مشعل الأمير .. مشعل الإنسان
مشعل الأمير .. مشعل الإنسان
قد تتباعد المسافات .. وفي منعطفاتها تغيب الرؤية عن الأطراف ..وقد يكون الحديث أكثر بعداً أو في حدود التقارب في وجهات النظر ولكنه لن يكون أكثر قرباً حين تعيش التفاصيل بكل حقائقها وأبعادها.
هنا تبرز أمامك الأحداث المجردة .. والشخصية . والمكان من خلال معايشة المشهد.
ومن خلال هذه الحالات نجد أن الكثير من الأسئلة والأطروحات يتم تناولها عن الشخصية القيادية التي يتم تعيينها في موقع مهم له علاقة بالجمهور من واقع مسؤولياته التي تهم الجميع.
وهنا سأدخل بالحديث عن أحد هذه النماذج في محوره الأخير.
قبل أن ألتقي للمرة الأولى صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة في حوار مفتوح مع زملاء من الكتاب والصحفيين وكنت قد سمعت الكثير من شخصيات في منطقة نجران عن الأخلاقيات والسجايا الحميدة للرجل عنواناً بارزاً لكل مراحل فترة عمل أميرهم الشاب الذي أحبوه وأحبهم. فكانت شهادات تجربة برزت أمامي منذ اللحظات الأولى من لقائنا معه قبل عدة أيام. فمنذ بداية الحوار حتى نهايته كان يشعر الجميع بأنه جزء قريب منه في منظومة اللحمة الوطنية, وجزء من المسؤولية المتكاملة في البناء ومسيرة التنمية . مؤكداً على أهمية دور الصحافة والإعلام وأمانة الكلمة .. وشفافية الطرح من منطلقات وطنية تخدم الأهداف السامية لمصلحة المواطن, وتساعد المسؤول في رؤية صادقة وأمينة نحو أماكن النقص أو الخلل والمعالجة بطرح الأفكار التي تدعم مسيرة تنمية الأرض والإنسان على حد سواء. وفي الوقت نفسه أشار إلى الكثير من الطموحات في المشاريع المتعددة . في حين اعترف أنه أكمل ثلاثة أشهر لم يبدأ فيها العمل بالشكل الذي يريده ,مشيراً إلى أن تلك الفترة كانت من أجل الدراسة والتقييم الشامل ومستوى الأداء في ملفات مختلف القطاعات الحكومية في المنطقة.
في ذلك اللقاء خرج الجميع يحملون انطباعاً جميلاً عن الأمير الشاب من المكان القريب . وحجم طموحاته الكبيرة نحو تكملة مسيرة أخيه الأمير خالد الفيصل وكل من سبقه من أمراء المنطقة. وقبل هذا وذاك تنفيذ التوجيه والحرص الكبير من خادم الحرمين الشريفين لخدمة منطقة وصفها بأنها من أبرز مناطق المملكة لكونها تحتضن أعظم رمز على وجه الأرض وهي الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة .ومن يتوانى عن خدمتها . بل يتشرف ببذل الغالي والنفيس لتطوير ورفع مستوى هذه الخدمة لأمة الإسلام والمسلمين.
كان هذا هو مشعل الأمير والمسؤول. لكن تعالوا لأقول لكم شيئاً عن مشعل الإنسان, بعد لقائنا مع سموه بعدة أيام تم نشر صورة مع موضوع عن الأمير .. وحدث خطأ فني في الصورة الشخصية من خلال الطباعة . وفي اليوم الثاني تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد المسؤولين في العلاقات العامة بالإمارة أبلغني فيه أن الأمير قد لاحظ الخطأ .. فأبلغته أسفي لذلك الخلل غير المقصود . وأننا سوف نحاسب المتسبب في القسم الفني بعد التحقيق معه.
وبعد دقائق من نهاية المكالمة عاد المتصل مرة ثانية ليقول:» إنني أبلغت الأمير بإجابتك فغضب كثيراً . وأمرني بأن أتصل بك الآن وأبلغك بأنه يرفض أن يتم التحقيق أو الحسم أو فصل أي متسبب كائناً من كان . وأن يتم الاكتفاء بالتوجيه الشفوي». ثم أردف المتصل بقوله :» إن الأمير أكد أنه يرفض أن يضار أي شخص بسبب مشعل بن عبد الله بن عبدالعزيز .. وكررها بالحرف الواحد وأن سموه أيضاً أكد على عدم التدخل في عمل الصحف» . عندها قلت لمحدثي:» لأنه ابن عبدالله بن عبدالعزيز ولا غرابة في أن يكون مشعل أكاديمياً أميناً تخرج من جامعة ملك الإنسانية ويحرص على تطبيق مناهجها» . وهنا توقفت عن الكلام ليبرز أمامي ذلك السؤال الكبير مفاده: كيف يكون الحال عندما يحدث خطأ في أي صحيفة في أي مادة أو صورة صحفية لمسؤول صغير في أحد فروع القطاعات العامة أو الخاصة؟.. يا لهول المفارقات وحجم ردة الفعل!!
* شكراً مدير جامعة مشعل للتربية الانسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز . شكراً مشعل الأمير والإنسان.
أ.ناصر الشهري
البلاد