×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

ما الذي يشغل الإنسان الغربيّ وأضاعه الفتى العربيّ؟


د. فايز بن عبدالله الشهري

ليس هناك أحكام وتصورات كليّة يمكن أن تنطبق على كل الناس في كل الأوقات. وليس كل فرد في الغرب بالضرورة منظّما مكتفيا يمارس حياته دون مشكلات. وفي المقابل ليس كل (فرد) عربي بهذه الصورة السلبيّة كما تحاول أن تظهره بعض الكتابات والدراما حتى لو كانت الصورة السلبيّة العامّة للفرد العربي واضحة في الإنتاج والالتزام واحترام القانون. ولكن تبقى الانطباعات التي كوّنتها التجارب والملاحظات وتكرار السلوكيّات ونمطيّة التصرفات محددا أساسا في تكوين نظرتنا عن أنفسنا ومن حولنا ومن ثم تشكيل كثير من مواقفنا وتعاملاتنا مع بعضنا ومع الآخرين المختلفين ثقافة ودينا.

في متعة القراءات وتأملات المشاهدات بقيت تستهويني - وربما مثلي كثيرون - عادة التمعّن ولعبة المقارنات بين الشعوب والثقافات خاصة في مجالات توجهات القراءة والعادات اليوميّة وأنماط الاستهلاك وطرق التفكير وبالطبع أساليب مواجهة وإدارة المشكلات الحياتيّة. وبالطبع فإن قياس ورصد مثل هذه الأوضاع صعب في عالمنا العربي وبشكل خاص قبل ثورة التواصل الاجتماعي عبر وسائط التقنية. وعلى العكس في الغرب فكل ما على المهتم بهذه القضايا انتظار نشر القوائم الدوريّة لأكثر الكتب مبيعا واكثر البرامج جماهيريّة وحجم المبيعات لتلك البضائع والأدوات ونحو ذلك. وهكذا ومن خلال هذه المؤشرات الغائبة تماما في عالمنا العربي كان من السهل قراءة شخصيّة الإنسان الغربي ومعرفة تطلعاته ورؤيته للحياة وطرق استمتاعه بها.

ومن قُدّر له معايشة الإنسان الغربي سيجده في غالب أحواله منصرفا لشأنه يتفنن في أساليب إدارة شؤون معيشته وهواياته بمسؤوليّة شخصيّة كبيرة تسنده في ذلك بالطبع مرافق ومؤسسات ونظام خدمات عامة يقدّم له معظم احتياجاته بشكل مقبول يحترم وقته وانتماءه للمجموع دون تفرقة. أمّا في عالمنا العربي فتعتبر الهويات "نكتة"، والعادات الصحيّة الشخصيّة وسوسة، ونرى الخدمات النظاميّة الروتينيّة من المؤسسات الرسميّة "منحا"، يتكرّم بها الوزير والمسؤول على "المراجع". وبالطبع سيظل هذا المواطن رهن رضى الموظف (المسؤول) المكلّف - نظريّا - بخدمته ونراه يقف متذلّلا وهو يدعو له ويسترحمه كيما يعطيه حقه متحسّرا.

وببحث هذه الحالة العربيّة خارج أقواس الحقوق والواجبات نجد الفرد العربي (قاصدا متعمّدا) مساهما رئيسا في خلقها وتكريسها لأنه يعلم في قرارة نفسه أن (انتقاص) (حقوقه) مردّه إلى ثقافة إداريّة ومجتمعيّة قبلته هو وقبلت منه (الزهيد) من الأداء لدوره في (واجبات) العمل والإنتاج وأساليب التعامل مع الحياة والناس. وللدلالة على ذلك نجد المواطن العربي - بخلاف الغربي - لا يؤدي واجباته نحو المجتمع ولا يتوقّع ان له دورا في المبادرة بما تفرضه أصول المواطنة والانتماء للمجتمع بغض النظر عمّا يعانيه لأن ممارسة لدوره واستشعاره للمسؤوليّة الفرديّة تؤسس لبداية التغيير على مستوى تربية الفرد القادم ومن ثم المجتمع المنشود.

وإن أردت بحث سؤال ما الذي يشغل الإنسان الغربي وأضاعه الفتى العربي فابحث في قوائم ترتيب النزاهة والإنتاج والحريّات وجودة الحياة وزد معها الاختراعات والحقوق، وإذا انتهيت فاسأل عن أحوال مواطني سبع دول عربيّة تحتضر وسبع أخرى تنتظر، وكل عام وأنتم بخير.

* مسارات..

قال ومضى: لا أعْرفُ الحَقيقَةَ ولَكنّي أجَرّبُ المفَاتِيحَ حَتّى أفْتَحُ بَابَها.


صحيفة الرياض ...
 0  0  6505