×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الشرق الجديد.. وحروب السياسة والدين!!

الشرق الجديد.. وحروب السياسة والدين!!



بقلم : أ. ناصر الشهري

قلت هنا قبل عامين ان الوضع السوري يختلف تماماً عنه في ليبيا. وذلك في اشارة الى التدخل الدولي وحجم الاختلاف على الخارطتين السياسية والجغرافية وتقاطع المصالح بين الكبار وخطورة المكان في سوريا. اضافة الى دخول جماعات إسلامية متطرفة على خط المعركة .غير ان الكثير كانوا يراهنون على ان واشنطن لن تقف امام تطور الصراع في دمشق خاصة لان تركيا سوف تقدم التسهيلات للقوات الأمريكية للانطلاق من قاعدة "انجرليك" التي استخدمها سلاح الجو الامريكي اثناء الحملة العسكرية على العراق في العام 1991م اضافة الى تصريحات قوية صدرت من أوباما في بداية المواجهة المسلحة بين نظام الأسد والمعارضة.
لكنها تصريحات كانت وما تزال للاستهلاك على مدى عامين ونصف من الأزمة التي وصلت الى مجزرة الأسبوع الماضي في نموذج تم استنساخه من مذبحة صبرا وشاتيلا اللبنانية التي ارتكبها ارييل شارون في لبنان حين كان وزيرا لدفاع الجيش الاسرائيلي عام 1982م .ويوم أمس الاول كانت الآمال "الغبية" تجاه أمريكا تتطلع الى ان المشهد سيغير من الموقف الامريكي المتخاذل.. لكنه جاء صريحاً وأكثر احباطاً وأكثر وضوحاً حيث اعلن وزير الجيوش الامريكية ان بلاده عن لن تتدخل عسكرياً في سوريا .. مشيراً الى انه ليس هناك مصلحة مع المعارضة ليعقبه اوباما في حديثه لمحطة CNN أمس بقوله انه ليس متأكداً من استخدام النظام لأسلحة كيماوية في مجزرة الغوطة .في حين كان قد تجنب الاشارة الى تدخل عسكري وان كان قال ان مثل هذا التدخل يحتاج الى قرار دولي.وذلك رغم أن الرئيس الأمريكي يدرك حجم تأثير بلاده على مجلس الامن.. وكيف يمكن استصداره للقرار من مجلس الامن.. وكيف يمكن تفعيله دون الاجماع.وهو ما حصل في ليبيا. وحصل في العراق حين قامت امريكا بغزو العراق دون موافقة الأعضاء.. بل كان في ذلك الغزو استغلال غير مشروع للفصل السابع من قرار مجلس الامن الذي اجاز اجلاء القوات العراقية من الكويت. لكنه لم يجز احتلال بغداد والاطاحة بنظامه. ومع ذلك همش الامريكيون المجلس بالكامل. وهو نفس الاجراء الذي حصل في ليبيا رغم عدم موافقة اعضاء دائمين على الحملة العسكرية ومنهم روسيا والصين. في تأكيد على ان البيت الابيض يمتلك مفاتيح القرار في المنظمة الدولية. وبالتالي لابد من القناعة بأن المشهد بكامله في المنطقة العربية يؤكد الاستمرار في المشروع الامريكي لاستكمال مراحل الشرق الأوسط الجديد. خاصة بعد بروز الصراع ما بين السياسة والدين في مناطق منتخبة على خارطة المنطقة. وهو الصراع الذي وصل الى حرب المساجد التي كان أحدثها في طرابلس لبنان يوم أمس الاول. وفي خضم كل هذه الاحداث وتطوراتها تقف السياسة الامريكية في منتصف الطريق بين كل أطراف الصراع .وذلك من خلال "جرعات" منشطة لكل الاطراف في تطمين على انها على مقربة من كل فؤيق ضد الآخر .. غير انها في المنهج الخفي غير ذلك المعلن خارج الاستراتيجية التي تم تنفيذ الجزء الأكبر منها في المنطقة العربية.
ومن ثم فإن المؤلم أمام كل هذه التحديات الخطيرة. هو ما صرح به الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نبيل العربي يوم أمس الاول حيث قال: ان ضعف الموقف الدولي في الأمم المتحدة كان ومازال سبباً في تطورات الاحداث التي شكلت حجم هذه المخاطر في الشرق الأوسط.
لكنني هنا اريد ان أعكس رؤية معاليه الى داخل المنظومة العربية لأطرح السؤال: وما هو دور جامعة الدول العربية التي لم تحرك ساكناً واثبتت فشلها حتى على مستوى المكان الذي تقيم فيه الجامعة في عمق الحدث المصري؟
باختصار ومن غير تفاصيل يمكن القول: ان التحولات الخطيرة في الشرق الاوسط هي صناعة أمريكية بامتياز ..نجحت في استغلال الوهن العربي وفرضت الخلطة السرية لتغذية الصراع ما بين السياسة والدين في المنطقة.

#البلاد
 0  0  2284