سوريا ومسافات الأسئلة !!
ناصر الشهري
كثيرة هي الأوراق السياسية والطائفية التي دخلت على خط الصراع المسلح في سوريا.. بما في ذلك التطرف المعلن لبعض فصائل المواجهة. ونظام استفاد من تدخلات ما خلف الحدود حتى تلك التي تطالب بإسقاطه من جهة وتعلن ولاءاتها لمنظمات ارهابية كما هو الحال لجماعة النصرة التي أعلنت مبايعتها للقاعدة. وهو الإعلان الذي كان أقوى أنواع الأسلحة التي أصابت الجيش السوري الحر في مقتل مؤثر وقلل من حجم التعاطف الدولي. وطرح الكثير من الأسئلة حول المسار السياسي لما بعد الثورة؟
بل فرض دخول الجماعات المتطرفة في دائرة الصراع إلى اجبار بعض القوى الكبرى على الخروج من الشارع العام خلف المعارضة ودعم مسيرتها إلى القفز من فوق الرصيف والسير في طريق الخدمة.. ومنهم من هرب.. ومنهم من بقي يقدم شيئاً من وجبات الغذاء طبقاً للموقف الأمريكي الأخير الذي أعلن تقديم مائة مليون لشراء هذه الوجبات!!
وعلى الجانب العربي بقيت الجامعة العربية حائرة أمام المشهد متمسكة في الوقت ذاته برفض أي تدخل خارجي في القضية السورية. غير أن الأمر الأكثر غرابة هو أن كلاً من روسيا وإيران وحزب الله قد فرضوا تدخلاً عسكرياً معلناً. خاصة من خلال تدفق الأسلحة الروسية إلى ميناء طرطوس السوري وإرسال العديد من الخبراء العسكريين لدعم النظام.
اضافة إلى شحنات عسكرية جوية ايرانية. ودخول قوافل من جيش حزب الله اللبناني وانضمامه إلى جيش النظام. ومحاربة السوريين على أرضهم.
وذلك في الوقت الذي تقول الحكومة اللبنانية انها قد قررت النأي بنفسها عن الصراع في سوريا. وهو الموقف الذي كان حزب الله قد وافق عليه.. ثم عاد ليتصرف منفرداً بحجة أن سقوط النظام في دمشق هو سقوط لفلسطين!! وهذه "تخريجة" سياسية فوق احتمال العقل. ولو قال السيد حسن نصر الله: إن سقوط النظام سيقطع على حزب الله منفذه الوحيد إلى ايران لكان ذلك أكثر واقعية في منطلقات الموقف بكل أبعاده. خاصة ونحن في زمن أصبحت فيه الشعوب أكثر وعياً لا تقبل التسطيح والمصادرة. وهنا اعترف انني صفقت لحزب الله وتعاطفت معه أثناء مواجهته الأخيرة مع اسرائيل حتى أن السيد حسن نصر الله علق على أحد مقالاتي التي نقلتها العربية نت قائلاً: إن هذا الكاتب رجل شريف.
لكنني اليوم أرفع كل "اصابعي" احتجاجاً ورفضاً لتدخل الحزب في القضية السورية وقتل السوريين على أراضيهم وهو رأي لا يمكن أن يحجبه منصف لحقوق السيادة الوطنية. وحجم النتائج التي سيعمل هذا التدخل على توريثها بين كل من لبنان وسوريا في المستقبل.
وفي محور آخر من أوراق المشهد السوري الذي اشرت إليه في بداية الكلام. نجد أن هناك اتصالات أمريكية روسية لعقد مؤتمر دولي حول سوريا. مع الإعلان الأمريكي عدم تمكين رئيس النظام السوري بشار الأسد بأن يكون جزءاً من الحل.. وهذا خطأ كبير.
ذلك لأن الأسد هو أساس المشكلة. وليس جزءاً منها حتى لا يكون من أجزاء الحل في نظر واشنطن. بل ستكون مشاركته فرصة لمنحه ما يريده من حفظ ماء الوجه والخروج الآمن من المأزق .. وفرض انتقال سلمي للسلطة بعد طول حرب طاحنة يؤمن الرئيس السوري أنه لن يحكم سوريا بعدها.
ومن ثم يمكن استنساخ النموذج اليمني والحيلولة دون توسيع نطاق الحرب وتدويله من خلال التطورات الأخيرة.. التي ستؤدي إلى مزيد من خلط الأوراق في المشهد السوري. بما في ذلك استباق المؤتمر الدولي بضربة من حزب الله على الجولان بتحريض من النظام السوري. وعندها يكون قد فتح الباب لاجتياح إسرائيلي لجنوب لبنان!!