×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الشريان وإمبراطورية الطغيان

الشريان وإمبراطورية الطغيان

عبدالله محمد فايز الشهري


من يعتقد أن الإعلام الهلالي غامض وغير واضح المنهج والهدف فقد جانبه الصواب لأنه إعلام ممنهج ربط مصيره بناد واحد وتخلى عن بقية أندية الوطن فهو إذاً يؤدي دوره وفق خطة مدروسة وضعت لبنتها الأولى منذ مايزيد على أربعين عاما مضت وحشد له جيش من الكتاب والمحررين وسخرت له كافة الإمكانات حتى أصبح آلة إعلامية قوية وسيطر على عدد من الصحف المحلية حتى أصبحت أسيرة الهوى في حب الهلال وأفردت صفحاتها بشكل يومي لأداء أدوارا هجومية ودفاعية مستميتة لمصلحة الهلال وساهمت بقصد أو غير قصد في التجني على بعض الأندية وبخاصة نادي النصر المنافس للهلال وتغييرالحقائق التي تجري على المستطيل الأخضر من خلال صناعة نجوم وهميين أوعاديين جدا لمصلحة ناديها المفضل وحطمت نجوم حقيقيين وسعت في خرابهم ومحاولة طمسهم من خارطة الرياضة السعودية رغم شهرتهم عالميا وما قدموه من تضحيات مصحوبة بنجومية ومقرونة بأخلاق عالية حتى يصفو المكان لنجومهم الورقيين وزرعت تلك الآلة جيل متعصب ترعاه بكل عناية حتى أصبح منهجها ومبدأها الذي تسير عليه منذ عقود مضت في ظل غياب أو ضعف الإعلام المضاد الذي عجز عن تفنيد مايطرحه ذلك الإعلام عبر تلك الصحف من أباطيل وجوائح أثرت على الكرة السعودية بشكل عام ولمسنا آثارها التدميرية على المنتخب تحديدا من خلال حصر معظم لاعبي المنتخب من نادي الهلال وأصبح له سطوة واضحة أثرت على كثير من القرارات الفنية أو الإنضباطية أو المسابقات أو غيرها من القرارات التي كانت تراعي عدم إلحاق الضرر بالهلال تحديداحتى وإن كان يستحق العقوبة من خلال التغاضي عن الهتافات العنصرية التي تنطلق من المدرج الأزرق بما يهدد أو يساهم في شرخ جدار اللحمة الوطنية ويخالف توقعات النقاد الرياضيين من خارج منظومة الإعلام الأزرق فيما يجب أن يتخذ نحوها من عقوبات ضد مطلقي العبارات العنصرية ومحاربتها بشتى الطرق التي كفلها نظام الإتحاد السعودي لكرة القدم المنبثق عن نظام الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والمتماشي مع تعليماته المشددة لإجتثاث ظاهرة الهتافات العنصرية حتى لو أدى ذلك إلى سحب النقاط أو تنزيل النادي إلى درجة أقل , لا نقول محاباة للهلال ولكن إتقاءً لشر هذا الإعلام الهادر المتسلط الذي إنبرى للدفاع عنه بعقلية مشجع صغير متهورلابعقلية ناقد رياضي محايد ومتمكن يبحث عن مواطن الخلل ويسعى لتصحيحها إنطلاقا من مبادئ ومهنية العمل الصحفي النزيه نحو كل الأندية في المملكة, حيث يسلط الضوء على من يعتقد أو يشك أنهم ليسوا ضمن محبي ومشجعي النادي الأزرق وبشكل سلبي إعتقاداً منه بأن النزاهة ماركة هلالية فقط وأن من يستحق أن يترأس اللجان ويشترك في عضويتها هم الهلاليون فقط لنزاهتهم حسب ذلك المعتقد ولا أدل من ذلك إلا مايجده رؤساء وأعضاء بعض اللجان ممن كانت لهم علاقة بالهلال سواءً لاعبين أو إداريين من مديح وإشادات دون غيرهم مع أن أحدا لم يطعن في ذممهم ولكن عنصرية ومحاباة الإعلام الهلالي لهم سيساهم بلا شك في عدم تقبلهم من لدن الأندية الأخرى وجماهيرها حتى وإن كانوا في مستوى المسؤولية وبالمقابل شن الكثير من الهجمات الإعلامية المحمومة على غيرهم من أعضاء اللجان وإتهامهم بأشياء غير موجودة حتى يصبحون في نظر الرأي العام متهمون ومشكوك في أدائهم وحينها يجدون أنفسهم خارج الوسط الرياضي أو يضطرون للعمل وفق ما يواكب توجهات ذلك الاعلام ومبادئه التي تأسس عليها حتى لا يفقدون مواقعهم وحينها سيصبحون العناصر التي يعول عليه كثيرا في خدمة الرياضة.

