حُييت يـــا عُـمرُ
حُييت يـــا عُـمرُ
بقلم الأستاذ الدكتور / صالح بن علي أبو عرَّاد
المشرف على اللجان الثقافية في تُنومة
المشرف على اللجان الثقافية في تُنومة
الحمد لله القائل : { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ، والصلاة والسلام على من خير من بذل وأكرم من أعطى ، أما بعد ؛
فقد شرفني العالم الفاضل والمؤرخ الكبير والباحث المتميز الأخ الدكتور / عمر بن غرامة العمروي بخطابٍ كريمٍ أرسله إليَّ منذ عدة أشهرٍ مضت مُعلمًا ومعلنًا فيه عن تبرعه السخي بمحتوى مكتبته الخاصة التي يزيد محتواها عن ( ثلاثة عشر ألف ) كتاب لتكون إهداءً شخصيًا منه لمسيرة الثقافة في محافظة تُنومة مُمثلةً في ( اثنينية تُنومة الثقافية ) ، ومكتبات ( اللجان الثقافية ) في تُنومتنا الزهراء ، ومكتبة ( المركز الثقافي الحضاري ) المزمع إنشاؤه في تُنومة قريبًا بإذن الله تعالى .
وفيما يلي أستميح شيخنا الفاضل والإخوة القراء الأكارم في أنني لن أتطرق في مقالي هذا لعبارات الثناء والمديح التي - لا شك ولا ريب ولا جدال في أن شيخنا ( العمروي ) يستحقها بكل جدارةٍ على مبادرته ( العمروية ) الفريدة التي يصدق فيها قول الشاعر :
بادر الخير إذا ما كنت مقتدرًا = فليس في كل حين أنت مقتدر
وسأكتفي بما كتبه وعبَّر عنه غيري من أبناء تُنومة الأفاضل الذين تقبلوا هذا النبأ بالترحيب والتقدير والشكر والثناء ، والاعتراف بجميل الفضل ورائع العطاء ولاسيما أنه تبرعٌ غير مسبوق لأن من يتبرع بمكتبةٌ عامرةٌ تضُم أُمهات الكتب في مختلف العلوم والفنون والمعارف لا يُمكن أن يُقارن بغيره من المتبرعين الذين قد يتبرعون بغيرها فالمُتبرع بالكُتب إنما يتبرع بأغلى ما يملك ، ويجود بأنفس ما يُمكن أن يجود به الإنسان .
وهنا أقول : إن ليَّ بعض الوقفات التي لا بُد أن أدونها للتاريخ حول ما قام به شيخُنا ( العمروي ) من عملٍ جليلٍ لا يُقدم عليه إلاّ من كان في مثل منزلته ومكانته وقامته التي لا يُنكرها إلاَّ جاهلٌ أو مُكابر . ولعل من أبرز تلك الوقفات ما يلي :
( أولاً ) أن هذه المبادرة الرائعة الرائدة لا يُمكن أن تصدر إلا من العُظماء الذين يحملون بين جنباتهم أنفُسًا كريمةً تدفعُهم للبذل والعطاء ولا سيما في مثل هذه الجوانب الحياتية التي قلَّ من يتنبه إليها ويحرص على اقتناصها.
( ثانيًا ) أن هذا التبرع إنما جاء دعمًا حقيقيًا ومعنويًا لمسيرة الثقافة في جزءٍ غالٍ من بلادنا الحبيبة ، ويحتاج منّا جميعًا أن نُثمنه ، وأن نُحسن استثماره لأنه جديرٌ بالعناية والاهتمام ولاسيما أنه تبرعٌ يخدم الأجيال الحاضرة والقادمة بإذن الله تعالى .
( ثالثًا ) أن هذا الإهداء الكريم ليس موجهًا لشخص بعينه ، ولكنه موجّهٌ لأبناء وأهالي تُنومة الزهراء ( على وجه العموم ) من شيخنا الكريم الذي قال في خطابه أنه يرتجي أن تكون هذه الهدية مصدرًا ومشعلاً للباحثين في المنطقة ، وأنه يطمع أولاً وآخرًا في أن تكون ذُخرًا وصدقةً جاريةً وأجرًا وثوابًا له ( بإذن الله تعالى ) يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ؛ فلا أقل من أن نرفع أكُفنا إلى الله تعالى بالدعاء له بخيري الدنيا والآخرة وأن يجعله في موازين الحسنات لكل من قام به وأسهم في تحققه والإفادة منه .
( رابعًا ) أن من حق شيخنا ( العمروي ) أن تُسمى المكتبة باسمه اعترافًا بفضله وتقديرًا لمُبادرته وسبقه ، ولاسيما أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاقه الكريمة تحُثنا على أن نقول للمُحسن أحسنت ، وأن ننسب الفضل لأهله انطلاقًا من معنى قوله تعالى : { هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ } .
وختامًا / أسأل الله تعالى وهو الذي لا يُضيع أجر المحسنين أن يجزي شيخنا خير الجزاء ، وأن يكتب الأجر والثواب له ولكل من أسهم ويُسهم في مثل هذه المشاريع الخيرية النبيلة السامية التي يتعدى نفعها صاحبها إلى غيره ، ويتجاوز مردودها الحاضر إلى المستقبل . كما أسأله ( جل جلاله ) أن يوفقنا جميعًا لأن نكون ممن يُجري الله الخير على أيديهم وألسنتهم ، ويكتب الثواب لهم في سرهم وعلانيتهم ، وأن يجعل ما نقوم به في مرضاته سبحانه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .