×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الأندية الأدبية جدران تتوشح الذكريات!!

الأندية الأدبية جدران تتوشح الذكريات!!

عبدالله محمد فايز الشهري

الأندية الأدبية منابر ثقافية وقنوات تواصل مهمة بين النخب المثقفة وغيرهم من مختلف شرائح المجتمع بإعتبارهم النماذج الأسمى والقدوة الأمثل لإدارة وتنظيم وتطبيق معايير الثقافة ونشرها في المجتمع من خلال المناشط الثقافية المختلفة,كما تعد مراكز إصدارات ثقافية لما يتم تأليفه من قبل المثقفين والمهتمين وكذلك تنمية وتأصيل مبادئ الثقافة والأدب في نفوس الأجيال , وهذه الجزئية تحديداً يعول عليها الشيء الكثير في تنمية المواهب والأخذ بأيدي الشباب إلى منابرها وتعويدهم على خوض غمارها والاستزادة من معارفها بطرق تتناسب مع الرؤية الثقافية الأصيلة وسماتها الأساسية التي تخضع لها الحركة الثقافية بما يرتقي بالذائقة الأدبية في كافة فروع الأدب المختلفة سواءً في فن الخطابة أو الرواية أو القصة أو الشعر أو النثر التي تشكل في مجملها مصطلح المنظومة الثقافية من خلال فتح جسور التواصل مع المؤسسات التعليمية لإستقطاب المواهب وتسهيل مهمة التواصل مع هذه الأندية من خلال مواقعها الإلكترونية وفتح روابط خاصة بإستقبال المشاركات كل حسب ميوله وموهبته وتشجيع المتميزين منهم بجوائز نقدية وغيرها من الطرق التي يمكن أن تسهم في نشر الثقافة الأدبية في المجتمع بدلاً من حصر التواصل مع مجموعة من المثقفين القدامى منذ زمن بعيد ينقصون ولا يزيدون في غالب الأحيان.

ورغم أهمية المشروع الثقافي التنويري الذي نحتاجه في هذا الوقت بعد إنتشار التعليم وتعدد المنابر الثقافية وتنوع الوسائل المعينة على إستشراف الآفاق الثقافية بشكل أوسع, إلا أن الواقع لايتناسب مع حجم الإمكانات التي توفرها وزارة الثقافة والإعلام لصناعة جيل مثقف , حيث النمو في معدل المواهب الثقافية أقل بكثيرمما هو مأمول والحضور لايرقى إلى مستوى غيرها من المناشط الأخرى خاصة وأن الثقافة في مجملها عنواناً لتميز المجتمع من خلال النخب المثقفة التي لا تتطلب مؤهلاً علمياً عاليا بقدر ما تحتاج إلى مواهب واعدة تستطيع المضي قدماً في إستيعاب المنهج الثقافي وممارسته بشكل طبيعي وتدرج مرحلي حتى الوصول إلى المستوى المرضي من القدرة والتأهيل على تحمل مسؤولية الكلمة .

ولكن مع الإنفتاح الواسع على الثقافات الأخرى في وقتنا الحاضر يلاحظ التحول الكبير في إهتمامات المجتمع نحو ثقافات أخرى مثل الرياضة والمسرح والغناء والمهرجانات السياحية بشكل يفوق الإقبال على الفعاليات والندوات الثقافية والأمسيات التي تقام تحت مظلة الأندية الأدبية رغم أهميتها في بناء الذات للمثقف فهي تحاكي العقل وتتسم بالإبداع والتميز وتجعل لصاحبها مكانة عالية تليق به كمثقف , وهذه الإشكالية تقاس بحجم الحضور الذي تعاني منه تلك الندوات والأمسيات حيث تقل نسبة الحضور أحياناً إلى أدنى مستوياتها سواءً في المدن الكبرى أو الصغرى حتى أصبح هناك ركود ثقافي بوجه عام يمتد إلى العزوف عن إرتياد المكتبات العامة إلا لضرورة بحثية ويقل الإقبال على شراء الكتب والمجلات الأدبية المتخصصة, حيث تبقى حبيسة الأرفف في منافذ البيع لفترات طويلة .

الإشكالية هنا قد لاتكون محصورة في طرف على حساب آخر وإنما هي قضية مشتركة ولابد من البدء في غرس قيم الثقافة في نفوس النشء منذ الصغر من خلال المدرسة والمنزل والتقليل من الإعتماد على وسائل الترفيه الحديثة قدر المستطاع وتقنينها حتى لاتكون هي المسيطرة على فكر الناشئة وتوجهاتهم بلا حسيب أو رقيب وتصبح هي المسؤولة عن تشكيل ثقافاتهم وإهتماماتهم السطحية تبعاً لمحتواها خاصة وأنها قد سيطرت على مصادرهم المعرفية بما تحويه من مغريات في معظمها سلبية أثرت على مستواهم التحصيلي ولوثت أفكارهم وطغت على سلوكياتهم بسبب إستئثارها بمعظم الوقت في حياة الطفل منذ الصغر , وهذه ليست من الأمور التي يصعب تطبيقها حتى وإن تأخرت نتائجها من خلال خطة تتبناها وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية ومايتبعها من أندية أدبية في مختلف مناطق المملكة وتفعيل دور المكتبات العامة وتخصيص وقت للطالب في المدرسة ولو لمرة واحدة في الأسبوع خاصة وأن هناك أكثر من حصة تعني بالتربية الفنية يمكن إستغلالها في تنمية الجانب الأدبي والثقافي للطالب وكذلك التنسيق مع دور النشر لإبتكار أساليب تعين على القراءة من خلال الوسائل الحديثة وعامل جذب يصب في صالح دور النشر لزيادة المبيعات وتساعد على توهج الحركة الثقافية بوجه عام وربما يصبح هناك تحول في مسيرة الثقافة إلى ما هو أفضل خاصة وأن بعض الفعاليات الأدبية لايحضرها في الوقت الراهن إلا القلة القلية جداً من بعض المهتمين ولكنه حضور لا يمكن مقارنته بغيره من الفعاليات الأخرى سواءً رياضية أو مسرحية أو سياحية والتي تتميز بحضور قوي يفوق الوصف من مختلف شرائح المجتمع ويحظى بتغطية إعلامية شاملة.

 0  0  6771