أكبر الكبائر
أكبر الكبائر
العقيد م/ محمد بن فراج الشهري
ظاهرة من الظواهر السيئة وغير المعتادة في أراضينا الطاهرة مهبط الوحي وقبلة الإسلام والمسلمين لم تكن متفشية في عصور مضت كما هو الحال في عصرنا الحاضر وانه ليعصرني الألم والحزن وتتملكني العبرة وأنا اقرأ في صحافتنا يوميًا خبر اعتداء ابن على أبيه وضربه وحبسه, وكذلك ضرب والدته وأهانتها وقد تكررت هذه الأخبار في أكثر من موقع وفي تقارير عن حالات عقوق الوالدين التي حققت فيها هيئة التحقيق والإدعاء العام بأكثر من 1500 قضية خلال العام كما بلغ قضايا عقوق الوالدين المسجلة خلال العام 1433هـ وفي المحاكم السعودية 1074 قضية حسب ماورد في تحقيق نشرته عكاظ في العدد 17065 الجمعة 7 رجب 1434هـ والغريب في الأمر كله عدم التصدي لهذه الظاهرة التي كانت حالات فأصبحت ظاهرة لم يتصدى لها كتابنا وعلماء الاجتماع والطب النفسي والقضاة وأهل الرأي والفكر لم نرى من يتصدى لمثل هذه المشكلة وانشغلنا بأمور أخرى ليس لها علاقة بصيانة المجتمع وتقصي أسباب ومسببات مثل هذه الظاهرة التي لاشك أن استمر ظهورها في مجتمعنا المعاصر فسنندب حظنا كثيرًا لعدم محاولة علاجها والبحث عن المسببات وإيجاد الحلول اللازمة. هذه الظاهرة يا سادة هي (عقوق الوالدين) والآمر لم يعد عقوق بل تعدى ذلك إلى الاستهتار بهم والاستهزاء والطرد من البيوت, ولست هنا بالمحدث ولا المشرع ولا العالم الذي يبين حقوق الوالدين إذ أن القرآن الكريم والشريعة الإسلامية والسنة المطهرة لم تترك لإنسان الاجتهاد في إظهار حقوق الوالدين لأنها واضحة جليه كوضوح الشمس في وسط النهار قال تعالى وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) سورة الإسراء "23" وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) سورة لقمان "14" وقوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ) سورة الانعام "151" وقال تعالى : (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).سورة لقمان "14"
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل منها واحده بغير قرينتها أي إحداهما قول الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه, الثانية قول الله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) سورة المزمل "20" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه .. والثالثة قول الله تعالى: (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) سورة لقمان "14" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله في رضي الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( جاء رجل يستأذن النبي في الجهاد معه فقال النبي احي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد مخرج في الصحيحين) وكذلك في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أنبأكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يارسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين).. الحديث وفي الصحيحين كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لايدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر) .. الحديث وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لو علم الله شيء أدنى من "الأف" لنهى عنه فليعمل العاق ماشاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ماشاء أن يعمل فلن يدخل النار وقال: لعن الله العاق لوالديه وقال: لعن الله من سب أباه.. لعن الله من سب أمه وقال: كل الذنوب يؤخر الله منها ماشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فأنه يعجل لصاحبه.
قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت اطلب أعق وابر الناس, فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل, يسقي بدلو لاتطيقه الإبل, في الهاجرة والحر الشديد, وخلفه شاب في يده رشا أي حبل/ من قد ملوي يضربه به وقد شق ظهره بذلك الحبل فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ماهو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: انه مع هذا أبي, قلت: فلا جزاك الله خيراً. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بآبيه, وكذا كان أبوه يصنع بجده, فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جِلت حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ كأنه فرخ, فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يزق الفرخ, فقلت ما هذا ؟ قال: أبي وقد خرف, وأنا اكفله, فقلت: هذا ابر العرب. ورد ذلك في المحاسن والمساوئ للبيهقي ص614. أيها السادة.. كم هي حالات العقوق التي نطالعها يومياً في صحافتنا المحلية هل ساء بنا الحال إلى هذه الدرجة التي لم نعد معها ننكر مثل هذه الظاهرة ونعلن على مرتكبيها حرباً شعواء لا هوادة فيها .. أنها من اكبر الجرائم وأخس الصفات وأقبح العادات أليس لنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم القدوة وفي الأنبياء والرسل من قبله الذين كانوا بارين بآبائهم وأمهاتهم وهنالك نماذج متعددة لذلك.. فهذا نبي الله نوح .. عليه السلام يذكر لنا الله عز وجل نموذجًا من برّه بوالديه حيث كان يدعوا ويستغفر لهما كما في قوله تعالى عنه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً).سورة نوح "28"
وهذا إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه بلغة إشفاق وإشفاق بالغ, وحرص أكيد, رغبة في هدايته ونجاته, وخوف من غوايته وهلاكه فيقول كما اخبر الله عنه (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) سورة مريم "41-45"
ولقد خاطب والده بتلك الكلمات المؤثرة, والعبارات المشفقة التي تصل إلى الأعماق. ولولا أنها وجدت قلباً قاسياً عاسياً أغلف اسود .. لأثرت به .. وكانت سبباً في هدايته ونجاته.
