أوروبا المسلمة
أوروبا المسلمة
يبلغ معدل النمو السكاني السنوي في أوروبا 1.3 % سنويا تقريبا وهو معدل مظلم لبقاء أي حضارة أو أمة إذا ما أخذ في الاعتبار أن المعدل الطبيعي للنمو السكاني الذي يتيح البقاء لا يقل عن 2.3 % سنويا . ومع ذلك لا يلاحظ وجود تراجع في اجمالي السكان الإجمالي ! فكيف يمكن تفسير ذلك ؟
كثير من المنظمات ومراكز الدراسات في أوروبا وأمريكا تحذر من الهجرة الكثيفة الى أوروبا خصوصا من بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا وما قد ينتج عنها من تغيير ديموغرافي وأيديولوجي سوف تظهر نتائجه خلال عقدين من الزمن كحد أقصى . وتمثل الجالية المسلمة السواد الأعظم من هذه الهجرات وهو ما يقض مضاجع الأوروبيين إذ بحسب كثير من الدراسات فإن الإسلام سيمثل الديانة الرئيسة لأوروبا بحلول عام 2050 . وبناء عليه فقد قامت بعض الدول الاسكندنافية بتشجيع مواطنيها على زيادة الانجاب ووضع الحوافز المادية لذلك في محاولة لخلق توازن معقول بين عدد المواليد وكبار السن مما يقلص من تنامي هذا الوافد الجديد ومحاولة تحجيمه ولكن هذه الخطوة باءت بالفشل حيث اكتشفوا أن الأوان قد فات وأن الكرة أصبحت في مرماهم لا محالة .
لقد حركت أحداث فرنسا الأخيرة الرماد الذي يلمع تحته جمر شديد الاتقاد . فأوروبا لم تكن يوما من الأيام في غفلة عن هذه الحقائق ولكن كان استتباب الأمور مسكنا موضعيا لهذا التوجس . لقد بات الاسلام يمثل فوبيا حقيقية تشكل تهديدا للأوروبيين خصوصا حين يرون الآلاف من بني جلدتهم يدخلون الإسلام بشكل مطرد بل إن هناك أكثر من ألف مسجد كانت يوما من الأيام كنائس عامرة وهو ما يشكل رعبا حقيقيا للمطالبين بالحفاظ على الهوية الأوروبية عرقا ودينا حتى بلغ الأمر بالكنيسة الكاثوليكية الى دق ناقوس الخطر تجاه هذا التهديد والتصريح العلني بوجوب وقف هذا التمدد .
هناك عدد من الأسئلة تفرض نفسها :
ما هو النموذج الإسلامي الذي سيمثل الإسلام في أوروبا ؟
هل سيكون للجماعات المتطرفة دور في صياغة شكل أوروبا المسلمة على خلفية وجودهم الأخير في فرنسا ؟
هل سيكون إسلاما سياسيا مرتبطا بقوى شرق أوسطية أو مغاربية يعمل وفق أجندات معينة ؟
كيف سيكون ارتباط الأجيال الجديدة من مسلمي أوروبا بالدين ؟ وهل هو مجرد انتماء شكلي أم أن هناك عقولا تعمل وفق خطط ممنهجة لتمكين الإسلام على المدى البعيد من كل مفاصل الحياة هناك ؟
هذه الأسئلة وغيرها كثير هي وبلا شك محل اهتمام الباحثين في المستقبل السياسي لأوروبا وإذا ما نجح القائمون على العمل الإسلامي هناك في التواصل الإيجابي مع منظمات المجتمع المدني وامتصاص غضب كثير من الأوروبيين المتعصبين وتطمينهم حيال الأحداث الأخيرة وأنهم لا يقرونها وأنها لا تمثل الإسلام فلعل هذا يعطيهم مزيدا من الوقت في تحقيق مزيد من الانتشار السلمي والآمن وتحقيق الأهداف بعيدة المدى .
عمر عبدالله
omarweb1@