×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

اضواء ليلة القدر بين الحقيقة والخرافة




بقلم :د/عبدالرحمن بن هشبول الشهري

حيكت اقوال حول علامات ليلة القدر. لا تعتمد على دليل من القران الكريم او صحيح السنة : كما حيكت خرافات ، اوجدها الجهل واوجدتها العاطفة الدينية : واوجدها الكذابون و الوضاعون ، واوجدها حب الذات .
وتغلغلت هذه الاقوال والخرافات . واستقرت في نفوس السواد الاعظم من الناس . حتى اصبحت في نظرهم في حكم الحقيقة القطعية : واصبح الفوز بثواب هذه الليلة المباركة مرهون برؤية هذه الخرافات او سماعها او الاحساس بها .
ومن ضمن هذه الخرافات :
ان ليلة القدر لا هي بالباردة و لا هي بالحارة
الهواء يكون ساكنا وغير متحرك
الاشجار تنحني وتسجد
لا يسمع فيها نباح كلاب
تسمع من يناديك ويكلمك دون ان تراه
تنشق السماء ويخرج منها نور عظيم اعظم من نور الشمس ولمدة وجيزة ثم يختفي
ومن الخرافة حول هذا النور ان الله جل شأنه وتعالى علوا كبيرا (يخرج يده من السماء فتنير الارض)
كل ماتقدم واكثر من ذلك : هو من نسج الخرافه و الوضع ، وهو جهل بالدين ومقاصده الذي بني على العقل : وجعل العقل اصل التكليف و الخرافة تتنافى مع العقل فكيف بها مع التكليف ؟
والتكاليف الشرعية عقيدة وعبادات و معاملات و آداب و فضائل , لا
مجال للعقل البشري ان يدركها ، او ان يعرفها بقوته او سطوته، دون وحي، ودون رسول يعلم الناس مراد الله و المطلوب منهم .
وكل ما يتعلق بالدين قد وضحه الشارع الكريم(القرآن و السنة) اكمل توضيح ، وجعل باب الاجتهاد مفتوحاً من خلال استقراء الأدلة التفصيلية في الكتاب والسنة .
ولم يجعل الاجتهاد خارجا عن فحوى الأدلة ودلالاتها فإذا خرج الاجتهاد عن ذلك الإطار : فهو الخرافة إذن ، المبنية على الحدس والخرص و الأهواء , وحينئذٍ لا وزن لها ولا اعتبار .
وما قيل عن علامات ليلة القدر انفة الذكر ، لا يعتمد على دليل من الشارع , يمكن النظر اليه من خلال ذلك الدليل .وانما هي مبنية على الحدس و الخرص والأهواء . وأحاديث القصاصيين و الوضاعين و الكذابين .
وليلة القدر :
علمها المسلمون عن طريق الشارع , فقد تولى الحق تبارك و تعالى الحديث عنها ، وافرد لها في كتابه الكريم سورة كاملة , ووضح عظمتها وفضلها وما يتعلق بها .
وتولى النبي الكريم الحديث عنها قولاً و عملاً.
وحدد علاماتها ، بما يقطع كل قول غير ذلك ، ولا يترك مجالاً للهوى او الرغبة او العاطفة ان تزيد او تبتدع ما تشاء من علامات ، ولم يرد عن الشارع قول صحيح حول هذه العلامات المذكورة .
و أعود للحديث : عن العنوان"أضواء ليلة القدر بين الحقيقة و الخرافة"
فأقول : إن ما شوهد من أضواء في فترات متقطعة عبر الأزمان المتطاولة ، في ليل رمضان ، هو في الواقع (مشاهدة حقيقة لظاهرة كونية طبيعية علمية قطعيه محسوسة ملموسة ) ,
ولكن الخرافه : هي جعل هذه الأضواء علامة على وجود ليلة القدر في تلك الليلة , وجعلها علامة أيضا على صلاح و تقوى من يراها , وجعل ذلك دلالة على كرامة ذلك الرائي و قربة من الله.
