تعثر الوعي هو الأخطر
تعثر الوعي هو الأخطر
ناصر الشهري
يظل التعامل مع المعاني الحقيقية والأهداف مرهونة بالمضمون في كل محاوره وأبعاده والمنطلق الذي من أجله كان إعلان مشروع أو قرار يصدر من قيادة الدولة أو إحدى المؤسسات الحكومية المرتبطة بمرجعية سياسية. ومن ثم تكون أدبيات التناول وسجالات الحوار ملتزمة بمضمون القرار دون الخوض في فضاءات خارج المضمون من خلال إما تصفية حسابات في جوانب مختلفة أو محاولة القفز من فوق القضية لتمرير خطاب آخر في اتجاه معاكس . وهذا الأخير يعني أن هناك قضية في المفهوم من منطلقات ثقافية غير ناضجة أو من خلال التعمد للاستغلال وممارسة التسطيح على حساب المجتمع والإساءة إلى ما يراد منه رفع مستوى الوعي عند المتلقي. ومن هذه المقدمة سأتطرق إلى قرار خادم الحرمين الشريفين الذي وضع حداً للتحريض على الجهاد بطرق غير مشروعة في تحذير من التضحية بشباب الوطن والتغرير بهم إلى مناطق التوتر في الخارج وكذلك الانتماء إلى منظمات إرهابية أو دعمها أو التعاطف معها طبقاً لما تضمنه القرار في بنوده وعقوباته. وهو هاجس كان ينتظر المعالجة . كما انه لم يكن غائباً عن اهتمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان قد وجه كلاماً انتقد فيه التغرير بشبابنا وإرسالهم إلى مناطق الحروب للجهاد وذلك في حديثه اثناء استقباله للعلماء في وقت سابق. وكانت إشارة خادم الحرمين الشريفين في ذلك الوقت واضحة الهدف وهو أنه يطمح إلى توعية الشباب والمجتمع بأسره بأهمية هذه القضية ومنع ممارستها من خلال ايضاح المبادئ الشرعية ومقاصدها وتحديد مفاهيمها في الأطر الصحيحة. وذلك من أجل حماية الأمة من الوقوع في المخاطر خارج هذه المبادئ. وبالتالي كان لابد أن يكون القرار الصائب للملك المفدى هو بمثابة السياج الأمني لهذا الوطن وأهله وعقيدته قبل كل شيء . سواء ضد الإرهاب أو الانتماء إلى منظماته التي اعتنقت عقيدة الفكر الضال الذي يشكل خطراً على الدين والأرض والإنسان. وقد عززت منطلقات الشريعة الإسلامية قرار الملك الحكيم والمؤمن وهي منطلقات دستور عظيم أساسه القرآن والسنة في الحكم. وهذا هو المفهوم بكل مضامينه وبكل أبعاده. لكن أن يذهب البعض إلى سجالات مختلفة والتلميح بالتعميم والتقريع ضد الدعوة في مسارها الصحيح بعيداً عن القضية الأساسية وعناصرها المستهدفة في الممارسة ومحاولة تسويق بعض الآراء في اتجاه معاكس طبقاً لما يدور من اجتهادات «عبثية» في شبكة التواصل الاجتماعي أو إيحاءات بعض المقالات . فهذا يعني أن ثقافتنا مازالت «متعثرة» في استيعاب قراءة مشاريعنا الإصلاحية والتفاعل معها طبقاً للمضمون وليس التغريد خارج العقل والمنطق أو خارج السرب متى ما شاء البعض في استغلال مرفوض. وبالتالي يمكن القول: إن هيئة كبار العلماء والدعاة الثقاة ومؤسسات المجتمع المدني ومرافق التعليم إضافة إلى المساجد كلها مطالبة بتوعية المجتمع بأهمية قرار خادم الحرمين لمحاربة الإرهاب ومن ينتمي إلي منظماته الشريرة حماية للعقيدة الإسلامية وأمن الوطن والمواطن. خاصة أنه يجب أن نكون أكثر الشعوب نضوجاً بعد تجربتنا المؤلمة مع الفكر الضال وما نتج عنه من عمليات إرهابية، وذلك لأن تعثر الوعي هو الأخطر.