هذا المنهج ظل مسيطرا على الساحة الرياضية خلال تلك الفترة إلى أن جاءت الصدمة الشريانية العنيفة اللتي هزت أركان الاعلام الهلالي وكادت أن تقتلع فسطاطه من مكانه حينما جاءت كما يقال في المثل الشعبي الدارج (صاقعة في صحاء) حيث جاءت في توقيت غير متوقع بالنسبة لذلك الإعلام الذي يسعى في كل مرة إلى تقوية جدار حمايته بالمزيد من الكتاب الذين درسوا وتعلموا أصول التظليل في معاقل التعصب التي يديرها أركانات التعصب من الكهول اللذين أمضوا سنين طويلة من أعمارهم في شحن وتأجيج الشارع الرياضي , حتى جاءت المداخلة الشهيرة التي تطرق من خلالها النجم الإعلامي داوود الشريان في برنامج كورة مع الإعلامي تركي العجمة على روتانا خليجية التي وصف فيها الإعلام الهلالي بالطغيان وهي عبارة في محلها لم يطلقها من فراغ فهو إعلامي متمرس بالفطرة وخريج إعلام وصاحب تجربة طويلة في الإعلام المرئي والمقروء في ما هو أكثر تأثيراً من الإعلام الرياضي حتى وإن عابوا عليه أنه طرق مجالاً غير مجاله بل أكدوا في نياحتهم بعد تلك المداخلة إلى أنه قد فقد شعبيته ومحبيه بشكل كامل ولا أدري على أي أساس بنوا تلك المقولة وكأن جماهير الهلال هم عدد سكان المملكة بالكمال والتمام , ولكن ليس بالامكان إلا القول بأن شر البلية ما يضحك ونسوا أيضاً في غمرة الصيحة الشريانية التي حلت بهم أن الثقافة الرياضية ملك للجميع يشترك فيها كل أطياف المجتمع وشرائحه وليس لها إرتباط بالأعمال الأساسية لمحبي وعشاق الرياضة وأنها أصبحت هي الثقافة السائدة في المجتمع أكثر من أي شيء آخر ولو لم يكن للأستاذ داوود الشريان إهتمام مباشر بالرياضة لما كان قد إستضاف العديد من نجوم الرياضة وحاورهم على الهواء مباشرة وناقش قضاياها على الشاشة الفضية وتناسوا أيضا أنه عمل في معاقلهم التي تخرجوا منها ووصل فيها إلى مناصب قيادية وعرف أسرارهم وما يدور في أذهانهم ولكن الحقيقة حينما تكون مؤلمة فإنه ينتج عنها ردة فعل عشوائية تستدعي الضرب في كل الاتجاهات بدون وعي أو هدى وهو ما فعله الإعلام الهلالي بعد تلك المداخلة التي إستمرت بضع دقائق ولكنها كشفت المستوربشكل أوضح حتى بان عواره وفاحت رائحته عبر صحفهم من خلال ردة الفعل الغاضبة لهم وأنهت سيناريو المسرحية التي إستمر عرضها نحوا من أربعين عاما من الضياع في سراديب التيه والطغيان وكانت سببا في تذمرهم من تلك المداخلة التي وقفوا عاجزين عن إستيعاب صدمتها لهم كونهم في وضع لايساعدهم على الرد بمثلها لأنهم لا يجيدون الحديث المباشر على شاشات التلفزة كما هو معلوم عنهم لضعف حجتهم وبطلان إدعاءاتهم , إذ ليست لديهم القدرة على عرض أقوالهم بنفس الطريقة التي إعتادوا فيها على السهر طوال الليل من أجل الحذف والتعديل والإضافة على المقالات التي يطرحونها في وسائلهم الورقية التي أصبحت ملكا للكهول ومتنفسا لهم دون غيرهم وفق ما يملى عليهم في ديوانيات التعصب كل يوم , ولكن لابد للطغيان من نهاية ليتنفس الناس الصعداء ويشربون من معين الحقيقة الصافية وعليهم أن يدركوا أن الطغاة حينما يسقطون لا يمكنهم العودة الى الواجهة مرة أخرى وعليهم أيضا أن يستوعبوا مابعد المرحلة الورقية لأنها لم تعد الوسيلة الأهم في الإعلام الرياضي فقد بدأت الآن تتساقط كأوراق التوت لا أحد يلقي لها بالاً.


المقال منشور في صحيفة الكبار الإلكترونية


 0  0  6179