ومن اجل توضيح خرافة دلالة هذه الأضواء على ليلة القدر . لابد من التفصيل العلمي لحقيقتها ، وأسباب حصولها ، ورؤيتها في السماء .
فأقول :
إن ظهور هذه الأضواء و حصولها ، يعتبر ظاهرة كونية طبيعية معتادة . لا غرابة فيها عند العلماء . وهذه الظاهرة الكونية تخضع لأسباب ومسببات معلومة .
وسببها الحقيقي راجع الى :
الأضواء الصادرة من النجوم ، التي تملأ صفحة الكون ، وعلى وجه الخصوص الأضواء المنبعثة من الشمس
إذ تعتبر الشمس السبب الرئيسي في حصول هذه الظاهرة ، وكونها السبب الرئيسي في حصولها فلا بد من ذكر معلومات مختصره عنها
فاقول :
الشمس نجم متوسط الحجم متقد بذاته . ورد ذكرها في القران الكريم 35 مره . وقد وصفها القران بأنها سراج وهاج . وأنها ضياء(أي مصدر الضوء) وأنها آية من آيات الله , وانها مسخرة لنا . وتبعد عن الارض مسافة مائة وخمسين مليون كم . وهي على هيئة كره من الغاز الملتهب
وقطرها مليون وأربعمائة كيلو متر . ويبلغ حجمها : مليون وثلاثمائة مره حجم الارض . وتقدر كتلتها بنحو ألفي ترليون ترليون طن . وتقدر جاذبيتها بنحو 28 مره ضعف قوة الجاذبية على سطح الارض .
وتتكون الشمس من : غاز الايدروجين بنسبة 82% تقريباً , وغاز الهليوم بنسبة 18,17% بالإضافة الى نسب ضئيلة من عناصر اخرى
ويقدر عمر الشمس بعشرة بلايين من السنين .
على ذلك : فالشمس عبارة عن خليط ملتهب من غازي الايدروجين و الهليوم ، ونتيجة الاندماج النووي بين ذرات هذه المكونات : تنطلق طاقة الشمس الهائلة
وتحول الشمس في كل ثانيه 655 مليون طن من الايدروجين الى نحو 650 مليون طن من الهليوم
ويتحول الفرق بين .الكميتين المقدر بخمسة ملايين من الاطنان الى طاقة تمثل الطاقة المنبعثة من الشمس باستمرار وجودها في كل ثانية .
وللشمس نطق وظواهر كثيرة . لا يسمح المقام بذكرها . وقد لا تهم القارئ الكريم .
ولكن لابد من معرفة ان من ظواهر الشمس ما يعرف "باسم الومض او الوهج الشمسي" وتحدث هذه الظاهرة نتيجة للزيادة المفاجئة في انبعاث نوى ذرات الايدروجين من مناطق البقع الشمسية ، لفترات تتراوح بين ثوان قليلة وعشر دقائق . يصاحبها انطلاق كميات هائلة من الطاقة :
و الشمس محاطة بسحابة من الجسيمات المشحونة بالطاقة .
وتندفع تلك الجسيمات في كل الاتجاهات مكونة ما يسمى بالرياح الشمسية (Solar winds) التي تنطلق منها تلك الجسيمات بسرعات قد تصل الى اكثر من 720 كم في الثانيه . وتصل هذه الجسيمات المشحونة بالكهرباء الى الغلاف الغازي للأرض ، وترتطم به , وينتج عن ذلك ما يسمى "بالشفق القطبي" او "الفجر القطبي" او "الاورورا ".
وقبل ان أتحدث عن الظاهرة ، ظاهرة الفجر القطبي ، او الشفق القطبي الذي حسبه السواد الاعظم من الناس علامة على ليلة القدر . لابد ان أذكر:
ان الله جل ثناؤه : قد جعل للأرض غلافاً غازياً يتكون من بخار الماء و غازي الاوكسجين و الايدروجين و النيتروجين ...الخ.
وجعل الحياة مرتبطة بهذا الغلاف الغازي .
