بالنظر إلى نصوص الشرع فننظر هل عندنا في شريعتنا مايغني عنها أويمكننا الإستغناء عنها أو أن نوجد مفاهيما تخصنا نضبطها بمقاصد الشريعة وسأضرب على ذلك أمثلة إن شاء الله تعالى .

ذكرنا أمثلة على المفاهيم الشرعية وهي القسم الأول ولعلي أعطي أمثلة على القسمين التاليين فبالمثال يتضح المقال كما قيل :
مفاهيم جاءت من الغرب، المثال: القرون الوسطى والأصولية والرجعية الظلامية وبعض المسلمين يقولُ: أنتم تريدون أن ترجعونا إلى القرون الوسطى ، ولاشك أن هذا من قصور النظر وضآلة التفكير عند البعض فهذا المفهوم(القرون الوسطى) إنما نشأ في أوربا حينما كانت الكنيسة تحارب العلم والعلماء وتسلب أموال الناس وتظلمهم لأن الدين المحرف يأتي معه السلوك المنحرف،ولذا لما ثار الناس على الكنيسة وقامت الثورة قام بعدها فلسفات تدعوا إلى التحرر من الأديان كلها واليوم الغرب يحاول أن يجعل الإسلام في قفص الإتهام وأن يلبسه تلك المفاهيم لأنهم رؤوا سرعة انتشاره ودخول الناس فيه، ولو نظرنا إلى واقع الإسلام في عصر القرون الوسطى لعلمنا البون الشاسع بين حضارة الإسلام وغيرها حيث قدم الإسلام في تلك الفترة صورة جمالية في الجمع بين حياة الروح والجسد ورفع قيمة العلم والعلماء وقدم الأسس العلمية في العلوم التجريبية التي يبني عليها الغرب اليوم علميته ، إذن فشتان بين الدين والدين السماوي والظروف المحيطة بالكنيسة وبين التاريخ والتاريخ .
ومثل هذا المفهوم (القرون الوسطى ) الأصولية والرجعية وغيرها ..
يقول جيلز كبيل وهو يستنكر وصف الإسلام بالأصولية: بعد أن عرض مصطلح الأصولية عند الفرنسيين والإنجليز هذان مصطلحان ينقلان للعالم المسلم أدوات فكرية،صاغت تفسيرا للحظات خاصة في تاريخ الكيثوليكية والبروستانتينية على التوالي ولا أجد سببا مقنعا لمثل هذا النقل .)

نأتي على القسم الثالث وهي المفاهيم المحايدة أو المشتركة من ذلك

مفهوم الحرية وهو عند الغرب ظهر وبشكل واسع وتمدد في معناه إلى إنكار الخالق تعالى وتقدس . وذلك بعد الثورة الفرنسية على الكنيسة كما تقدم ثم جاؤوا فقالوا: إن الإسلام يكبت الحرية قياسا أيضا على ما في أذهانهم من طغيان وجبروت الكنيسة فظنوا أن الإسلام كذلك .
نأتي إلى هذا المفهوم وننظر في شريعتنا ماهي الحرية في الإسلام ؟ الحرية في الاسلام تمنعك أن تنزل إلى مستوى البهائم وتصون النفوس والأعراض والاموال والعقول . من الذي أمر بتحرير الرقاب من القتل ورتب عليها الفضل العظيم كل ذلك حتى يحرر الإنسان من القتل ويطلق له حريته ؟ـ حرر الإسلام القلوب والعقول من رق البشر وجعلها تتعلق بخالقها ومنع التعلق بالأوهام والخرافة والجدل فالحرية موجودة في ديننا
فأعطى الإسلام الأمان لغير المسلمين حمى أنفسهم وأموالهم وكنائسهم
جعل الإسلام الحرية للإنسان في أمر الدنيا شريطة ألا تضيع آخرته .ونهى عن التعصب المذموم لأي عرق أو لون .
حرر النفوس البريئة من الإجهاظ
وحرر المرأة وحماها الإسلام بضوابط كالحجاب ومنعها من التبرج والسفور حتى لا تأول إلى ما آلت إليه المرأة في الغرب فلم يعد يملكون زمام الأمور فوقعوا في المآلات التي قطع الله بداياته في الشريعة . بل زادت الحرية عندهم فتزوج الذكر من الذكر فاضطروا إلى تنظيمه وشرعوه لأن مبدأ الحرية عندهم مفلوت . ومحاسن الإسلام كثيرة في بيان حرية الإسلام فيرجع لها .

إذن كما نلاحظ الإسلام له منطلقه الخاص في الحرية المنضبطة حتى لا يبغي أحد على أحد، إذن فلسنا بحاجة إلى أن يملي علينا أحد مفهومه الخاص للحرية ,
 0  0  2301