«الملفات الخمسة» الكبرى أمام المنظومة العربية
لا جدال في أن النظام العربي فقد آخر قواعد اتزانه ووزنه الدولي مع غزو صدام حسين للكويت في 2 أغسطس 1990م. صبيحتها أفاق العرب على حقائق نتائج الديكور السياسي الذي صنعوه أقنعة يتبادلونها في المؤتمرات والمؤامرات. لقد كشفت تلك الأزمة عن عمق الانهيار جراء غدر الأشقاء وخيانة الأصدقاء وتآمر الغرباء. ولم تكد تلتئم بعض الجراح حتى كانت عاصفة 11 سبتمبر 2001م والتي كادت أن تطمس أتربتها صفاء المكون الروحي للفرد والمجتمع العربي حين اختطفت تنظيمات التطرف ضحايا التهميش والإحباط فحولتهم إلى عناقيد غضب غايتها الموت والدمار بلا راية ولا رؤية.
وكان الرد الغربي -الأمريكي المعلن تدمير أفغانستان واحتلال العراق ثم تحالف الانتقام مع الإحباط في زواج بلا عقد لتهب ريح صرصر عاتية باسم الربيع والخريف فتساقطت أنظمة واكتمل الانهيار العربي بنفخ الصغار بأدوار وتواري الكبار حتى سكنت الريح.
واليوم بعد أن تبينت ملامح التحديات وتبلورت الملفات يمكن الحديث عن أبرز خمسة ملفات كبرى هي تحديات المنظومة العربية السياسية والأمنية والاقتصادية ويمكن تلخيصها على النحو الآتي:
أولا: الملف السياسي العربي الذي يتطلّب وضع تصور سياسي واقعي وإنساني يتجاوز العقد الشخصية والطائفية لإعادة بناء مؤسسات الدولة العربية التي انهارت اجتماعيا وسياسيا وأمنيا بشكل جزئي أو كامل. أليست هذه هي الحال في أربع دول عربية (العراق، ليبيا، سورية، اليمن)؟ وفي ذات السياق لا بد من الإسراع بعمل تضامني سريع لوقف مؤشرات الانهيار السياسي والأمني في مصر ولبنان والمناطق الفلسطينية المحرّرة.
ولزحزحة هذه الملفات ربما يتطلب الأمر من كبار الأمة طرح مبادرات جريئة وأفكار تتجاوز العناد والمكابرة السياسية.
ثانيا: الملف الأمني حيث بات واضحا أن العبث الذي تمارسه تنظيمات العنف والتطرف في مكونات استقرار أكثر من مجتمع عربي يمكن الحد منه وإيقافه بإرادة وإدارة عربية تتوخى المصلحة العليا للإنسان العربي الذي أصبح وأمسى ولقمته الزهيدة مغموسة بالدم والكراهية. وقد يتطلب هذه الملف كل التدابير التي تتيحها القوة الخشنة والناعمة.
ثالثا: ملف العلاقات الإقليمية العربية بالقوى المحيطة مثل إيران وتركيا. هذا الملف المشوّش تتقاطع فيه عقد التاريخ والمذهب والتيار السياسي والايدلوجيا من كل الأطراف. ولكن ما الحيلة وهذه هي السياسة وهذه هي خلطاتها المرّة. إن تغليب مصلحة الأجيال يتطلب نوعا جديدا من التعاطي العربي الجمعي مع هذين الجارين يستوعب واقع التاريخ والجغرافيا.
رابعا: ملف أولويات الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية العربية، وهو ملف شائك تعقدت تفاصيله بشكل أكبر بعد زوابع الربيع العربي. ولكن التعامل الإيجابي مع هذا الملف كفيل بتخفيف مشكلات أكثر من 20 مليون عربي يعانون من البطالة. ناهيك عن تحديات آثار وجود حوالي 100 مليون عربي يقبعون في براثن الفقر.
إن فاتورة التنمية والإصلاح ستكون على المدى المتوسط والبعيد اقل كلفة من فاتورة تعزيز الأمن ومواجهة مهدداته التي هي حصاد تأخر التنمية واستحقاقات الإصلاح.