وأودع في هذا الغلاف نطق حماية للأرض ، هي عبارة عن سقف تحمي الارض من الشرور القادمة من السماء. كأنواع الاشعة ، و الجسيمات المكهربة ، و النيازك ، وغير ذلك وهذه النطق هي :
نطاق الاوزون ، ونطاق احزمة الاشعاع ، ونطاق التأين، و نطاق المجال المغناطيسي
وكل نطاق من هذه النطق : هو عبارة عن سقف حامٍ للأرض ، وكل نطاق يحمي الارض من نوع من انواع هذه الشرور القادمة من الفضاء ، إما بارجاعها الى الفضاء ، او بإفنائها , او بمنعها من النزول الى الارض . مصداقاً لقولة تعالى :[و جعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن اياتها معرضون]
وقوله تعالى :[والسماء ذات الرجع].
وعودة الى الحديث عن الشفق القطبي :
الشفق القطبي : هو عبارة عن ظاهره ضوئية كونية حقيقية ، معتاد ة للعلماء ، ولسكان شمال الكرة الأرضية خصوصا شمال روسيا وفلندا والسويد والنرويج وشمال كندا
حيث ترى وتشاهد هذه الظاهرة بوضوح تام ، على هيئة اضواء في السماء على اشكال وألوان متعددة .
وتعرف هذه الظاهرة ايضا باسم الاضواء القطبية ، او باسم فجر الليل القطبي، او الشفق القطبي ،او الاورورا ،
وتتركز اساسا في المنطقتين الواقعتين بين كل من قطبي الارض المغناطيسيين ، وخطي العرض المغناطيسيين 67درجه شمالا و67درجة جنوبا .
الا انها قد تمتد احيانا ، لتشمل مساحات اوسع من ذلك ، الى مناطق متعددة من الارض ، حسب قوة النشاط الشمسي ، وقوة الفورانات الشمسية .
وتبدو ظاهرة الشفق القطبي عادة على هيئة:
اضواء زاهية متألقة جميلة ، تختلف باختلاف الارتفاع الذي ترى عنده ويغلب عليها اللون الأخضر والأحمر، والأبيض المشوب بزرقة والبنفسجي ، والبرتقالي ,
ويعود سبب هذه الالوان الى :
تصادم الكهارب المشحونة ، القادمة من الشمس ، مع مكونات الغلاف الغازي للأرض ، فإذا تصادمت مع ايونات الاوكسجين ، ظهر اللون الأخضر وإذا تصادمت مع ايونات النيتروجين ، ظهر اللون الاحمر وهكذا ..
وهي تتوهج وتخبو (أي تزداد شدة ولمعانا ثم تهدأ) بطريقة دورية كل عدة ثواني ، قد تمتد الى عدة دقائق .
وتتباين الوان الشفق القطبي او الوهج القطبي في اجزائة المختلفة ، تباينا كبيرا ، وان تناقصت شدة انوارها الى الاعلى بصفة عامة .
حيث تتدلى تلك الاضواء من السماء الى مستوى قد يصل الى 80 كيلو مترا ، وربما زاد عن ذلك ، حسب قوة الرياح الشمسية ، وتمتد افقيا الى مئات الكيلو مترات ، لتملأ مساحات شاسعة من صفحة السماء .
وتكون اشكالها على هيئة :
هالات حلقية
قوسية متموجة , تكون عدد من الستائر النورانية المطوية المتدلية من السماء .وقد يسمع لها فرقعه ، كفرقعة الالعاب النارية
والتي يشبه نورها النور المصاحب لبزوغ الفجر الصادق .
ويفسر العلماء حدوث هذه الظاهرة وسبب وجودها :
بارتطام الجسيمات المشحونة بالكهرباء ، القادمة من الشمس، نتيجة الثورانات العنيفة ، الحاصلة في الشمس، والانفجارات النووية فيها ارتطامها بالغلاف الغازي للأرض ، مما ينتج عنه(تأينه) أي شحنة بالكهرباء ، و الى اصدار اشعة كونية ثانوية
ونتيجة لذلك :
