×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الدولة .. والسياحة


في موسم صيف هذا العام لا يمكن إخفاء واقعنا السياحي المؤلم.. بعد أن تعذر على السعوديين السفر إلى الدول التي كانت أكثر وجهة لقضاء اجازات الكثير منهم في كل من مصر وسوريا ولبنان وذلك نظراً للأحداث التي تعيشها تلك الدول.
وهو ما كشف المستور في الداخل وأسقط شعارنا الذي كنا نرفعه لمهاجمة الرحيل إلى الخارج وتشجيع السياحة المحلية.
في هذا العام كانت الصورة كفيلة بإيضاح المقارنة في اختبار لم يكن في الحسبان. حيث نجد إنه لا توجد مشاريع سياحية تستوعب مختلف الشرائح والامكانيات الفردية والأسرية.
وبنظرة سريعة على الأماكن تغيب فرص الاستمتاع بشواطئ المدن بسبب سيطرة المستثمرين ومساكن المقتدرين. الذين استفادوا من فرص الغفلة والفساد في فترات من الزمن الماضي. ومع ذلك لا يمكن دخولها وقضاء بعض الوقت فيها سواء للسكن السياحي أو تناول جزء من وجباتها إلاَّ لمن تمتلئ جيوبهم وبطاقاتهم بأرصدة عالية من النقود.. ولا علاقة لهم أو لأحد من أسرهم ببرنامج حافز!!
وفي داخل المدن التي تتوافد إليها السياحة المحلية تزداد سخونة أسعار الإسكان وكل الخدمات في مشهد الاستغلال الذي يعصف بميزانية رحلة المواطن التي تتحول إلى الإفلاس في أيام معدودة لا يلبث بعدها إلاَّ شد الرحال والعودة إلى المنزل.
لكن كيف يمكن ان يتغير هذا الوضع السياحي الداخلي المؤلم؟
هنا يمكن القول : ان القطاع الخاص قد اخفق في الاستثمار الأمثل والمطلوب في هذا الجانب. ولم يستطع التخطيط لأكثر من تحديد الهوية السياحية في الشقق المفروشة بشكل مفرط وفوضوي وغير منظم.
وذلك إلى جانب المشاريع الفندقية . ونجح فقط في رفع سقف الاستغلال غير المبرر للأسعار.
ومن ثم فإنني اعتقد انه قد حان موعد دخول الدولة في مشاريع سياحية على نطاق واسع في المدن السعودية وخاصة في مناطق الاصطياف.. واستثمار صناعة هذه الخدمة من خلال توزيع طاقاتها الاستيعابية ومستويات أسعار فئاتها ومجالاتها في شكل قرى سياحية متعددة المرافق الترفيهية تلبي احتياجات كل المداخيل الاسرية حسب تصنيفاتها. ومن ثم وضع الخطط والاستراتيجيات التي تضبط الإدارة والتشغيل والصيانة وجوانب الخدمة بما في ذلك النقل وبرامج الترفيه. وهي مشاريع ستكون مربحة للدولة من جانب. وقادرة على استقطاب السياحة الداخلية والخارجية من الجانب الآخر حتى وان كانت بأسعار تشجيعية لتوطين هذه الصناعة التي أصبحت من الركائز الأساسية في استثمارات الكثير من الدول.
كما انها سوف تعمل على استقطاب العديد من الشباب والشابات من أبناء وبنات المملكة الذين مازال القطاع الخاص يتملص من توظيفهم.
ومن التناقضات ان تكون أسعار المستثمرين السعوديين في الخارج أقل سعراً من مثيلاتها التابعة لهم في الداخل وذلك في بلدان يدفعون فيها الضرائب وتوظيف أبناء تلك البلدان!! في حين يحصلون هنا على القروض الحكومية واحياناً منح أراضي المشروع دون أرباح أو ضرائب يدفعونها للدولة. ومع ذلك "يعصرون" المستهلك السعودي.
ومن ثم ومن خلال هذه التجربة القائمة والمؤلمة للمواطن مع القطاع السياحي في بلادنا. فإنني اجزم انه لو تم إنشاء وزارة للسياحة وتم دخول الدولة في اقامة واستثمار مشاريع سياحية في المدن السعودية لأصبح الوضع مختلفاً.. خاصة إذا ما تم توظيف أماكن من الآثار التاريخية لهذه المشاريع.

ناصر الشهري
مدير تحرير البلاد
 0  0  2242