×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

حاتم الثقافة في بلادنا ألاّ يستحق التكريم يا وطن ؟!


حاتم الثقافة في بلادنا ألاّ يستحق التكريم يا وطن ؟!


الحمد لله القائل : ( هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ ) ، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير الذي علّمنا وأرشدنا أن ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ) ، وعلى آله الأخيار ، وصحابته الأطهار ، أما بعد :
فكم هو جليلٌ وجميلٌ أن نلتزم هدي النبوة المبارك في أن نقول للمُحسن أحسنت ، وكم هو رائعٌ وماتعٌ أن نُقابل المعروف بالمعروف فنحفظ لصاحب الفضل فضله ، وكم هو حسنٌ وبديعٌ أن نُنزل الناس منازلهم ونفيهم حقهم الذي قسمه الله لهم ووفقهم إليه دون غيرهم .
أقول هذا وقد عشت وعايشت أحداث وتفاصيل واحدةٍ من أروع وأجمل وأنفس المبادرات النادرة الوجود في وقتنا الحاضـر ؛ حيث بادر أحد أبناء هذه البلاد الطاهرة ، وهو الشيخ الفاضل المؤرخ الدكتور / عمر بن غرامة العمروي - بارك الله له وفيه وعليه - بضرب أروع الأمثلة وأصدقها في البذل والعطاء ، يوم أن أعلن عن تبرعه السخي النادر الفريد بكامل محتوى مكتبته العامرة البالغ عددها قريباً من ( ثـمـانية عشر ألف ) كتاب لأبناء وأهالي محافظة ( تُنومة بني شهر ) ، والمعنيين منهم بالشأن الثقافي والمعرفي ، تقديراً منه ( بارك الله فيه ) ، وتشجيعاً ودعمـاً لمسيرة الحركة الثقافية والعلمية والتعليمية والتوعوية في هذا الجزء الغالي من بلادنا الحبيبة ، وهو مع ذلك كله لا يبتغي بمـا قدّم إلاّ وجه الله سبحانه وتعالى ، ودعوات الصالحين الصادقين ، حيث أعلن عن نيته أن يكون ذلك العمل صدقةً جاريةً - بإذن الله تعالى - إلى يوم القيامة .
وهنا أقول : إن ما قام به ( حاتم الثقافة في بلادنا ) - وليس في هذا مبالغةٌ أو مجاملة - من عملٍ رياديٍ غير مسبوق ، جديرٌ بأن يُقابل بمـا هو أهلٌ له من الشكر والثناء والاعتراف بالجميل ليس على المستوى الشخصي فحسب ، ولكن على مستوى الوطن بعامة ، ولا سيمـا أنما نحن بصدده عملٌ نادرٌ لا يمكن أن يُقدم عليه إلاَّ العُظمـاء من الرجال ، وأصحاب المزايا والصفات النادرة التي قلّ أن توجد في زمننا الحاضـر الذي نعلم جميعاً مدى تهافت الناس فيه على الدنيا وما فيها، وحرصهم المتزايد على الجري وراء حُطامها ، والتصارع من أجل زينتها الفانية وبهرجها الزائف .
وانطلاقاً من مبدأ الاعتراف بالفضل لأهل الفضل ؛ فإنني أستحضـر حديثاً نبوياً كريمـاً يحثنا في دلالته ومعناه على مكافأة أهل المعروف والإحسان ، ولو بمجرد شكرهم القولي والثناء عليهم ، والإشادة بمـا قاموا به من جميل العملورائع التصـرف ؛ فقد صحَّعَنِ ابْنِ عُمَرَ ( رضي الله عنه ) ، أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : " مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى تَعْلَمُوا أنكم قد كافأتموه " ( رواه أبو داوود والنسائي ) .
وقبل أن أختم مقالي فإنني أتوجه بعددٍ من التساؤلات لعددٍ من الجهات التي لا شك أنها معنيةٌ بسـرعة التجاوب وإيجابية التفاعل مع هذا الموضوع ، وفيها أقول :
= ألاّ يستحق صاحب هذه المبادرة الرائعة والعطاء الكريم أن يُحتفى به ويتم تكريمه على المستوى التُنومي خاصة ، وعلى مستوى المنطقة عامة ؟
= ألاّ يستحق صاحب هذا الفعل الجميل أن يُكرَّم على مستوى الوطن في المهرجان الوطني للتراث و الثقافة ( الجنادرية ) على سبيل المثال ، أو في إحدى مناسبات وزارة الثقافة والإعلام كــ ( معرض الكتاب الدولي ) و ما في حُكمهمن المناسبات الثقافية الأُخرى على مستوى الوطن ؟
= ألاّ يستحق الدكتور / عمر بن غرامة العمروي ، وهو الذي جاد بالغالي والنفيس أن يكون ممن يُشار إليهم بالبنان في مختلف المناسبات الثقافية ذات العلاقة ، وعلىمستوى وسائل الإعلام الرسمية مرئيةً أو مسموعةً أو مقروءة ؟
= ألاّ تستحق ( محافظة تُنومة الزهراء ) أن تحظى - في حالةٍ استثنائيةٍ وعاجلةٍ - بمبنىً حكوميٍ خاصٍ لهذه المكتبة الزاخرة التي لا شك أنها ستكون نواةً لمكتبةٍ كبيرةٍ تخدم القراء في هذا الجزء الغالي من بلادنا ؟
إنها رسالةٌ أبعثها عبر وسائل الاتصال والإعلام ، ومن خلال قنوات التواصل الممكنة لعلها أن تصل بحفظ الله ورعايته إلى مقام والدنا وقائد مسيرتنا الثقافية والحضارية والتنمويةخادم الحرمين الشـريفين رائد البذل والعطاء ، ومقام سمو ولي العهد راعي التكريم والوفاء ، ومقام سمو ولي ولـي العهد ، ومقام أمير منطقة عسير ، ومقام صاحب السمو الملكي وزير الحرس الوطني ، ومعالي وزير الثقافة والإعلام ، ورئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي ، وغيرهم ممن يجب عليهم أن يهتموا بالأمر ، وأن يمنحوه اهتمـاماً كافياً ، وعنايةً خاصةً تليق بسمعة وطننا الغالي وتفي بحق المُتميزين من أبنائه في المجال الثقافي والمعرفي ، والله الهادي إلى سواء السبيل .


بقلم الأستاذ الدكتور / صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية في جامعة الملك خالد
 0  0  6360