تتصادم الاشعاعات بشحناتها الكهربائية المختلفة ، مع كل من نطاق احزمة الاشعاع ، ونطاق التأين (الذين ذكرنا انفاً انهما من نطق الحماية للأرض) ويؤدي ذلك التصادم الى:
تفريغ شحناتها الكهربائية ، فتوهجها ، وهي ذات شحنات كهربائية عالية، وهذه الاشعة الكونية ذات اخطار عالية للغاية على الحياة والأحياء .
ولكن من لطف الله بمخلوقاته : ان جعل للأرض حماية من نزول تلك الاخطار ، وذلك بأن جعل نطاق المجال المغناطيسي للأرض ، كسقف حامٍ لها , و لا يحمي الارض من اخطار تلك الاشعة والجسيمات المشحونة ، الا هذا المجال المغناطيسي .
حيث تتحرك هذه الاشعة المشحونة بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض .
التي تنحني لتصب في قطبي الارض المغناطيسيين ، فيؤدي الى تأين الغلاف الغازي للارض فوق القطبين ( أي شحنه بالكهرباء )ومن ثم توهجه فوق القطبين وما حولهما ،
ويتحكم المجال المغناطيسي للأرض ، في هذه الاشعة ، ويوجهها نحو القطبين ( حسب شحنتها السالبه او الموجبه )في حركة لولبية موازية لخطوط المجال المغناطيسي للأرض .
وحينما يقترب الجسم المشحون من احد قطبي الارض ألمغناطيسي فإنه يرده الى الاخر وهكذا , تحدد خطوط الحقل المغناطيسي للأرض اتجاهات تحرك الاشعة الكونية ، وتركزها حول القطبين
وعلى ضوء هذا التبادل للأشعة ، حسب شحناتها الموجبة و السالبة بين القطبين .
فإنه بالإمكان رؤية هذي الاشعة العابرة للأرض بين القطبين الشمالي و الجنوبي ، في كثير من مناطق الارض , بما فيها المنطقة العربية ، بما لايقل عن 7 الى 10 مرات في السنة , قد ترى في مكان و لا ترى في مكان اخر , فقد ترى في المنطقة الشرقية من المملكة ، ولا ترى في الرياض مثلا وهكذا ، وقد تمر هذه السحابة من الاشعة الكونية من فوقنا ولا نراها اما :.
لكونها مرت في النهار : او لكونها مرت في وقت الغيوم والسحب ، او لكونها مرت وهي خافتة وضعيفة فلم ترَ .
والسبب في رؤية هذه الاشعة الكونية المكهربة خارج القطبين الشمالي والجنوبي عائد الى :
قوة السبب في حصولها ، وهو قوة الانفجاريات الشمسية التي تدفع بمكونات السحابة المحيطة بالشمس . من الجسيمات المكهربة الى الارض ، والذي يعرف بالرياح الشمسية .
هذا السيل الهائل من هذه الجسيمات : حينما يصطدم بالغلاف الجوي للأرض : فإن قوته تؤثر على نسبة التوهج ، فيرى بوضوح خارج قطبي الارض .
وأقول :
ان رؤية هذه الظاهرة ، خارج القطبين وما حولهما (حاصل) ولكنة قليل للغاية
وترَى في مكان دون مكان : ولفترة وجيزة ، هي مدة عبور الاضواء من الشمال الى الجنوب او من الجنوب الى الشمال .
وحيث ان هذه الظاهرة، غير معهودة لغير سكان القطبين، وترى في فترات متباعدة في غير القطبين( مع غياب معرفة سبب حصولها ) كل ذلك أدى الى :
حياكة الخرافات نحوها ، ومما يؤجج هذه الخرافات ،هو مصادفة رؤيتها في ليلة من ليالي رمضان ، عبر الازمان المتطاولة ، مما يسهل تصور دلالتها على ليلة القدر عند العامة ، وقبول تلك الخرافة ،
