رحم الله "عبدالله بن سليمان" وابنه "سلطان"
رحم الله "عبدالله بن سليمان" وابنه "سلطان"
الدكتور/فايز بن عبد الله الشهري
يعرفه أهالي محافظة "تنومه" وما جاورها بكنيته الأشهر "أبو سلطان"، ويقدمه أهالي "خميس مشيط" في شبابة بكنيته الحبيبة إلى نفسه "أبو سليمان"، ويلقبه رفاق السلاح والكفاح في "تبوك" وفي قوات نداء واجب حرب رمضان التاريخية (أكتوبر )1973 بطيب الفال.
بعيد مساء يوم جميل من أماسي المدينة الوادعة" تنومه" وبعد ليلة سمر قصيرة مع أحبابه نهض "أبو سلطان" مستأذنا للانصراف إلى النوم، وكان أن لاحظ ابنه البار "سلطان" احمرار عيني أبيه فأصرّ أن يصحبه للمستشفى للكشف والاطمئنان. وفي المستشفى كان التشخيص يقول بان حمرة العين عارض من عوارض الغبار وربما تغيّر ضغط الدم ما جعل الابن يأخذ نفسا عميقا مستبشرا بحالة والده والأب ينظر في قسمات ولده بعين الرضا والامتنان للمنان.
بين هذا المنظر للأب المشفق من حرص ابنه البار والموعد المحتوم مع أسباب الموت كان قدر الله المكتوب فشاءت إرادة المولى أن تكون تلك الخطى المعدودات في مشوار المستشفى هي تمام العمر في دنيا فانية، واكتمال مشوار حياة حافلة للاب الشيخ "عبدالله بن سليمان" وابنه المعلم "سلطان" رحمهما الله رحمة واسعة. في تلك الليلة السوداء قضى "أبو سلطان" وابنه نحبهما تحت هياكل "شاحنة " متوقفة في سكون الليل فوق احدى مسارات الطريق الواصل بين مديني أبها والطائف. نعم كانت "الشاحنة" سبب الموت ولكن الإهمال أيضا كان سببا آخر حيث يقول أهل القرى المجاورة أن هذه "الشاحنة المتعطّلة" ظلت تعيق طريق السالكين أكثر من ثلاثة أيام سابقة للحادث دون حسيب لمن اكتفى بإرسال "شاحنته" مندوبا للموت والحزن وفجيعة أسرة ومحبين.
قدّم "عبدالله بن سليمان" الشيخ والإنسان -رحمه الله- في موته مع ابنه " سلطان" -تغمده الله برحمته- للجموع التي تقاطرت للعزاء اكثر من درس وعبرة. ولم يكن الدرس الأوحد أن يتوافد على مجلس العزاء علماء دين وشيوخ قبائل ووجهاء ذوي شأن لأن الراحل "شيخ" وسليل "شيوخ". ولكن أحد أهم الدروس هو مشهد العمّال المعزين وهم يبكون ويترحمون على "عبد الله بن سليمان" نصير الضعفاء والمتحدّث بلسانهم في مجالس "الكبار" والمسئولين. اختلفت ذات مرّة مع "أبو سلطان" "يرحمه الله" في موضوع عام كان له فيه رأي وموقف ، وكان عندي فيه معلومات وشهود ، فأشاح عني وصدّ معذورا بحساسية مشاعره، ولما التقيته مرة أخرى وكان قد تبيّن له بعض ما عندي سلّم وهشّ وبشّ ولما أبديت له عتبي وعذري "اغرورقت" عيناه بالدموع وكانت تلك الدموع رسول قلبه إلى قلبي فلم اعد للموضوع معه حتى فارق دنياه.
الموت حق والعزاء لكل محب للفقيدين وخاص العزاء لك يا "أم سلطان" العمّة والحبيبة ولأبنائك وبناتك وأسال الله أن يهبكم جزاء الصابرين ويخلفكم في الفقيدين صلاح الدنيا والدين ، والمواساة الحارة للإخوة "علي" و"عبدالرحمن" و"سعيد"، وبحول الله لن ينقطع عمل الوالد بوفاته فأنتم البررة الصالحين تدعون وتتصدّقون، وأخصك "يا علي" بالدعاء إلى الكريم القدير جلّ في علاه أن يفرّج عنك ما أنت فيه، ويقرّ عيني أمّك بك مجاهدا في برّها حتى تلقى الله راضيا مرضيا.