×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الأمير اليتيم !!



فهد عبدالرحمن الكلثمي

مر يوم السبت الماضي الموافق 1435/4/22 وما تبعه من ايام مرور السحاب الثقال علي النفس ؛حيث أنه يوم وتاريخ يذكرني قسرا بوفاة والدتي عليها من الله الرحمة وشملتها نفحات المغفرة ؛ وكما هو معروف ان معايشة التجربة أكثر صدقا من التحدث عنها لمن لم يعايشها ؛اذ أجزم وبلا شك أن من أصعب ما قد يمر على الانسان السوي هو فقد ابويه أو احدهما ؛ كما أن الام تحديدا لها وضع أخص وشأن آخر؛ .. وهنا أؤكد أن كل انسان قد يعي ما اقول وما اتحدث عنه هنا .. الا انني في هذه الايام استعير من الذاكرة قولا سبق وقاله لي احد الاشخاص ممن كان ذات يوم اميرا على تنومة إبان نظام الامارات سابقا وكنت وقتها شابا في بواكير الشباب حيث قال(( لم اشعر بأني يتيم ووحيد الا عندما ماتت أمي))!! لكم ان تتخيلوا وقع مثل هذه الكلمات علي آنذاك من باب الغرابة ليس الا ؛ ولكن عندما حدث وتوفيت أمي رحمها الله استعدت ذلك الموقف معايشة لا ذكرى فقط ولعلني شعرت فعلا ولا زلت بما شعر به ذلك الامير اليتيم .ان من اصعب الامور عليك ان تفقد السند الوجداني لك والملاذ الامن لبوحك ومشاعرك بل والمستشار الامين الصادق المحب الناصح والا اخال احدا اولى بهذا المقام من الام ؛ انك فعلا تشعر باصفرار اوراقا كانت خضراء يانعة وترى مياها رقراقة منسابه وقد اضحت مناقع آسنة ؛ لا يجمل الدنيا انيس بعدها؛ ولا يقوم احد مقامها ؛ انت جزء منها في وجودك ؛ لكنها كل ماأنت في رحيلها ؛ لم يبقى اذا الا صورة اللحم والدم ! سفينة تتلاقفها الامواج بلا ربان ولا بوصلة ؛لا تشعر بالزمن في غيابها ؛ ولا يعنيك ايجاد الانس والفرح فليس في القلب له محل ؛تعود بك النفس الى امنيات طفولية وغبطة قديمة لمن راى غيره وأمه حية ترزق ؛ لا تعلم اتغبطه ام تحسده ام توصيه ام تنبهه الى نعمة حرم غيره منها الا وهي وجود الام .اعود لحاتي الشخصيه فأقول: لم تكن اما عادية فرغم انها لم تنل قسطا من التعليم الا انها كانت ترى نجاحها في ابناءها ؛ لم اصل يوما لمنجز ما الا وسألتني : وماذا بعد؟ في نهايات اطروحتي الحالية لنيل درجة الدكتوراة لا اكتب حرفا ولا اعود لمنهل علمي الا واعلم ان من دفعتني لذلك أعظما تحت الثرى الان ! عموما .. ارى انه لزاما علي أن اقول لكم وأخص من انعم الله عليه بوجود امه ؛ استمتعوا بوجودهن واستزيدوا من لحظاتكم معهن ؛ أولوهن اهتمامكم وعنايتكم ؛شاركوهن احداث خريف العمر بكل رحابة صدر ؛تمتعوا بالتحدث الطويل معهن ؛ واغرسوا في اسركم وابناءكم حبهن و تقديرهن ؛استزيدوا من نظرات الرضا في محاجرهن نحو ما تقومون به لهن ؛ وانا اعلم يقينا انه يكفيهن البر في ادنى مراتبه رأفة بكم منهن ورحمة بحالكم من قبلهن ؛الا من وفقه الله لاعلى من ذلك ؛ لا تؤجلوا ذلك لغد ؛ فلا تعلمون ما يكون فيه ؛ ولعل ما اخشاه ان تتمنوا شيئا يوما وقد حال القدر بينكم وبين ما تريدون . رحم الله امي رحمة واسعة وجميع موتى المسلمين ؛ اللهم امين .. وصدق البارودي حيث انشأ قائلا:

لعمري لقد غال الردى من احبه *** وكان بودي ان اموت ويسلما

وأي حياة بعد ام فقدتها *** كما يفقد المرء الزلال على الظما

تولت فولى الصبر وعادني *** غرام عليها شف جسمي واسقما

وكانت لعيني قرة ولمهجتي *** سرورا؛فخاب الطرف والقلب منهما

ولولا اعتقادي بالقضاء وحكمه *** لقطعت نفسي لهفة وتندما

الى أن قال مخاطبا ذكرى امه:

وقد كنت اخشى أن اراك سقيمة *** فكيف وقد أصبحت في الترب أعظما

ولعمري لقد صدق
.

 0  0  6876