واعتبار فترة فضيلة ليلة القدر ، هي تلك اللحظات التي شوهدت فيها تلك الظاهرة فحسب .
واعتبار من رأى تلك الاضواء ، من الصالحين العابدين ، اهل التقوى والزهد.والصلاح ، في حين ان هذه الرؤية ، هي رؤية عادية كرؤية ظاهرة البرق اوقوس قزح
ولابد ان انبه هنا :
الى ان مرور هذه الاضواء ، من فوق أي مكان في الارض ، ممكن في أي شهر او يوم غير رمضان :
اذا كان الامر كذلك : فما مستوى صلاح وتقوى من يراها في غير رمضان ؟, في ربيع الاول ، او جمادى ، او ذو القعدة، وغيرها من الشهور
وللدلالة على فساد هذه الخرافة، خرافة ربط ظهور هذه الاضواء بليلة القدر
ان هذه الظاهرة : تشاهد لعموم سكان شمال الكره الارضية اكثر من 240 ليلة في السنة .
وهذا يعني على وفق تلك الخرافة ، ان هؤلاء السكان محظوظون للغاية : حيث يتمتعون بهذه الفضيلة ، فضيلة ليلة القدر، ثلاثة ارباع السنة .
في حين لا يتمتع بها في غير تلك المناطق، الا من كان ذو حظٍ وتقوى وصلاح ، وفي ليلة واحدة .
و الواقع ان مشاهدة هذه الاضواء منذ القدم ، ومن اناس اهل صدق وتقوى، يؤمن عليهم الكذب .
ادى ببعض علماء الاسلام ، الى تصديق اؤلئك فيما رأوه ،
ولكن اؤلئك العلماء، لم يعتبروا تلك الظاهرة ، علامة من علامات ليلة القدر، بل اعتبروا ذلك كرامة خاصة لاولئك الناس
ولو كان سبب هذه الظاهرة ، معلوما لاولئك العلماء ، ما ربطوا قط ذلك بالكرامة ، او الصلاح لاولئك الرائين .
وهذه الظاهره كما قلت سابقا :
هي ظاهرة خطيرة للغاية ، على الحياة والاحياء ، وان ظهرت لنا بذلك الثوب الجميل ، وتلك الالوان الزاهية
فلو تسللت الى الارض ، لنتج عن ذلك :
ذوبان الجليد في المحيطات الجليدية على القطبين ، وذوبان الجليد الذي على قمم الجبال ، علما ان عمق الجليد في القطبين يزيد عن 4 كيلومترات .
فلك ان تتصور: كمية المياه الهائلة التي ستتدفق الى المحيطات والبحار .
وستكون نتيجة ذوبان الجليد
زيادة كمية مياه البحار و المحيطات . وبالتالي يطغى الماء على اليابسه مغرقا الكثير من المدن الساحلية في العالم كله .
فضلا عن اخطار تلك الاشعة على المخلوقات ، وسيكون مصير تلك المخلوقات على الارض ، هو الهلاك ، مع تغير كبير في المناخ والبيئة .
اذا استحضرنا تلك الاخطار وغيرها، ازددنا علما بعظمة القسم الالهي بهذه الظاهرة حيث قال تعالى :[فلا اقسم بالشفق ]
وهذه الظاهرة: داخلة في مضمون هذا القسم . ولم يكن لعلمائنا الاجلاء علم بهذه الظاهرة وهذا الشفق القطبي ,
ففسروا الشفق المقسم به في الاية الكريمة ، بما يشاهد عند ظهور الفجر، وما يشاهد عند غروب الشمس , ولو علموا هذه الظاهرة لوظفوا ذلك في توسيع دلالة القسم الكريم ، ليشمل هذه الظاهرة
ولم ترد هذه الاشارة لهذه الظاهرة في القران وحده ، بل شملها حديث النبي صلى الله عليه وسلم : الذي رواه الامامان احمد والترميذي عن ابي هريره مرفوعاً من حديث طويل
ان النبي صلى الله عليه قال :"..هل تدرون مافوقكم ؟ قالوا:الله ورسولة اعلم قال: فإنها الرقيع سقف محفوظٌ وموجٌ مكفوف...." الحديث .
