يقظتنا المتأخرة.. على ما أفسده الدهر!!
يقظتنا المتأخرة.. على ما أفسده الدهر!!
ناصر الشهري
بعد التراكمات من سنوات الأخطاء.. وبعد أن يبلغ تأثيرها حجماً فاضحاً يطفو على سطح المسكوت عنه. نفوق من سبات النوم والبلاهة بحثاً عن الحلول في صحوة مؤقتة نحلم من خلالها أن نقضي على كل ما أفسده الدهر دفعة واحدة تجاه الكثير من قضايانا.
حصل ذلك وما زال يخضع لصحوة الموت رغم وجودنا ومعايشة كل محاور الاستيقاظ المتأخر في ممارسة التغييب التراكمي. حتى أصبحت حالة الاستيقاظ هذه مجرد فترة مؤقتة في نظر البعض ومنهم أصحاب القضية محل المعالجة. الذين يختبئون خلف الجريمة على أمل هدوء العاصفة !!
وهنا أنا لا أتحدث عن واحدة من هذه القضايا المتمثلة في تصحيح أوضاع المخالفين للعمل والاقامة.. ولا عن حملة الفساد التي كانت قد بدأت بتداول لاستهلاك الكلام. لكني سأتحدث عن ما هو اسوأ.. وما هو أخطر من كل ما كان وما زال المسكوت عنه. حيث أعلنت وزارة الصحة أمس عن اغلاق 55 منشأة طبية منها 19 في جدة. وقد جاء ضمن الأسباب. عدم التخلص من النفايات الطبية في تلك المرافق الصحية.
وإذا كانت الأبحاث العلمية قد أكدت على أخطار النفايات الطبية التي تؤدي إلى نقل الكثير من الأمراض سواء أثناء تواجدها في المرافق الصحية أو وضعها في نفايات تقليدية ونقل عدواها إلى الإنسان من خلال التبخر في الهواء. فإن ذلك يعني اننا جزء من هذا العالم الذي يتأثر بكل هذه العوامل.. وفي الوقت نفسه نحن جزء من الدول ذات القدرة على اقامة مشاريع لمعامل التخلص من النفايات الطبية دون التوقف عند خدمة شركات من القطاع الخاص تعمل على ايقاف الخدمة عن أي مرفق طبي لا يدفع تكاليف مخلفاته.وذلك رغم تخلف تقنية هذه المعامل.. وهو ما يؤدي إلى قيام بعض هذه المرافق "غير الصحية" بإلقاء نفاياتها في الشوارع وسط أماكن الاستخدامات البلدية.
وهنا تختلط مسؤولية هذا الخطر الكبير بين كل من وزارة الصحة. والشؤون البلدية والقروية. وحماية البيئة والأرصاد. وهو ما فرض الاتكالية وتداخل أساليب المعالجة وصولاً إلى الاهمال والمخالفات داخل تلك المرافق في القطاع الخاص.
وأمام هذه الأخطار وانعكاساتها على حياة الإنسان .. فإننا نأمل أن يتم توحيد الجهة المسؤولة بصفة مستقلة أولاً. وثانياً أن تقام مشاريع حكومية بمواصفات دولية حديثة للتخلص من النفايات الطبية من خلال الإدارة والتشغيل الذاتي بمشاركة من القطاع الطبي الخاص في الإنشاء. على أن يتم اعفاء المنشآت الصحية من ثمن الدفع بمخلفاتها. وذلك لأهمية المشروع من الناحية الوقائية.
ويبقى السؤال الأكثر أهمية وهو: لماذا لم تكتشف وزارة الصحة هذه المخالفات إلاَّ في مرحلة متأخرة.. أم أنها صحواتنا التي تعودنا أن نستيقظ لها بعد أن "تسرح الغنم" وتعود من المراعي؟!.