وهذا إسماعيل أبو إبراهيم عليهما السلام .. يضرب أروع الأمثلة في البر في تاريخ البشرية وذلك عندما قال له أبوه
فماذا كان رد ذلك الولد الصالح ؟ هل تباطأ أو تكاسل , أو تردد أو تثاقل ؟ لا , بل قال كما اخبر الله تعالى عنه (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ). سورة الصافات "102"
وهذا عيسى ابن مريم عليه وعلى أمه السلام .. يأتيه الثناء العطر, والتبجيل العظيم من ربه وهو مايزال في المهد بأنه بار بأمه, يقرن هذا بعبوديته لربه عز وجل قال سبحانه عنه: (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً).سورة مريم "32"
وكذلك هنالك نماذج متعددة من بر السلف الصالح لاتخفى على كل مسلم.. فأين نحن من ذلك بل أين شبابنا من هذا كله.. ألا يستحي من يدعي الإسلام أن يرتكب مثل هذه الجريمة (عقوق الوالدين) ويقول انه مسلم كيف يطلب الرزق والعفو والغفران من رب العالمين وهو منكر لحقوقه وحقوق الوالدين؟ .. كيف يتجرأ أي إنسان على إخراج أباه من بيته إلى دار العجزة إرضاء لزوجته أو لنزوته؟ كيف يرضى بأن يترك أمه تستجدي الخلق على الأبواب وهو قادر ومقتدر؟ كيف بمن يلعن والديه صباح مساء ويستهتر بهما ويتمادى في عصيانهما عيانًا بيانًا؟ لاشك أن من يقوم بهذه الأفعال سيجد عقوبته في دنياه قبل أخرته والأمثلة على ذلك كثير ومشاهده وملموسة في اغلب المجتمعات فليحذر شبابنا من الوقوع في هذه الجريمة وليعود الذين اخطئوا بحق والديهم إلى رشدهم قبل فوات الأوان ويطلبوا عفوهم وصفحهم قبل أن يحل عليهم غضب المولى.. كما أن على كتابنا و رواد علم الاجتماع وعلم النفس وقبل ذلك علماء الدين والشريعة عليهم أن يرصدوا هذه الظاهرة بكل أبعادها ومسبباتها وان يسعوا لإيجاد حلولاً عاجلة قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة مؤكدة فهي إن عمت في المجتمع فقل عليه السلام .. نسأل الله أن يحمي شبابنا وبناتنا من الوقوع في هذه الكارثة كما نسأل الله أن يحمي مجتمعنا المسلم من تفشي هذه الظاهرة وان يهدي كل عاق وعاقه إلى سبيل الرشاد انه على ذلك قدير وصلى الله وسلم على رسوله محمد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل منها واحده بغير قرينتها أي إحداهما قول الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه, الثانية قول الله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) سورة المزمل "20" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه .. والثالثة قول الله تعالى: (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) سورة لقمان "14" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله في رضي الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( جاء رجل يستأذن النبي في الجهاد معه فقال النبي احي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد مخرج في الصحيحين) وكذلك في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أنبأكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يارسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين).. الحديث وفي الصحيحين كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لايدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر) .. الحديث وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لو علم الله شيء أدنى من "الأف" لنهى عنه فليعمل العاق ماشاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ماشاء أن يعمل فلن يدخل النار وقال: لعن الله العاق لوالديه وقال: لعن الله من سب أباه.. لعن الله من سب أمه وقال: كل الذنوب يؤخر الله منها ماشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فأنه يعجل لصاحبه.
قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت اطلب أعق وابر الناس, فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل, يسقي بدلو لاتطيقه الإبل, في الهاجرة والحر الشديد, وخلفه شاب في يده رشا أي حبل/ من قد ملوي يضربه به وقد شق ظهره بذلك الحبل فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ماهو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: انه مع هذا أبي, قلت: فلا جزاك الله خيراً. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بآبيه, وكذا كان أبوه يصنع بجده, فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جِلت حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ كأنه فرخ, فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يزق الفرخ, فقلت ما هذا ؟ قال: أبي وقد خرف, وأنا اكفله, فقلت: هذا ابر العرب. ورد ذلك في المحاسن والمساوئ للبيهقي ص614. أيها السادة.. كم هي حالات العقوق التي نطالعها يومياً في صحافتنا المحلية هل ساء بنا الحال إلى هذه الدرجة التي لم نعد معها ننكر مثل هذه الظاهرة ونعلن على مرتكبيها حرباً شعواء لا هوادة فيها .. أنها من اكبر الجرائم وأخس الصفات وأقبح العادات أليس لنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم القدوة وفي الأنبياء والرسل من قبله الذين كانوا بارين بآبائهم وأمهاتهم وهنالك نماذج متعددة لذلك.. فهذا نبي الله نوح .. عليه السلام يذكر لنا الله عز وجل نموذجًا من برّه بوالديه حيث كان يدعوا ويستغفر لهما كما في قوله تعالى عنه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً).سورة نوح "28"
وهذا إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه بلغة إشفاق وإشفاق بالغ, وحرص أكيد, رغبة في هدايته ونجاته, وخوف من غوايته وهلاكه فيقول كما اخبر الله عنه (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) سورة مريم "41-45"
ولقد خاطب والده بتلك الكلمات المؤثرة, والعبارات المشفقة التي تصل إلى الأعماق. ولولا أنها وجدت قلباً قاسياً عاسياً أغلف اسود .. لأثرت به .. وكانت سبباً في هدايته ونجاته.
وهذا إسماعيل أبو إبراهيم عليهما السلام .. يضرب أروع الأمثلة في البر في تاريخ البشرية وذلك عندما قال له أبوه
فماذا كان رد ذلك الولد الصالح ؟ هل تباطأ أو تكاسل , أو تردد أو تثاقل ؟ لا , بل قال كما اخبر الله تعالى عنه (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ). سورة الصافات "102"
وهذا عيسى ابن مريم عليه وعلى أمه السلام .. يأتيه الثناء العطر, والتبجيل العظيم من ربه وهو مايزال في المهد بأنه بار بأمه, يقرن هذا بعبوديته لربه عز وجل قال سبحانه عنه: (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً).سورة مريم "32"
وكذلك هنالك نماذج متعددة من بر السلف الصالح لاتخفى على كل مسلم.. فأين نحن من ذلك بل أين شبابنا من هذا كله.. ألا يستحي من يدعي الإسلام أن يرتكب مثل هذه الجريمة (عقوق الوالدين) ويقول انه مسلم كيف يطلب الرزق والعفو والغفران من رب العالمين وهو منكر لحقوقه وحقوق الوالدين؟ .. كيف يتجرأ أي إنسان على إخراج أباه من بيته إلى دار العجزة إرضاء لزوجته أو لنزوته؟ كيف يرضى بأن يترك أمه تستجدي الخلق على الأبواب وهو قادر ومقتدر؟ كيف بمن يلعن والديه صباح مساء ويستهتر بهما ويتمادى في عصيانهما عيانًا بيانًا؟ لاشك أن من يقوم بهذه الأفعال سيجد عقوبته في دنياه قبل أخرته والأمثلة على ذلك كثير ومشاهده وملموسة في اغلب المجتمعات فليحذر شبابنا من الوقوع في هذه الجريمة وليعود الذين اخطئوا بحق والديهم إلى رشدهم قبل فوات الأوان ويطلبوا عفوهم وصفحهم قبل أن يحل عليهم غضب المولى.. كما أن على كتابنا و رواد علم الاجتماع وعلم النفس وقبل ذلك علماء الدين والشريعة عليهم أن يرصدوا هذه الظاهرة بكل أبعادها ومسبباتها وان يسعوا لإيجاد حلولاً عاجلة قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة مؤكدة فهي إن عمت في المجتمع فقل عليه السلام .. نسأل الله أن يحمي شبابنا وبناتنا من الوقوع في هذه الكارثة كما نسأل الله أن يحمي مجتمعنا المسلم من تفشي هذه الظاهرة وان يهدي كل عاق وعاقه إلى سبيل الرشاد انه على ذلك قدير وصلى الله وسلم على رسوله محمد.
alfrrajmf@hotmail.com