و الرقيع : تطلق على السماء او السماوات : و هذه الكلمة تحمل معنى التطابق ، أي ان هذه السماء متطابقة ، ولعله صلى الله عليه وسلم قصد بهذا التطابق : تطابق مكونات الغلاف الغازي للارض ، بما فيه من نطق الحماية ، التي عبر عنها الحديث ب (سقف محفوظ )أي محفوظ من الافلات من جاذبية الارض.
وحافظ للارض من الشرور القادمة من السماء .
والنبي صلى الله علية وسلم وهو يقول (موج مكفوف) كأنة يحدثنا الان عن حركة تلك الامواج الهائلة ، من تلك الاشعة والجسيمات المكهربة المتسارعة صوب الارض ،
على هئية موجات هائلة ، ثم يكفها المجال المغناطيسي ، عن ان تصل الى الارض .
من اخبره عليه الصلاة والسلام بذلك ؟ وهو الذي لم يذهب الى القطبين ولم يشاهد الظاهره :
ولم يكن احد وقت التنزيل ، ليعلم ان للارض مجالا مغناطيسياً ، يحميها ( لا شك انه الوحي ).
وللعلم :
فإن الارض في بداية التكوين، لم تكن لها هذه النطق من الحماية ، لذلك كانت تتعرض لوصول هذه الاشعة المشحونة اليها ، وتخالط ما تكون من الغلاف الجوي وقتئذ
فتحدث توهجا يضيء ليل الارض .
ولكن بعد ان اوجد الله نطق الحماية للارض ، وخصوصا المجال المغناطيسي ، كفت هذه الاشعة عن الوصول للارض ، و اختفى ذلك التوهج الليلي
واستقر الامر على هيئتها الحالية . لتكون صالحة للحياة و للأحياء .
يقول الله تعالى :
[وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين و الحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا ]الاسراء اية 12
ويقول تعالى :
[أأنتم اشد خلقا ام السماء بناها *رفع سمكها فسواها*واغطش ليلها واخرج ضحاها]
فمحو اية الليل هنا ( و الله اعلم ) هو كف هذه الاشعه عن مخالطة مكونات الغلاف الجوي
وذلك بخلق المجال المغناطيسي للارض اذ لم يكن موجودا في بداية التكوين .
واغطاش الليل هو : كف هذا التوهج من ليل الارض ، ليصبح مظلما كما تراه الان .
عزيزي القارئ :
وبعد هذه الرحله مع هذه الظاهرة ، يتضح لنا بجلاء، رحمة الله بخلقة اذ كف عنهم شرور تلك الظاهرة وغيرها .
وانعم عليهم بنزول هذا القران الكريم ، الذي يكشف لهم نواميس وقوانين هذا الكون ، ويهديهم الى سواء السبيل
كما يتضح لنا ايضا :
خرافة وخطأ اعتبار رؤية هذه الظاهرة دلالة على وجود ليلة القدر
كما يصحح هذا التوضيح ، كثيرا من المفاهيم الخاطئة التي علقت بأذهان السواد الاعظم من الناس .
اسأل الله الكريم: ان يرزقنا حسن تدبر ايات كتابه ، وحسن الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم .
واخيرا : ادعو القارئ الكريم ، لمشاهدة المقطع المرفق ، والصور عن هذه الظاهرة وهي مشاهد حقيقية لها

image

image

image

image
image

image
image

image



لاحظ تجمع الاشعة فوق القطب الشمالي للارض
image

image
image

image
image

image
image

image


وهذا مقطع للتوضيح على الرابط التالي :
https://www.youtube.com/watchv=iDa1CSZJ2Do


بقلم د/عبدالرحمن محمد هشبول الشهري
كلية الاداب جامعة الملك فيصل _الاحساء
Am1433h@gmail.com

 0  0  32448