خامسا: ملف التعايش وإصلاح ذات البين بمعناه الواسع حيث لا يمكن أن تعيش وتتناغم الحياة بين شرائح المجتمع العربي في هذا الجو المشحون بالتصنيف والعزل الممنهج الذي تجريه كل طائفة أو فصيل سياسي على شريكه في الوطن والدين. ماذا جنى المجتمع العربي من الخصام والتنافر سوى المزيد من الافتتان والتناحر وتصدير الصراع.
قال ومضى:
حق (السائل) عند (الباب) أن (تتصدّق) بالجواب.
لمراسلة الكاتب: falshehri@alriyadh.net
وكان الرد الغربي -الأمريكي المعلن تدمير أفغانستان واحتلال العراق ثم تحالف الانتقام مع الإحباط في زواج بلا عقد لتهب ريح صرصر عاتية باسم الربيع والخريف فتساقطت أنظمة واكتمل الانهيار العربي بنفخ الصغار بأدوار وتواري الكبار حتى سكنت الريح.
واليوم بعد أن تبينت ملامح التحديات وتبلورت الملفات يمكن الحديث عن أبرز خمسة ملفات كبرى هي تحديات المنظومة العربية السياسية والأمنية والاقتصادية ويمكن تلخيصها على النحو الآتي:
أولا: الملف السياسي العربي الذي يتطلّب وضع تصور سياسي واقعي وإنساني يتجاوز العقد الشخصية والطائفية لإعادة بناء مؤسسات الدولة العربية التي انهارت اجتماعيا وسياسيا وأمنيا بشكل جزئي أو كامل. أليست هذه هي الحال في أربع دول عربية (العراق، ليبيا، سورية، اليمن)؟ وفي ذات السياق لا بد من الإسراع بعمل تضامني سريع لوقف مؤشرات الانهيار السياسي والأمني في مصر ولبنان والمناطق الفلسطينية المحرّرة.
ولزحزحة هذه الملفات ربما يتطلب الأمر من كبار الأمة طرح مبادرات جريئة وأفكار تتجاوز العناد والمكابرة السياسية.
ثانيا: الملف الأمني حيث بات واضحا أن العبث الذي تمارسه تنظيمات العنف والتطرف في مكونات استقرار أكثر من مجتمع عربي يمكن الحد منه وإيقافه بإرادة وإدارة عربية تتوخى المصلحة العليا للإنسان العربي الذي أصبح وأمسى ولقمته الزهيدة مغموسة بالدم والكراهية. وقد يتطلب هذه الملف كل التدابير التي تتيحها القوة الخشنة والناعمة.
ثالثا: ملف العلاقات الإقليمية العربية بالقوى المحيطة مثل إيران وتركيا. هذا الملف المشوّش تتقاطع فيه عقد التاريخ والمذهب والتيار السياسي والايدلوجيا من كل الأطراف. ولكن ما الحيلة وهذه هي السياسة وهذه هي خلطاتها المرّة. إن تغليب مصلحة الأجيال يتطلب نوعا جديدا من التعاطي العربي الجمعي مع هذين الجارين يستوعب واقع التاريخ والجغرافيا.
رابعا: ملف أولويات الإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية العربية، وهو ملف شائك تعقدت تفاصيله بشكل أكبر بعد زوابع الربيع العربي. ولكن التعامل الإيجابي مع هذا الملف كفيل بتخفيف مشكلات أكثر من 20 مليون عربي يعانون من البطالة. ناهيك عن تحديات آثار وجود حوالي 100 مليون عربي يقبعون في براثن الفقر.
إن فاتورة التنمية والإصلاح ستكون على المدى المتوسط والبعيد اقل كلفة من فاتورة تعزيز الأمن ومواجهة مهدداته التي هي حصاد تأخر التنمية واستحقاقات الإصلاح.
خامسا: ملف التعايش وإصلاح ذات البين بمعناه الواسع حيث لا يمكن أن تعيش وتتناغم الحياة بين شرائح المجتمع العربي في هذا الجو المشحون بالتصنيف والعزل الممنهج الذي تجريه كل طائفة أو فصيل سياسي على شريكه في الوطن والدين. ماذا جنى المجتمع العربي من الخصام والتنافر سوى المزيد من الافتتان والتناحر وتصدير الصراع.
قال ومضى:
حق (السائل) عند (الباب) أن (تتصدّق) بالجواب.
لمراسلة الكاتب: falshehri@alriyadh.net