حزام التيهاني .. وأبو دهمان
حزام التيهاني .. وأبو دهمان
ناصر الشهري
من رواية أحمد أبو دهمان إلى مقالة أحمد التيهاني عن الحزام .. يعود بنا كل منهما إلى ذاكرة مليئة بالمشاهد القروية التي تفوح منها رائحة الكادي ومشهد أسراب الطيور وكلمات في صياغة تعانق السفوح والتلال بكل سحرها وجمالها العسيري الذي رسم للشعر صوره وأشعل إيحاءاته «محتزماً» بمؤثراته الإبداعية. الأحمدان, التيهاني وأبو دهمان, تهاميان خرجا من رحم تلك الأرض وحط كل منهما فوق شجرة وأنشد للطبيعة وللإنسان وزغاريد الطيور.. في زمن كان الحزام شعاراً له أبعاده في تقييم الشخصية الجنوبية , وهو ما توج الحزام الأخضر كطريق دائري في باكورة مشاريع عسير .. لكن كانت المسافة في التجسيد ذات مفارقات مختلفة حيث كان الأول من أجل «شد البطن» في حين كان الثاني قد أدى إلى «انتفاضة» وذلك عندما فاز البعض بالأراضي والاستثمارات العقارية على حزام أبها . على أنهم لم يكونوا أول «المنتفخين» على خارطة تضاريس الهوامير .. عندما أحتزم بعضهم بالآخر لتمرير صفقات مشبوهة وذلك في زمن اختلفت فيه ممارسات ما فوق أحزمة الرجال إلاَّ من أولئك الذين مازال للحزام معناه في منعطفات «النخوة» والغيرة والانتماء . يتغنون بها على مشارف الرحيل. أبا دهمان والتيهاني ما هذا الاستفزاز الذي يحاكي مرحلة مختلفة في صورها ومعانيها و»قدسية الحزام» عند رجالها .. في زمن كان فيه الخنجر ظاهرة في وسط الحزام من الأمام .. لتصبح اليوم من الخلف بلا حزام بل بواسطة وجوه الأقنعة من أشباه الرجال . أيها التهاميان الجميلان عزفتما على لحن موروث طاح بعده الحطب بعد أن رحل الكثير من رواد القيم وصناعة الشيم .. ليبقى الحزام في صورة مغايرة وإن لفه البعض حول «كرشته» أو من تحتها في محاولة لمحاكاة التاريخ في زمنه الجميل أثناء المناسبات .. إلاَّ أنها تجربة لا تعدو أكثر من حزام أمان راكب طائرة خدع المضيفة في ربطه ثم تخلص منه سريعاً خوفاً على «رزة ثوبه» ومنعاً للتأثير على أناقة المظهر. على أن ثقافة الحزام قد توسعت في فلسفة عصرية مختلفة وانتقلت في مفاهيم متعددة تشمل ربط البطون عند الفقراء .. وتحزيم أراضي الهوامير بالأسوار.فهل سمعتما أحبتي, أبا دهمان والتيهاني، ما كان قد قاله ذلك التهامي القديم .. حزٍّم ما تحزٍّم وربي أني مفشلنَّك؟.
مدير تحرير صحيفة البلاد