نفسيات في مهب الريح
نفسيات في مهب الريح
عبدالله محمد فايز الشهري
" الحياة مدرسة" عنوان حكمة قالها الأولون ومضوا , ولا شك أن هذه المقولة هي نبراس وعنوان لكل التجارب في الحياة وهي قاعدة ذهبية خرجت من رحمها كل التجارب الناجحة وغير الناجحة,فكل علم وكل خبرة في الحياة لا شك أنها نتاج تجربة ناجحة سواءً لنا أولأناس سبقونا تم إكتسابها من فيض دائرة معارف مدرسة الحياة الكبرى,ولهذا تبقى مدرسة الحياة هي المدرسة الوحيدة التي تكون أبوابها مشرعة على مدار الساعة بشكل متصل حتى نهاية العمر فلا غنى للإنسان عنها مهما نهل من المدارس التقليدية , ومن هذه الحكمة نستخرج الكثير من الكنوز ونأخذ منها بذرة نغرسها في بساتين حياتنا اليومية نستلهم منها العبر ونتخطى بها الصعوبات حتى وإن كانت سيئة وعديمة الفائدة إلا أنه يتوجب علينا أن نتعلم الحذر من أضرارها ثم نجتثها من حياتنا ونهيل عليها حفنة من تراب النسيان ونمضي , وهكذا هي الحياة كالأرض تخرج لنا من خبئها نبات مختلف أشكاله منه الضار ومنه النافع بإذن الله تعالى وكذلك هم البشر قد نتعرف على بعضهم في حين لاتربطنا بهم صلة أو سابق معرفة ولكننا لا نجد إلا أن نقف لهم إحتراما وهم يصنعون السرور بألسنتهم ويبتسمون لنا ابتسامة مشرقة فنأنس بهم ونبحث عنهم عندما نفتقدهم فنجدهم كالمصابيح المضيئة في دجى الليل البهيم ونزداد تعلقا بهم وبأخلاقهم التي رفعت من قدرهم وشأنهم وأوجدت لهم في قلوب الآخرين محبة ومكانة تسمو وتزداد رفعة ورسوخاً كل يوم , وعلى النقيض تماما نجد أناس قد جمعت بيننا وبينهم علاقة فرضها علينا أمر ما في زمن ما حتى وإن كنا على بعد منهم لايطويه بيننا وبينهم سوى مشقة السفر ولم يسبق لنا أن إلتقينا بهم ولو لمرة واحدة في حياتنا كما هو الحال اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات أو غيرها من المواقع التي تفرض التواصل بين الناس في كل مكان من العالم لغرض الفائدة المتبادلة فنأتي من فرط عفويتنا وسجيتنا المطلقة التي جبلنا عليها لنسدي لهم من فيض مشاعرنا تقديرا وترحابا فيقابلوننا بحثو التراب في وجوهنا دون سبب مقنع وكأننا المداحون في بلاط السلطان , فنقف حائرين مع أنفسنا نمطرها بوابل من الأسئلة مبطنة بلوم شديد على ماحدث فلعلنا لم نحسن الاستقبال , فتجيب بصراحة تامة قائلة فتش عن الآخر فنعاود الكرة تلو الكرة ونحن لا نزال نمدد أيدينا لعلها تجد من يصافحها فلا نجد إلا أيد تستنكف وتأبى المصافحة حتى نكتشف أن السذاجة أحياناًً قد أوقعتنا في مأزق الثقة العمياء فيما لاتزال أيدينا ممدودة وفيها رسالة مودة لم تجد من يقبلها , بعدها نتيقن أنه قد خاننا تقدير وضع الحالة التي على الطرف الآخر وما تحمله لنا من عداوة وبغضاء لا تخفى علينا ومحاكمة غيابية غير عادلة وتبقى الأسباب فيها مجهولة ولا مجال فيها للاستئناف لأننا لا نجيد قراءة تعابير الوجوه وما تعنيه في علم النفس لكل من يواجهنا من البشر قبل أن نضع حجر الزاوية لتلك العلاقة وندق في الأرض وتداً لتوثيق عرى أواصرها ونطلقها محبة في الله صادقة وتكون المفاجأة أن السبب الحقيقي في فشل تلك العلاقة قد يكون مع الأسف وكمثال وليس للحصر معلق على مشجب إختلاف في ميول رياضي لا علاقة له بالأمور الأخرى التي يختلف فيها الناس ويتفقوا على ما هو أكثر أهمية ونفعاًً منها دون أن يكون لها تأثير على علاقاتهم ببعضهم البعض ولكن حينما يكون المعيار الذي على أساسه تبنى العلاقة وتهدم في قاموس البعض من الناس على هذا النحو فإنه لا يختلف كثيراً عن مبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي حتى أصبح عند البعض قضية لا مساومة عليها وربما يخسرأقرانه المقربون منه بمقتضى لائحة هذه القاعدة الرسوبية التي وضعت أوزارها في مصاب أنهار التعصب الأعمى وترسخت في أذهان الكثير بمفهومها الخاطئ والنظرة القصيرة للأشياء دون البحث عن جوهرها ومن هنا جاء طرح مثل هذه الحالة كونها واحدة من تجارب الحياة لعرضها على منطق الحكمة التي جسدها هذا البيت الشعري الرائع في تنظيم العلاقة بين الناس إذ يقول(إبل الرجال إذا أردت إخاءهم *** وتوسمن أمورهم وتفقد ).
وليس بالضرورة أن تكون ردة الفعل وخيبة الأمل قد جاءت إنزعاجاًً أو غضبا ً من أحد لهذا السبب ولكن من أجل التنبيه من خطورة الاندفاع نحو الآخرين دون معرفة معادنهم ونفسياتهم حتى لايتم الوقوع في نفس المأزق الذي يتطلب التعامل مع كل حالة على نحو ما عناه بيت الشعر آنفاً لأن في المجتمع نماذج كثيرة بهذا المستوى السطحي من التفكير تمارسه بكل صفاقة حتى وإن حط من قدرهم أو أعطى عنهم صورة سلبية في المجتمع والله المستعان.
وليس بالضرورة أن تكون ردة الفعل وخيبة الأمل قد جاءت إنزعاجاًً أو غضبا ً من أحد لهذا السبب ولكن من أجل التنبيه من خطورة الاندفاع نحو الآخرين دون معرفة معادنهم ونفسياتهم حتى لايتم الوقوع في نفس المأزق الذي يتطلب التعامل مع كل حالة على نحو ما عناه بيت الشعر آنفاً لأن في المجتمع نماذج كثيرة بهذا المستوى السطحي من التفكير تمارسه بكل صفاقة حتى وإن حط من قدرهم أو أعطى عنهم صورة سلبية في المجتمع والله المستعان.