المتجمهرون والعقاب الرادع
المتجمهرون والعقاب الرادع
ما زال لدى الكثير منا قصور في فهم أو التعامل مع الحوادث المرورية شبه اليومية، والتي أصبحت ـ أي الحوادث وما تخلفه من ضحايا ـ مشكلة وهاجس يؤرق المجتمع، وهذا ليس موضوعنا، ما نريد التطرق إليه هو ما يحدث بعد هذه الحوادث من تجمع وتجمهر لعشرات بل في بعض الأحيان المئات من الأشخاص حول المكان أو السيارة التي وقع عليها الحادث، بل لقد وصل الأمر ببعضهم إلى إيقاف سياراتهم في الطريق مما تسبب في إعاقة الحركة المرورية بالنسبة لعابري الطريق، وكذلك صعوبة وصول الجهات المعنية (مرور، وإسعاف) للتعامل مع الموقف.
ألا يعلم هؤلاء أنهم بذلك قد يتسببوا في إزهاق نفس بريئة بهذا الوضع، بحيث لا يمكنون المسعفين من الوصول إلى الحالة المصابة في الوقت المناسب، بل قد يقود تجمعهم إلى وقوع حادث آخر ينتج عنه ضحايا ـ لا قدر الله ـ فما المبرر يا ترى من هذا الفعل؟
الحقيقة أن التجمهر حال وقوع الحوادث أمر مربك للجهات المعنية بالإنقاذ ويشكل خطورة غير مبررة للمتجمهرين ومدعاة لإحداث الفوضى والشغب، ولا أعلم ما المتعة التي يجنبها البعض من الوقوف والمشاهدة.. هل يستمتعون وهم يشاهدون شخص أو أشخاص مصابين والدماء تنزف وهم في وضع لا يحسدون عليه؟ أم أنه من باب السبق الإعلامي بنشر الخبر سواء عبر الصحافة بأنواعها أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي؟
قد يتحجج بعض المتجمهرين بأن ما دفعهم لذلك هي النخوة والمساهمة في مساعدة من وقع عليهم الحادث، وإن سلمنا جدلاً بوجود هذه الفئة بين المتجمهرين، إلا أن الهلال الأحمر السعودي حذر في أكثر من مناسبة من قيام البعض بالتدخل في الحوادث ونقل المصابين، ما قد يتسبب في حدوث مضاعفات للمصاب.
والمؤسف أمام هذا كله أن البعض يوقف سيارته ليس لغرض المساعدة، بل لنوايا شيطانية، مثل تصوير من وقع عليهم الحادث وقد يكونوا في أوضاع غير لائقة، خاصة مع وجود نساء ضمن من وقع عليهم الحادث، أو سرقة كل ما يستطيعون الوصول إليه، وقد ذكر أحدهم "أنه وقع عليه حادث على طريق (الرياض ـ القصيم) هو وزوجته وتجمهر حولهم المتجمهرون فقال أحدهم (وش رايك ناخذ ساعته تراه مهوب صاحي)، فصرخت زوجته عليهم فذهبوا". انتهى
الأمر يحتاج إلى توعية وحزم في آنٍ واحد، فالمتجمهرون أو "الفضوليون" لم ولن يرتدعوا ما لم يكن هناك عقاب رادع وذلك بتفعيل للمخالفات في موقع التجمهر، بحيث يكون هناك سيارات مرور تحضر للموقع وتقوم بتصوير المركبة المخالفة بحالتها وتسجيل مخالفة فورية، وهكذا، إضافة إلى التوعية عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، والمدارس والجامعات، حتى نضمن أن نؤصل ثقافة التعامل مع الحوادث والابتعاد عن التجمهر في صغار السن حتى لا يتأثروا بما يشاهدوه على أرض الواقع.
بصراحة
بين الحين والآخر نقرأ ونسمع عن قيام هيئة الغذاء والدواء مشكورة بالإعلان عن سحب منتج معين من السوق، وليس آخرها الخبر المنشور في صحيفتنا العزيزة "تنومة" قبل عدة أيام عن سحب عينات من شوكولاتة "كادبوري"، بسبب احتوائها على الحمض النووي للخنزيز. الأسئلة المطروحة: منذ متى وصلت هذه العينة إلى أسواقنا؟ وكم شخص اشتراها وبالتالي تضرر أو سيتضرر منها؟ ومن المسؤول عن دخول هكذا منتج غير مطابق للمواصفات؟ الأهم من كل ذلك: ألا يوجد طرق أو وسائل احترازية لمنع دخول مثل هذه المنتجات إلى وطننا؟ أما أن تترك الأمور هكذا يستورد التجار ما يريدون ثم تُباع على مدار الأيام والأشهر والسنين، وبعد ذلك نتنبه إلى أن هذا المنتج غير مطابق ومضر بصحة الإنسان، يعني باختصار "بعد ما خربت مالطة" كما يقال، فهذا كلام غير منطقي.
أعتقد أن على "الغذاء والدواء" مسؤولية أكبر تجاه ما يغزو بلادنا من منتجات، مع عدم إنكارنا لمجهوداتهم، لكن في ظل ما تشهده أسواق من تدفق كبير لبضائع ومنتجات غير صالحة فإن الأمر يحتاج إلى يقظة وتعاون وتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى وقفة صارمة من أجل حماية المستهلكين وعدم تركهم فريسة لهذه المنتجات الضارة.
عامر الشهري
Am_alshry@hotmail.com
الرياض