عشر نصائح تُعين على أداء المسؤولية
عشر نصائح تُعين على أداء المسؤولية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وبعد؛
فيقول أحد الكُتاب : " إن الشعور بالمسؤولية هو طريق النجاح والفلاح ، والارتقاء حيال أية خطوةٍ أو مهمةٍ يقوم بها الانسان في كافة مجالات الحياة . ومن غير الشعور بالمسؤولية تتعطل الأعمال ، وتفشل الخطوات ، ويتراجع العطاء والانتاج " .
والمعنى أن المسؤولية تنطلق في الدين الإسلامي من منطلقٍ شرعيٍ يقول فيه الحق سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) ( المدثر : 38 ) ، ويقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته " ، ويقول : " فأعط كل ذي حقٍ حقه " .
ومن هنا ، فإن للمسؤولية في واقع حياتنا جوانب متعددة ، يأتي من أبرزها مسؤولية الإنسان تجاه مجتمعه وأُمته ، وهي مسؤوليةٌ توجب عليه أن يكون تعامله مع الجميع منطلقٌ من مبدأ المحبة واللطف ، وحُسن التعامل مع الآخرين ، والحرص على الصدق والأمانة في نُصحهم وخدمتهم والاهتمام بشؤونهم ، ولاسيما أن من آداب الإسلام وأخلاقه العظيمة أن من لم يهتم بأمر المسلمين ويحرص على صلاحهم فليس منهم لأن أبناء المجتمع المسلم إخوة ، تجمعهم المحبة في الله تعالى قبل كل شيء .
وفيمـا يلي عددٌ من النصائح التي لا شك أنها ستُعين - بإذن الله تعالى - في إداء المسؤولية على الوجه المطلوب وبالصورة الإيجابية ، ومنها :
( 1 ) أخلص نيتك أخي المسؤول مهما كانت مسؤوليتك لله تعالى وأصلحها ، واتق الله سبحانه في ما أنت مسؤولٌ عنه ، وأعلم أن المسؤولية أمانةٌ لا يُمكن أن تؤديها إلاّ بعونٍ من الله تعالى وتوفيقٍ وتسديد .
( 2 ) اعرف تفاصيل المسؤولية التي يجب عليك القيام بها لأنك بذلك تتفاعل مع أدائها بصورةٍ أكثر لأنك تعرف ماذا يراد منك ، ومتى عرفت أهمية ذلك وأدركته على وجه التحديد سعيت بجدٍ وإخلاصٍ لتحقيقه وإنجازه .
( 3 ) اتصف بمكارم الأخلاق ومـحاسن الصفات ما أمكن ؛ فالمسؤول مهمـا كانت مسؤوليته يسيرة مطالبٌ بالتحلي بجميل الصفات وكريم الطباع كالصدق ، والأمانة ، واللين ، والسمـاحة ، والرفق ، والرحمة ، والتواضع ، والعفو ، والصبر ، والحلم ، والأناة ، واللطف ، ونحو ذلك مما يُحبب الآخرين في التعامل معك ، ويُجبرهم على احترامك وتقديرك .
( 4 ) كن مشغولاً بمـا أنت مسؤولٌ عنه ، فمن اشتغل بغير الـمهم ضيّع الأهم ، وليكن في علمك أنه ليس في الحياة متّسعٌ للهوامش والقشور والتوافه من الأمور ؛ فلا تؤجِّل القيام بمـا عليك القيام به من المسؤوليات لأنّها حينئذٍ تتراكم وتكثُر ، وقد تُهمل أو تُنسى فيصعُب عليك القيام بها ، وعندئذٍ تؤاخذ على تقصيرك .
( 5 ) اعلم - بارك الله فيك - أن الروتين والرتابة يقتلان روح المسؤولية ، فحاول أن تُجدِّد في أسلوب التعامل مع مسؤولياتك ، ولا تكن نمطياً أو جامداً على حالةٍ واحدة ، فالركود والتقليد الأعمى يحولان المسؤوليات إلى أعباء لا يطيق الكاهل حملها . واعلم أن شعور من حولك ومن يتعامل معك بكفاءتك وحرصك على توزيع المسؤوليات باشركك لهم في تحمُلها سيُشعرهم بالاطمئنان ، ويزيد ثقتهم بك ، ويُشجعهم على جميل التجاوب معك .
( 6 ) كن مُحباً لعملك ومسؤوليتك ، وأجتهد في أن تُقبل على ذلك كله بنفس راضيةٍ وهمةٍ عاليةٍ ، لتجد في ذلك الـمُتعة والأُنس والتسلية والسعادة . وعليك أن تهتم كثيراً بالعلاقات الإنسانية بينك وبين من حولك ومن تتعامل معهم من خلال مُراعاة مشاعر الزملاء ، والتلطف مع العاملين ، وتقدير الظروف ، واحترام الصداقة ، وغرس الثقة ، والاتصاف بالمرونة اللازمة في التعامل مع الأفراد والمواقف .
( 7 ) اعلم أن المسؤولية - مهمـا كانت يسيرةً في نظرك - إثراءٌ لأبعاد شخصيتك ، وتنميةٌ لقُدراتك ، وزيادةٌ في خبراتك ، وبقدر ما تأخذ المسؤولية من وقت الإنسان وجهده ، فإنها تـمنحه نُضجاً في الفكر ، وقدرةً على التحمل ، وزيادة في الخبرات ، ومن ثم تتحقق الثقة في النفس والقدرة على حُسن التصـرف في مختلف المواقف والظروف .
( 8 ) لا تنس ان أداء المسؤولية بروح الجماعة يُساعد كثيراً في القيام بالمسؤوليات ، ويعمل على التخفيف من ثقلها ، ويؤدي إلى الإبداع في انجازها ، فاحرص على روح الجماعة في أدائك لمسؤوليتك ، واجتهد في كسب احترام من معك ، وتأكد أنك ستكون مُبدعاً وناجـحاً لو تمكنت من ذلك ؛ لأنهم حينها سيكونون أول من سيتبنى رأيك ، وأكثر من يحرصون على نـجاحه لأنهم يعدون القرار قرارهم جميعاً ، ويرون أن المسؤولية مُشتركة بينكم .
( 9 ) استشعر - وفقك الله - أن المسؤولية تكليفٌ وليست تشـريف ، وهذا يفرض عليك أن تكون قوياً أميناً مصداقاً لقوله تعالى : ( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ) ( القصص : من الآية 26 ) . وهذا يعني أن من الواجب عليك أن تُراقب الله تعالى في كل شأنٍ من شؤونك ، وأن تكون أميناً في تحملك للمسؤولية ، مُخلصاً في أداء واجباتها ، سائلاً الله تعالى العون والتوفيق والسدّاد والصلاح والفلاح .
( 10 ) أكثر من حمد الله تعالى وشكره عندما ترى أنك قد أديت ما يجب عليك أداؤه من مسؤولياتٍ وإن كانت يسيرة ، وليكن شكرك لله تعالى على ما حصل من التوفيق مستمراً وحافزًا لتحقيق المزيد فإنما تدوم النِعمُ بشُكرها .
وختاماً : أسأل الله تعالى لي ولك ولكل مسؤولٍ في المجتمع المسلم التوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
بقلم أ.د / صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية في جامعة الملك خالد